الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

المستوطنون احق من الفلسطينيين؟!

الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

إن المسرح الجيد يفترض ان يكشف عما يريد الواقع طمسه، وأن يفسر النص وأن يرفع فوق السطح تيارات الأعماق. في نظرة كهذه في رسالة «الفنانين الرافضين» قدرة على أن تكون العرض الأفضل في المدينة، اذا فسرنا معنى النص الحقيقي فقط. اليكم محاولة كهذه : ما الذي تقوله عنا العاصفة العامة الحالية حقاً؟

أولاً ، الصورة الاعتباطية التي أعلم فيها «الممثلون الرافضون» على أنهم رافضو تمثيل. يوجد في «اسرائيل» في 2010 رافضو تجنيد، ورافضو خدمة في المناطق، ويوجد الآن رافضو تمثيل أيضاً. وكأنه كما يجب أن يجند الناس للجيش في سن الثامنة عشرة، من الواجب على الممثل أن يخدم، المعذرة، أن يمثل، في عروض في المناطق. يمكن تأييد الموقف الاخلاقي ـ السياسي الذي يعبر عنه الممثلون، وتمكن مجابهته ـ فهذا وذاك جزء من خطاب ديمقراطي شرعي. لكن البناء العام للموقف الذي يعبر عنه الممثلون على أنه «رفض للأمر العسكري»، وحقيقة أن هذا الأمر يتقبل كأنه مفهوم من تلقاء نفسه، يقول شيئاً ما أعمق واكثر اقلاقاً عن المجتمع الذي نعيش فيه. اذا كان التصور العام السائد أنه من الواجب الخدمة العسكرية والتمثيل في المناطق ـ فاننا جميعاً سواء، أكنا جنوداً أم مواطنين ـ ففي أي مجتمع نعيش اذن؟ متى جند المسرح بالضبط وأصبح جزءاً من جيش الاحتلال؟ في دول يسودها التصور الفاشي يكون المواطنون جميعاً وسائل في يد السلطة، ويجندون جميعاً على الدوام من أجل «الأهداف القومية». وبخلاف ذلك، في دول ذات تصور ديمقراطي، ليس الاحتجاج المدني أمراً مفهوماً من تلقاء نفسه فحسب بل هو ضروري. إن التمثيل في المناطق ليس واجباً قومياً بل هو أمر فيه جدل عام كبير.

نصل هنا الى الأمر الثاني الذي تم الكشف عنه في دار الثقافة في «آريئيل» ألا وهو الاحتلال. أكشف عنه؟ اذا شئنا الدقة، إن ما كشف عنه مرة أخرى هو مأسسة الاحتلال وتعميقه والصمت المطلق عن وضع السكان الفلسطينيين ازاء مصالح «الاسرائيليين».

أجل، المسرح الجيد على خشبة جيدة أمر مهم. لأنه كيف يمكن أصلاً أن تخطر بالبال مدينة عصرية بلا جامعة ومسرح ومئات آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون حولها تحت حكم عسكري؟
ربما يمكن أن نفهم قوة المشاعر التي يثيرها نقاش مسألة أي الممثلين لا يظهرون في «آريئيل». لكن لا يمكن الموافقة على النفاق الكبير لاولئك القادرين على التأثر بهذا الأمر، لكن بقاءنا غير مكترثين تماما لمصير مئات الآلاف من البشر، ممن ليس المسرح الجيد في رأس سلم افضلياتهم لانهم تقلقهم شؤون يومية مثل الحواجز وهدم البيوت والاعتقالات وجوانب كهذه وأخرى للحكم العسكري الذي يعيشون تحته منذ اكثر من 40 سنة، مسألة أخرى.

إن مسرحية اللامعقول هذه ـ أي التفضيل المطلق لمصالح المستوطنين على حقوق الفلسطينيين ـ تعرض منذ سنين كثيرة. إن دار الثقافة في «آريئيل» مشهد هامشي جداً لكنه رمزي في هذه المأساة.

للأسف الشديد ستصحب هذه المأساة حياتنا سنين غير قليلة. في هذه الأثناء، كما ينبغي أن نأمل ستوجد أمثلة أخرى من «الاسرائيليين» الذين يريدون مقاومة الاحتلال. كم هي حسنة كلمات شكسبير في مسرحيته «روميو وجولييت» لوصف المزاج العام الذي يسود «اسرائيل» اليوم : «انه ينطوي على نفسه، يسد نوافذه، وشراعاته في وجه النور، وفي أوج النهار ينشىء ليلاً له». حتى ينزل الستار على الاحتلال «لن نعرف شيئاً من النور ولا حتى في أوج النهار. هكذا تكون الحال عندما تخلق ليلاً لشعب آخر».

- [**حجاي العاد | «هآرتس» | 31 آب (اغسطس) 2010*]

[**♦ (المدير العام لجمعية حقوق المواطن).*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165820

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165820 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010