السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017

سلة الوعود والمواعيد الفارغة

السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017 par عوني صادق

في العشرين من شهر أيلول الجاري، وضمن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين، ألقى الرئيس محمود عباس كلمة وُصفت بأنها «تاريخية»! كان يفترض أنه الموعد الذي ضربته السلطة الفلسطينية لنفسها ليكون «علامة فارقة» في مسيرتها التفاوضية الفاشلة. وكان هناك من ينتظر موقفاً أمريكياً واضحاً في إطار ما سماه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن) لحل الصراع العربي- الصهيوني، بعد أن غطت زيارات مبعوثيه وجولات مستشاريه فلسطين المحتلة والمنطقة أكثر من مرة. ولم تكن مفاجأة كبيرة أن كلمة ترامب أمام الجمعية العامة خلت من أية إشارة سواء ل(صفقة القرن)، أو للصراع العربي- الصهيوني كله، بينما كان متوقعاً أن يكرر الرئيس عباس ما قاله مرات أمام الجمعية العامة في السنوات الماضية وخارجها ! وفي الحصيلة النهائية لخطابي ترامب وعباس «التاريخيين»، تبين أن سلة الوعود والمواعيد جاءت كالعادة فارغة!
في مطلع السنة الجارية، وفي شهر شباط تحديداً، أدلى سكرتير منظمة التحرير الفلسطينية، كبير المفاوضين صائب عريقات، بتصريح كأنما أريد به في حينه أن يكون رسالة للرئيس الأمريكي الجديد، قال فيه «إن منظمة التحرير الفلسطينية ستسحب اعترافها ب«إسرائيل»، وستلتحق بست عشرة منظمة دولية لمواجهة الاستيطان «الإسرائيلي» في الضفة الغربية والقدس. وقال أيضاً: إن الخطة الفلسطينية تتضمن أيضاً التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة (ربما كان يقصد في دورتها التي انتهت الأسبوع الماضي) لطلب تعليق عضوية ««إسرائيل»» فيها حتى تستجيب للقوانين والشرعية الدولية! وفي الكلمة التي ألقاها الرئيس عباس في الجمعية العامة، لم يأت لا على سحب الاعتراف ب«إسرائيل» ولا على طلب «تعليق» عضويتها في الجمعية العامة. لكنه اعتبر «استمرار احتلال أراضي دولة فلسطين عاراً عليها وعلى المجتمع الدولي» هكذا اتضح أن مسألة الاحتلال هي فقط «مسألة أخلاقية» لكنه في الوقت نفسه وللإنصاف حذر من مغبة استمراره، بل أكثر من ذلك حمّل «إسرائيل» كل التداعيات المتعلقة باستمرار الاحتلال.
ولكن ما هي هذه التداعيات التي يحذر منها عباس؟
«لا يمكننا كفلسطينيين أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الخطر الذي يتهدد وجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا..» هكذا تكلم عباس، وأضاف: «قد نجد أنفسنا مضطرين إلى اتخاذ خطوات، أو البحث في حلول بديلة» للآن «قد» هي سيدة الخطاب، وهي للتقليل وليست للتحقيق، بدليل أن عباس يختم تحذيره بالقول: «وفي ذات الوقت نبقي الآفاق مفتوحة لتحقيق السلام والأمن» وحتى الآن لم يوضح لنا ما هي «الخطوات» التي قد يضطر لاتخاذها، لكنه يشير إليها لاحقاً بقوله: «إن استمرار الوضع القائم سيدفعنا لمطالبة («إسرائيل») بتحمل مسؤولياتها». هل هذا هو كل ما في الجعبة؟ لا، ليس كله. إن عباس وقد يئس من تطبيق «حل الدولتين»، يعلن بأنه «إما الاستقلال، وإما الحقوق الكاملة للجميع على أرض فلسطين التاريخية». هي عودة إذن من «حل الدولتين» إلى «حل الدولة الواحدة» دون «أبارتهايد» بل مساواة في الحقوق للجميع. من لم يستطع الحصول على «الكانتونات»، صار يطالب بكامل الأرض وهو يرى ما يجري تمهيداً لتنفيذ شيء آخر هو «الترانسفير». وكما يقول المثل الشعبي الفلسطيني: «كبر حجره وما ضرب».
شاء أو أبى، لا يبقى أمام عباس إلا أن يستمر في مراهناته على الإدارة الأمريكية. لذلك «يبقي الآفاق مفتوحة»، ويستمع جيداً لما يقوله له ترامب. وفي لقائه الأخير معه في البيت الأبيض، وكما ذكرت صحيفة (هارتس- 24/9/2017)، أطلعه على «خطة جديدة» لتسوية الصراع في إطار (صفقة القرن)، وطلب منه «التروي والتحلي بالصبر وعدم اتخاذ خطوات من شأنها عرقلة الخطة»! ومما لا شك فيه أن عباس وعده بأن لا يفعل شيئاً من ذلك. ما هي هذه الخطة؟ (هارتس) في ما نشرته لم تأت على أية تفاصيل، واكتفت بالقول إن طاقم ترامب لشؤون الشرق الأوسط «يعكف على بلورتها». لكن الأخبار التي تسربت عن «الخطة» تفيد بأنها تتحدث عن «حدود تدريجية»، وهو اسم آخر ل«الحدود المؤقتة» التي سبق للسلطة الفلسطينية أن رفضتها، والتي لم تعد في مخطط حكومة بنيامين وائتلافه وأحزابه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165349

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165349 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010