الجمعة 28 تموز (يوليو) 2017

يا سادات.. لم تعد مشاهد الذل في فلسطين تهز مشاعر أحد

الجمعة 28 تموز (يوليو) 2017 par فوزي رمضان

على طاولة فى مقهى قريب من الشاطئ جلس مجموعة من أبناء الجاليات العربية المختلفة تنتمي للفئة العمرية من الثلاثين والأربعين، بعضهم كان يحتسى القهوة والبعض يدخن النرجيلة، كانوا يتبادلون الحديث فى سب دولة ما ولعن رئيس وتحقير شعب، ومن ثم بعض النكات والحديث عن الهموم وعلى خلفية منهم شاشة تلفاز كبرى معلقة على الحائط تبث مباشرة من إحدى الفضائيات وقائع الأحداث الدامية في محيط المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وقوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بسحل المصلين والتنكيل بهم، كانت مشاهد العنف والإرهاب الإسرائيلي ومشاهد الكر والقتل والفر والجر وقنابل الغاز وأصوات الرصاص، تشد الانتباه وترهف السمع وتأسرالبصر، جلست على مقربة من هؤلاء الشباب أتابع الأحداث بعين على التلفاز والأخرى على رواد المقهى، الأمر المستغرب أن الجميع غير مهتم وغير مبال، ولايعنيه في الأمر شيئا، منشغلون في أحاديثهم ونرجيلتهم ولايفرق معهم ما يذاع، أغنية كانت أم مسرحية أم فيلم أم قتلى أم دمار في أى دولة عربية، تبلدت المشاعر وتحجرت الأحاسيس، استشعرت فيهم حالة اللامبالاة بما يحدث على طريقة (كثرة البكاء تعلم الحزن) معذورون ، فالمشهد متكرر والأحداث ملت العين من رؤيتها.
عندما كنا صغارا لم نسمع عن قضية سوى قضية فلسطين، ولم تكن لنا وجهة سوى القدس وكنا لانسمع ولانشاهد ولانقرأ إلا فلسطين، صحيح أن أنظمة ودولا ورجالات تكسبوا الكثير من تلك القضية وامتلأت كروشهم وعروشهم من المتاجرة بها، وأعتقد أنها لم تحل إلى الآن بدافع المصالح والتكسب والتربح أو استغلالها من قبل بعض الحكام للتغطية على ديكتاتورية حكمهم أوفشل سياستهم في إدارة دفة الحكم فى بلادهم، والآن الجميع ضاع كما ضاعت فلسطين.
استسمحك عزيزى القارئ أن نعود بالذاكرة إلى تاريخ 26 مارس 1979 وهو تاريخ معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، أعقاب اتفاقية كامب ديفيد التى وقعت بين الرئيس المصرى أنور السادات والإسرائيلى مناحم بيجين بمباركة الرئيس الأميركى جيمى كارتر والتى كانت خطوة مهمة فى طريق حل القضية الفلسطينية والتي نصت على إنهاء حالة الحرب بين مصر واسرائيل وعودة السيادة المصرية على سيناء.
وقد كانت هناك بنود أخرى مقترحة للتفاوض في حالة قبول العرب بالذهاب الى المفاوضات كما فعل السادات من أهمها الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى الفلسطينية المحتلة، وإزالة المستوطنات الإسرائيلية طبقا لجدول زمنى، أضف إلى ذلك الغاء نظام الحكم العسكرى والإدارة المدنية الإسرائيلية من الضفة الغربية وقطاع غزة، بمجرد التوقيع على الاتفاقية وانتقال السلطة إلى الحكم العربى على نحو سلمي، أيضا انسحاب إسرائيل من القدس إلى خط الهدنة المبين فى اتفاقية الهدنة عام 1948، طبقا لمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضى بطريق الحرب، على أن تعود السيادة العربية على القدس، وإقامة علاقات طبيعية بين الأطراف بالتوازي الزمني مع تنفيذ الانسحاب الإسرائيلى، ليس هذا فقط بل تعهد إسرائيل بدفع تعويضات شاملة عن الأضرار الناتجة عن العمليات التى نفذتها قواتها المسلحة ضد السكان اوالمنشآت المدنية، وكذلك عن استغلالها للموارد الطبيعية في الأراضى المحتلة، إضافة إلى ذلك اشتراك ممثلي الشعب الفلسطيني في محادثات السلام للتفاوض على نقاط الخلاف للوصول إلى حل واقعي.
لكن ارتفع هدير الحناجر العربية التي وصفت السادات بالخيانة للقضية الفلسطينية والتطبيع مع العدو الإسرائيلى، وتشكلت جبهة الصمود والتصدي ضد مصر بل تم طردها من جامعة الدول العربية 1979 وحصارها ومقاطعتها، ولم يساند مصر ويقف بجوارها وقتئذ سوى سلطنة عمان متمثلة فى قائدها الفذ والشجاع السلطان قابوس ـ حفظه الله ورعاه ـ من منطلق رفض السلطنة لسياسة العزل لأي قطر عربي فما بالك بمصر.
والآن بعد 38 عاما من توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل واغتيال أنور السادات فيما بعد على يد خالد الاسلامبولى، جراء خيانته للقضية الفلسطينية كما ادعوا، الآن كيف الحال ولم تتقدم قضية فلسطين شبرا واحدا ؟؟ !!
المشهد ثابت لايتغير تدك إسرائيل قطاع غزة وتحيل معظمه إلى رماد ثم ترد كتائب المقاومة ببعض الصواريخ، التى قد تخيف لكنها لاتؤذي ومن ثم تخرج مظاهرات التنديد والوعيد من بعض الدول العربية والإسلامية وتزأر الحناجر، وتمتلئ شاشات التلفاز بتصريحات الحكام والمسؤولين العرب والمحللين السياسيين، ورويدا رويدا تخفت الأصوات وتنطفئ الأضواء ويفض المولد، مع التزام دول الخليج بارسال الأموال لتعمير قطاع غزة وما أن ينتهى التعمير، تقوم إسرائيل بإعادة الضربة مرة أخرى، ويكتمل نفس السيناريو حتى نصل إلى أن تقوم دول الخليج باعادة الاعمار وهلم جر، وحتى الآن لاحل ولا يحزنون.
ولنكن أكثر واقعية لم تعد قضية فلسطين هى قضية العرب الأولى، فاذا كانت فلسطين قد أصابها الاحتلال والقهر والدمار، فكم دولة عربية الآن أصابها نفس الاحتلال والقهر والدمار، مع فارق نوعية العدو، ألم تصبح دولة العراق قضية وسوريا قضية وليبيا قضية واليمن قضية، تعود العرب على مشاهد الدم والقتل والدمار والخراب فى كافة البقاع العربية، إذن على من يبكي وعلى من يلطم وعلى من يصرخ وعلى من يحزن، نحن صرنا فقط ظاهرة صوتية نقاتل أمام الميكروفونات ونجاهد على مواقع التواصل وكفى..ولا حل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 93 / 2165814

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165814 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010