الأحد 23 تموز (يوليو) 2017

يوم في تاريخ «الأقصى»

الأحد 23 تموز (يوليو) 2017 par مفتاح شعيب

- مفتاح شعيب

عاشت القدس المحتلة يوم الجمعة واحداً من أيامها المجيدة في صراعها المرير مع الكيان الصهيوني، وتغلبت الإرادة الشعبية الفلسطينية على غطرسة الاحتلال، ورفض المصلون دخول المسجد الأقصى المبارك من البوابات الإلكترونية، وردوا عليها بمواجهة بطولية سقط فيها ثلاثة شهداء وأكثر من 400 جريح، بينما عم التضامن كل الأراضي الفلسطينية وعواصم عربية وإسلامية.
مشاهد القمع ودماء الشهداء وأصوات الرصاص ودخان الغازات السامة أعادت إلى الذاكرة أيام انتفاضة الأقصى بداية هذا القرن، والتاريخ لا يعيد نفسه قطعاً، ولكن ما رآه الناس في القدس يدشن مرحلة جديدة يخوضها الفلسطينيون نصرة للمسجد الأقصى وتشبثاً بحقوقهم التي تحاول حكومة التطرف الصهيونية سلبها ومصادرتها. وتقول المؤشرات السياسية والميدانية أن المواجهة ستتسع وستأخذ دورتها كاملة، فالشعب الفلسطيني، بفصائله ومكوناته المختلفة، عقد العزم على التصدي مهما كان الثمن والتحديات. لقد انتهى يوم الجمعة بثلاثة شهداء ومصرع ثلاثة مستوطنين، ولم يستطع الاستنفار الصهيوني وتحشيد الكتائب العسكرية حجب الهستيريا التي بدا عليها المحتلون. وتعرف حكومة بنيامين نتنياهو أن المقاومة الشعبية إذا انفجرت بعد سنوات من الكبت المتعدد المستويات، فلن تتوقف بسهولة وستكبد المعتدي ما يستحق من العقاب والخسائر.
أثبتت المواجهة حول الأقصى أن الشعب الفلسطيني هو صاحب السيادة على الأرض، وبفعل الصمود والاستعداد للتضحية سيحوّل الإجراءات ومنها البوابات الإلكترونية فخاً تقع فيه حكومة الاحتلال وحدها دون شريك. والأنباء التي تقول إن الصهاينة حاولوا التأثير على عشرات الشبان الفلسطينيين والموظفين بدخول المسجد الأقصى عبر البوابات الالكترونية، هي أولى علامات الورطة، كما تؤكد أن الرفض الفلسطيني للخضوع والانصياع قد بلغ درجة من الصمود الذي لا يمكن أن ينكسر، وهو ما لا يترك أمام نتنياهو ومتطرفيه إلا خيارين، فإما الرضوخ إلى الأمر الواقع، أو التعنت والدخول في معركة قاسية عليه أن يتحمل تبعاتها.
بالنسبة إلى الفلسطيني، تعتبر هذه المعركة من أجل الأقصى ضرورية في هذه المرحلة بالذات حيث ستؤسس لوضع مختلف، فتحرير الأقصى من الحصار سيثبت كل المطالب المشروعة التي توثقها الحقائق والقرارات الدولية، وآخرها قرار «يونيسكو» الذي يؤكد السيادة الفلسطينية على القدس القديمة بكل رموزها الدينية والتاريخية. ولذلك ليس في الوارد الفلسطيني القبول بما يقرره الاحتلال. فأي عاقل يعرف أن «البوابات الإلكترونية» هي مدخل لمشروع أكبر يقضي بمصادرة المسجد والعبث به وتهويده في نهاية المطاف مثلما يعلن المتطرفون الصهاينة في اقتحاماتهم الإجرامية. وإذا قبل الفلسطينيون بما يريده الاحتلال في هذه المرحلة فسيكون وضعهم كمن يقع في المصيدة ولن يخرجوا منها إلا بشروط الاحتلال، ولذلك كان الوعي الفلسطيني أكبر من الخبث الصهيوني، وهذه المقاومة المتقدة في القدس وعموم فلسطين هي الترجمة الفعلية للوطنية العالية والتصميم على إحباط ما يخطط له كيان الاحتلال منذ أمد بعيد.
المواجهة ما زالت في أولها، والأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت وبالصور البطولية التي سيرسمها الشعب الفلسطيني في تاريخ المسجد الأقصى المديد والباقي إلى يوم الدين بصمود المرابطين حوله، والمدافعين عنه. وعلى هذا الرهان، ستكون الغلبة للشعب الفلسطيني ولحقه الذي لا يسقط، مهما فعل الصهاينة ومهما جيشوا وحشدوا من جنود ومستوطنين وعملاء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2165958

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165958 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010