الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017

«تفاهمات الأضداد».. هل تنجح؟

الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017 par عوني صادق

التفاهمات التي أعلن عنها في القاهرة هذا الأسبوع، بين وفد (حماس) والسلطات المصرية، والتي رحبت بها السلطة الفلسطينية والفصائل، أعادت موضوع «المصالحة الفلسطينية» إلى الواجهة، وأعطت من يريد أن يتفاءل بقرب الخروج من مستنقع الانقسام فرصته، خصوصاً أن (حماس) وافقت على مطالب (فتح) والسلطة الفلسطينية الثلاثة وهي: حل «اللجنة الإدارية» التي كانت قد شكلتها لإدارة القطاع، ودعوة «حكومة الوفاق الوطني» إلى مباشرة مهامها، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، مقابل موافقة (فتح) على إلغاء العقوبات التي فرضتها على القطاع.
بداية، ودون رغبة في تبديد موجة التفاؤل التي سادت الأجواء نتيجة لإعلان (حماس)، نشير إلى أن الحركة في إعلانها قالت: «إن هذا الإعلان يأتي استجابة للجهود المصرية، بقيادة جهاز المخابرات العامة، والتي جاءت تعبيراً عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام». هذا يشير إلى أن الأمر جاء مفروضاً على الحركة، وكان المفروض أن تبادر إلى ما وافقت عليه مرغمة بدافع المصلحة الفلسطينية وليس تحت الضغط. في كل الأحوال، لندع الآن هذه الجزئية المهمة، ولنناقش الأهم.
لقد جاء الإعلان الأخير في أعقاب تفاهم سبقه بين (حماس) والمخابرات المصرية، وقيل في حينه إنه جاء بعد «تفاهمات» تمت بين القيادي الفتحاوي محمد دحلان والحركة، ثم بعده تفاهم بين الحركة والمخابرات المصرية. مع ذلك رحبت السلطة الفلسطينية وحركة (فتح) بإعلان (حماس)، وأعلن الرئيس محمود عباس نيته إلغاء العقوبات، كما أعلن عزام الأحمد، عضو لجنة (فتح) المركزية خطوات وإجراءات ستتم مستقبلاً لاستئناف محادثات المصالحة.
السؤال المطروح الآن، هو: هل تصمد هذه التفاهمات، وهل ستجد طريقها إلى التنفيذ، وبالتالي هل تتحقق المصالحة هذه المرة؟ معروف أن الأطراف الثلاثة المنخرطة في هذه التفاهمات ليست «متفاهمة» منذ سنوات، وإذا كان لكل منها أسبابه في حالتي «التفاهم وعدم التفاهم»، فإن ما جرى يمكن أن نطلق عليه «تفاهمات الأضداد»، ما يحمل مخاطر التعثر والعودة إلى المربع الأول في أية لحظة. فمثلاً، أجبرت أوضاع غزة الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت تهدد بالانفجار حركة (حماس) على قبول ما قبلته. وهي إن كانت قد دعت «حكومة الوفاق» إلى مباشرة مهامها والقيام بواجباتها في القطاع، إلا أنها اشترطت أن تكون «المقاومة وسلاحها» خارج أي مساس، وأن المسائل الأمنية ستظل في قبضتها. والسؤال: «هل تقبل (فتح) والسلطة الفلسطينية مثل هذا الوضع»؟ كذلك، هل انتهت، بعد كل الاتهامات التي كانت مصر توجهها لحركة (حماس) في موضوع الإرهاب وخطرها على (الأمن القومي المصري)؟ وهل حقاً وصدقاً انتهى هذا الخطر؟ وأخيراً وليس آخراً، هناك «شريك رابع» في التفاهمات الحاصلة، وإن لم يظهر في صورة الأخبار هو «إسرائيل» التي يستمر حصارها للقطاع وتستمر اعتداءاتها عليه، ما موقفها من عدم المساس بالمقاومة وسلاحها؟ وهل تقبل أصلاً أن يتفق الفلسطينيون؟ وما هو دور (التنسيق الأمني) في غزة؟ وهل تقبل «ضمانة» مصر في كل هذه الأمور؟
كل تلك الأسئلة تمثل في واقع الحال قضايا ومشكلات مطلوب إيجاد حلول لها ترضي جميع الأطراف المعنية، وليس ذلك بالأمر السهل بل يكاد يكون من المستحيل، وكلها عبارة عن «قنابل موقوتة» يمكن أن تنفجر كلها أو بعضها في وجوه «المتفاهمين»، بل ويستطيع أي طرف من هذه الأطراف أن يسقط التفاهم الذي يتم وقتما يشاء! إن الترحيب والتفاؤل والإعلانات لن تلغي هذه العقبات والقنابل الموقوتة، ولذلك عندما يقال إن الإعلان عنها ليس سوى «خطوة أولى على طريق طويل» يحمل في طياته محاولة لتبريد الرؤوس الحامية بفعل التفاؤل الزائد!
إن إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية مسألتان جوهريتان في الوضع الفلسطيني، لا جدال في ذلك. وعندما تكون «إسرائيل» هي صاحبة الكلمة الأولى في شبكة العلاقات القائمة، وهي كذلك، فإنه من النافل القول إن شيئاً لا يمكن أن يتحقق إن لم يخدم سياسة وأهداف ومخططات «إسرائيل»! تحقيق المصالحة، يتطلب تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات المفروضة ومواقف الأطراف المعنية، والتخلص من كل الاتفاقات والتفاهمات القائمة فلسطينياً وعربياً مع الكيان الكولونيالي العدواني التوسعي العنصري المسمى «إسرائيل»!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010