الجمعة 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017

سلاح المقاومة في ملف المصالحة

الجمعة 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 par علي بدوان

المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة لا يمكن تحقيقها بكبسة زر، فهناك الكثير من الملفات التي يجب حسمها، والتي يُفترض بأن تجد حلولها بالتدريج. ويعتقد الكثيرون بأن ملف المقاومة الفدائية العسكرية المسلحة، سيكون من الملفات العويصة في مسار عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية المنشودة. فالملف إياه إشكالي، بالرغم من توافق الجميع في عموم قوى وفصائل الحركة الوطنية الفلسطينية على مبدأ حق ممارسة المقاومة بكل الأشكال المُمكنة للشعب الواقع تحت نير الاحتلال.
وتقول مصادر فلسطينية إنَّ موضوع سلاح الفصائل غير مطروح للنقاش الآن، بل حتى التوصل إلى “اتفاق شامل مع دولة الاحتلال يؤدي لتكريس حل الدولتين واقعا ملموسا على الأرض”، وإنَّ القاهرة هي الضامن لمنع وقوع مواجهة في المرحلة الجارية، وهو ما يعني عمليا أن ملف المقاومة الفدائية العسكرية المسلحة لن يُطرح الآن. علما أنَّ مسألة المقاومة من وجهة نظر الاحتلال ليست محصورة في السلاح، بجميع أنواعه، حيث تطالب دولة الاحتلال بتفكيك البنية التحتية الكبيرة للمقاومة في القطاع، وتشمل مواقع تدريب ونقاط مراقبة حدودية، وأيضا أنفاقا ومواقع للتصنيع ولحاجات لوجستية وتقنية، بل يشمل من وجهة نظر دولة الاحتلال كل أعمال المقاومة الشعبية السلمية الخالصة، والسياسية، والإعلامية، وما تسميه دولة الاحتلال بــ”التحريض”.
لقد أكّدت حركة فتح على ما أوردناه أعلاه، وأشار إلى ذلك عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، الذي قال “إن مبدأ نزع السلاح من أي فصيل فلسطيني، غير وارد بالنسبة للسلطة الفلسطينية”. وأضاف: “نحن نرى السلاح ضرورة والمقاومة واجبا، ولكننا نسعى إلى أن يكون قرار استخدامه بموجب قرار جماعي وطني، وأن يَصدُر من رأس واحد وليس من رأسين”. وأوضح عباس زكي، أنه في مواجهة “عدو إسرائيلي يسلح المستوطنين، لا نطلب من حركة حماس أو حركة الجهاد أو غيرهما من الفصائل نزع السلاح، بل يجب أن يعلم القاصي والداني أننا لم نُسقط قرار الكفاح المسلح، ولكن نطلب أن يكون قرارا وطنيا”. الموقف ذاته عَبّر عنه مسؤول حركة فتح السابق بالقاهرة، بركات الفرا، الذي قال “إن المصالحة لا تستهدف نزع سلاح حركة حماس، غير أنه يجب أن يكون هناك سلاح واحد فقط، ويكون قرار المقاومة صادرا من منظمة التحرير الفلسطينية، وبشكل جماعي، وأن يكون مُعبرا عن الفصائل كافة، لأنها مسألة تتعلق بالمشروع الوطني الفلسطيني، وإلا فستكون المسألة أقرب إلى الفوضى”. وبشأن مسألة اعتراف حركة حماس بكيان دولة الاحتلال قال عباس زكي “نحن لا نعمل عند إسرائيل، وإنه يجب على حكومتها وحزبها صاحب الأغلبية، أن يعترفا أولا بفلسطين، وليس مطلوبا من حركة حماس أو من غيرها الإقدام على خطوة الاعتراف بمحتل غاصب، وعلينا مطالبة العالم بسحب اعترافه بإسرائيل، استنادا إلى القرار 181 للأمم المتحدة المتعلق بتقسيم فلسطين، خاصة أن تل أبيب لا تعترف بحدود لها… فعلى أي أساس اعترفت بها دول العالم”؟
كما أكّدت كتائب شهداء الأقصى في القطاع والتابعة لحركة فتح، والتي تعمل تحت (لواء الشهيد نضال العامودي)، ومعها حركة المقاومة الشعبية في فلسطين “أن سلاح المقاومة خارج كل النقاشات والحوارات الفلسطينية أو الدولية، وهو سلاح كفلته كافة القوانين الدولية، لأنه شرف الشعب ودرعه الحصين ضد الاحتلال الإسرائيلي”. وقال الناطق العسكري باسم الكتائب أنَّ “سلاح المقاومة هو الشرعية التي كفلتها كافة القوانين الدولية، للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني وترابه المحتل”. وأضاف “الوحدة الوطنية أساسها الحفاظ على سلاح المقاومة وبحث تطويره، لحماية أبناء شعبنا من المحتل وتجسيد العمل المشترك لإنهاء وجود الاحتلال فوق أرض فلسطين”.
بينما أكد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية خلال المؤتمر السنوي السادس بعنوان “فلسطين.. رؤى استراتيجية سياسية”، قال “نحن ذاهبون إلى المصالحة التامة، ومخطئ كل من يُفكّر في إفشال المصالحة”، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك فرصة حقيقية لإنهاء الانقسام بفضل قوة الدفع من جميع الأطراف. واعتبر أن من الخطأ وضع عثرات في طريق المصالحة والحديث عن سلاح المقاومة، موضحا أن السلطة والحكومة لها أدواتها وأجهزتها لضبط الأوضاع الداخلية والمقاومة على الحدود لمقاومة الاحتلال. وشدد على “أنَّ سلاح المقاومة خارج أي اتفاق، وحماس تريد فصلا طبيعيا لسلاح المقاومة وسلاح الأجهزة الأمنية”. وبيّن خليل الحية “أنه من الخطأ أن نضع سلاح المقاومة في أي اتفاقٍ قادم” متسائلا “لماذا نعود اليوم إليه لتسميم الأجواء”؟. ونوه خليل الحية إلى أنه يجب الاتفاق فلسطينيا على الحالة التي يمر بها الشعب الفلسطيني قائلا “هل نحن في مرحلة دولة أم مرحلة تحرر وطني؟”، مشيرا إلى المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية وغير الشعبية والعمل الدبلوماسي وغير السياسي ضروري وهام في المعركة مع الاحتلال. و”أن الشعب الفلسطيني قادر على اتخاذ وسائل لمقاومة الاحتلال في كل مرحلة”.
إن المعلومات المؤكدة، تقول بأن “مسألة سلاح المقاومة لم تكن مطروحة من قبل أي طرف فلسطيني، ولا في أي محطة من محطات الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني لا سابقا ولا حاليا، فدور سلاح المقاومة مُكمّل لمختلف وسائل العمل الكفاحي، وهنا إنَّ سلاح كتائب القسام وغيره من أسلحة القوى والفصائل سيكون عند الجميع مصونا تحت قرار وطني واحد، وأن قرار المواجهة هو قرار جماعي وليس قرار طرف فلسطيني واحد.
وفي سياق الحديث عن ملف سلاح المقاومة، نُشير بأن اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة يوم الخميس في الثاني عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2017، أكد التوافق على جملة من القضايا، كأن أبرزها أن قَضَت بدمج ثلاثة آلاف عنصر في الأجهزة الأمنية في قطاع غزة كمرحلة أولى، تليها مرحلة ثانية بثلاثة آلاف، وثالثة بألفين، مع تسليم اثنان وعشرين موقعا عسكريا أقامتها فصائل المقاومة على طول الشريط الحدودي بين القطاع وفلسطين المحتلة. وفي حال تم ذلك، فإن الاحتكاك المُباشر وعمليات الرصد والمتابعة ستواجه بعوائق كثيرة، خاصة في حال أتمّت إسرائيل بناء الجدار العازل على الحدود، حيث يُفترض بحكومة الحمدالله أن تتسلم المعابر والحدود وتكون بيد قواتها الأمنية الشرعية. فالقوات الأمنية الشرعية هي التي ستمسك المعابر والحدود.
على كل حال، إنَّ قطار الوحدة الوطنية الفلسطينية، وطي ملف الانقسام أقلع في محطته الأولى، وعليه أن يتابع السير وصلا إلى مبتغاه في استعادة الوحدة، وحدة الإرادة، ووحدة البرنامج، ووحدة القرار، ووحدة المؤسسات الوطنية الجامعة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165529

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165529 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010