الجمعة 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2017

صفقة ترامب وخطة نتنياهو ومتاهة عباس

الجمعة 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 par عوني صادق

ما زال الحديث عن «صفقة ترامب» أو ما يسمى «صفقة القرن لإحلال السلام في الشرق الأوسط» يطفو على كل حديث يتصل بحل الصراع العربي- الصهيوني أو ما أصبح يطلق عليه «النزاع الفلسطيني- «الإسرائيلي»». فبالرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتعرض بكلمة واحدة لهذا الصراع في خطابه الذي ألقاه مؤخراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في جلسة حكومته المصغرة بعد عودته من نيويورك ولقائه بالرئيس الأمريكي 18/ 9 /2017، قال: «الرئيس ترامب يعمل على خطة سلام وهو مصمم على تحقيقها»، والشيء نفسه نسب إلى دبلوماسيين غربيين قالوا: إن الرئيس الأمريكي مصرُّ على «إحلال السلام في الشرق الأوسط» من خلال «صفقة القرن». كذلك في اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، كما ذكرت التقارير المسربة عن اللقاء، أنه قال له: إن «السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيكون إنجازاً رائعاً»، وأضاف: «نحن بالتأكيد نسير في هذا الاتجاه، وهناك فرصة جيدة لتحقيقه»! لكن المستفاد من كل تصريحات وأحاديث ترامب، هو أنه حتى اليوم لم يستقر على «خطة» لتحقيق غرضه، بل ترك الأمر مفتوحاً على كل الاحتمالات. وأهم ما قاله إنه«يدعم ما يتفق عليه الطرفان «الإسرائيلي» والفلسطيني، وهو ما يعني في نهاية المطاف تبني الموقف «الإسرائيلي» والمطالب «الإسرائيلية» سواء جاء ذلك تحت مسمى «صفقة القرن» أو «الحل الإقليمي»، وحيث لم يعد الحديث عن «حل الدولتين ذا معنى»!
بالنسبة لنتنياهو، هو عملياً يتبنى سياسة «البيت اليهودي» والمستوطنين، وهؤلاء لا يخفون أنهم يريدون الاستيلاء على كل فلسطين في المدى المتوسط، لكنهم فوراً وفي المدى القريب يتطلعون إلى ضم المستوطنات، وضم منطقة (ج) الخاضعة افتراضياً للسلطة الفلسطينية، ومستمرون في سياسة بناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأرض، على أن يكون الحل النهائي متمثلاً في عملية (ترانسفير) تخلي الأرض من أصحابها الفلسطينيين. وهؤلاء يؤثثون هذه «الخطة» على الأرض وبالقوانين والتشريعات والإجراءات التي تفضي إلى تلك النتيجة. وسياسة نتنياهو هذه ليست جديدة بل بدأت منذ باشرت حكومته الثانية (2009)، وتوسعت مع حكومته الثالثة واتضحت مع حكومته الحالية. وعلى سبيل التذكير، في شباط/ فبراير2017، قام نتنياهو بزيارة رسمية لأستراليا، وقبل مغادرته سألته وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب عن احتمالات حل الصراع مع الفلسطينيين فقال، نقلاً عن القناة الثانية في التلفزيون «الإسرائيلي»، «إن الجيش «الإسرائيلي» يجب أن يحتفظ بسيطرته على الضفة الغربية كلها، وأن السيادة الفلسطينية ستكون محدودة»! وفي مقال لها نشرته (هآرتس- 3/3/3027)، رأت كارولينا لندسمان أن نتنياهو مع ما يسميه (الدولة ونصف الدولة)، والمقصود بذلك أن يكون هناك دولة لليهود ونصف دولة للفلسطينيين! لكن هذا لا يتناقض مع رؤية المطالبين بالاستيلاء على كل فلسطين لأن «النصف دولة» لن تكون سوى جيوب يجري العمل لتهجير سكانها تدريجياً.
أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، فيبدو الأمر أقرب إلى «المتاهة»! فمع التمسك الإعلامي واللفظي بما يسمى «حل الدولتين»، تزداد الأدلة على أن عباس لم يعد يتعامل مع هذا الحل بوصفه «إمكانية قائمة». لهذا تحدث في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة قافزاً إلى «حل الدولة الواحدة» التي يراها في الأفق في ضوء السياسات «الإسرائيلية». صحيح أنه قرن هذا الحل بشرط «الحقوق المتساوية»، لكن هذا أيضاً يظل كلاماً في الهواء! في الوقت نفسه، لا يزال عباس وجماعته يراهنون على «الدور الأمريكي» و«صفقة القرن» وجهود ترامب لتوفير الحل بالرغم من اعترافه أكثر من مرة، أن ترامب والإدارة الأمريكية «لم يبلورا» حتى الآن خطة محددة لتحقيق الحل. إن التدقيق في وضع السلطة الفلسطينية، وفي ضوء تمسكها بالمفاوضات كطريق وحيد للحل يكشف عن حقيقة «المتاهة» التي تعيشها، وتجعل مما يسمى «الحل الإقليمي» الاحتمال الأرجح. لكن هذا الحل، كما سبقت الإشارة، لن يختلف عما تطالب وتسعى إليه حكومة نتنياهو ومن ورائها غلاة المستوطنين. و «ميزة» هذا الحل أنه يوفر للسلطة الفلسطينية غطاء عربياً لن يغطي حقيقة «الصفقة» التي سيتم من خلالها تصفية القضية الفلسطينية، أو ما يعتقد الصهاينة أنها التصفية المنشودة التي يسعون وأنصارهم إليها.
مهما بدت الأمور قاتمة، وبدت الطريق معبدة أمام الساعين لتصفية القضية، وبدت موازين القوى مختلة بشكل مطلق لصالح المغتصبين الصهاينة، فإن الكلمة الأخيرة في الموضوع تظل للشعب الفلسطيني الذي لن يقبل أن تصفى قضيته مهما كان الثمن. وقد يبدو هذا الكلام إنشائياً، لكن الشعوب قادرة على اجتراح غير المنتظر أو المتوقع!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010