حصل لنتنياهو امس ما حصل لكثيرين قبله، وله نفسه ايضاً، في ولايته السابقة كرئيس للوزراء. فقد صعد الى الطائرة مخلفاً دولة هادئة نسبياً. وعندما هبط، هبط معه النبأ عن عملية اجرامية. صعد الى الطائرة بمزاج ما ونزل منها بمزاج آخر تماماً.
العملية في الخليل لا تغير الكثير من جوهر القمة. بل انها تضيف فقط مفعولاً لمطالب نتنياهو الامنية، التي قرر في كل الاحوال وضعها في مركز تصريحاته هنا. وبالطبع، هذا يزيد قدرته على المساومة في قضية تجميد البناء. يمكنه أن يشرح للامريكيين بانه عندما يكون المستوطنون هم ضحايا «الارهاب»، فان الجمهور «الاسرائيلي» سيجد صعوبة في أن يسلم بقرار استمرار تجميد البناء. بكلمات اخرى، العملية، مع كل الاحباط الذي تثيره، مع كل الغضب، تعطي رئيس الوزراء سلاحاً تكتيكياً واعلامياً. ليس الفلسطينيون وحدهم مَنْ يأتون كمظلومين الى واشنطن، بل «اسرائيل» ايضاً.
ابو مازن سيشجب العملية، ليس في ذلك شك. وفي كل ما يتعلق ببيانات الشجب لا يمكن لـ «اسرائيل» أن تنزل عليه باللائمة، ولكنها يمكنها أن تسأل هل «السلطة» هي جهة مصممة بما فيه الكفاية، قوية بما فيه الكفاية، كي تمنع وقوع عمليات بعد تحقيق الاتفاق. في الماضي ايضاً كل نقلة في المسيرة السياسية جرت جهداً مضاعفاً لمحافل «الارهاب»، للتخريب، للقتل والتفجير. اذا كانت العملية أمس تثبت شيئاً، فانها تثبت أنه خلافاً للتوقعات المنخفضة للشارع «الاسرائيلي» والشارع الفلسطيني، ثمة من يؤمن بين محافل «الإرهاب» بأن هذه القمة كفيلة بان تجلب نتائج.
نتنياهو سافر الى القمة مع الكثير من الادرينالين في دمه. في اثناء الرحلة الجوية فعل الكثير كي يبث الاستعداد، وتقريباً الحماسة، قبيل بدء المفاوضات المباشرة، وتفاؤلاً بموجبه اذا رغب ابو مازن بالسلام فان الاتفاق سيتحقق في غضون سنة.
نتنياهو مستعد للحديث في كل شيء (القدس، ليس صدفة، امتنع عن ذكرها صراحة) ومستعد لأن يضبط نفسه عندما يعرض الفلسطينيون على مسمع الامريكيين وثيقة ادعاءاتهم.
نتنياهو يفضل التركيز على مسألة كيف سيتصرف الفلسطينيون في المفاوضات. ولكن ما يقلقه حقاً هو كيف سيتصرف الامريكيون. كم سيكونون ضالعين وفي صالح أي طرف.
وهو يرد الادعاء بانه جاء الى واشنطن فقط كي يلقي بالذنب عن الفشل على الطرف الآخر. في لعبة الذنب، يقول، يوجد خاسرون فقط.
[**ناحوم برنياع | «يديعوت» | 1 ايلول (سبتمبر) 2010*]