الجمعة 21 نيسان (أبريل) 2017

الأسرى الفلسطينيون وإضرابهم المفتوح

الجمعة 21 نيسان (أبريل) 2017 par د. فايز رشيد

معركة الأسرى الفلسطينيين تنصبّ أساسًا على تحسين ظروف اعتقالهم, وهي القاسية, والتي تهدف إلى قتل الأسرى بطريقة الموت البطيء. إنهم يعيشون الاكتظاظ والظروف الحياتية الصعبة في مجالات الحريات, والتغذية, والعلاج ورداءته, منع إدخال الكتب ومنع سماع البرامج في الإذاعات مشاهدتها في الفضائيات, تجريب الأدوية عليهم, وإصابة بعضهم بالأمراض المزمنة الخطيرة والعاهات الدائمة…
يحيي شعبنا الفلسطيني ومعه الأمة العربية مناسبة يوم الأسير الفلسطيني في الـ17 من نيسان/أبريل من كل عام. الإحياء في هذه المناسبة يتجاوز اليوم الواحد ويمتدّ أيامًا لإعلان التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي. إن عددهم يزيد عن السبعة آلاف معتقل فلسطيني من بينهم النساء والشيوخ والأطفال. إنهم يقاسون أمرّ العذابات في المعتقلات الإسرائيلية, كثيرون منهم محكومون بالسجن المؤبد مدى الحياة! وبعضهم مسجونون منذ ما يزيد على الثلاثين عامًا. يوم الأسير الفلسطيني لهذا العام 2017 جاء بهيا ولائقا بأسرانا الذين بدأوا إضرابا مفتوحا عن الطعام في ذات اليوم. لقد شاركتهم جماهيرنا الفلسطينية في كافة أرجاء الوطن المحتل, وفي الشتات, كما جزء كبير من جماهيرنا العربية ومؤسسات تضامنية مع شعبنا, بمسيرات واعتصامات وتظاهرات وندوات وأشكال أخرى من التضامن, والتي ستستمر طيلة بقاء الإضراب.
معركة الأسرى الفلسطينيين تنصبّ أساسًا على تحسين ظروف اعتقالهم, وهي القاسية, والتي تهدف إلى قتل الأسرى بطريقة الموت البطيء. إنهم يعيشون الاكتظاظ والظروف الحياتية الصعبة في مجالات الحريات, والتغذية, والعلاج ورداءته, منع إدخال الكتب ومنع سماع البرامج في الإذاعات مشاهدتها في الفضائيات, تجريب الأدوية عليهم, وإصابة بعضهم بالأمراض المزمنة الخطيرة والعاهات الدائمة, وصعوبة زياراتهم من قبل ذويهم, إعادة اعتقال المفرج عنهم, الحبس الانفرادي (العزل) في زنازين انفرادية لسنوات طويلة, استمرار الاعتقال الإداري, رغم تعهد سلطات الاحتلال بإلغائه… الخ.
جرّبت السجن, حين كنا نقوم بإضرابات متعددة, لذا أشعر تماما بالانعكاس الإيجابي والفرح الشديد والإمداد بالقوة الإضافية للنشاطات التضامنية, في مواجهة السجانين الغزاة, فهذا التأييد الشعبي الفلسطيني والعربي والعالمي, هو في غاية الأهمية للمضربين في معركة الإرادات, المعركة التي لا يمتلك فيها السجناء غير إرادتهم في مواجهة الجلادين, الذين يمتلكون كل الأسلحة, وهم فاقدوا الإرادة, لأن لا انتماء لهم لهذه الأرض الفلسطينية الخالدة, خلود الأزل الفلسطيني العربي الكنعاني اليبوسي الأصيل. الفاشيون لا يدركون حقيقة الفلسطيني العربي, وبالتالي لا يقدّرون صلابته ولا استعداده للدفاع عن معركته التي يخوضها, إضرابا كانت, أم معركة في سبيل انتزاع حقوقه من براثن هذا العدو المتعطش لدمائنا, الملاحِق للفلسطينيين أمواتًا وأحياءً, فيقوم بإخفاء جثثهم عن ذويهم, ويضيع معظمها, كما نُشرَ مؤخرًا, هذا العدو الذي يعتبر الفلسطينيين والعرب, أرقاما فقط! وبذلك فهو يعيد إنتاج التجربة النازية, في وضع الأرقام وليس الأسماء في معاصم السجناء… ما أشبه اليوم بالبارحة, غير أن ما لا يدركه العدو الإسرائيلي, هو أننا فلسطينيون عرب, أسرى أو تحت الاحتلال, أو في الخارج, لم نكن, ولسنا, ولن نكون هنودا حمرًا (مع الاحترام والتضامن الكبير مع حقوقهم). نحن شعب يتزايد يوما بعد يوم, يورث الأجداد أبناءهم وأحفادهم, كواشين ومفاتيح البيوت التي هُجّروا منها قسرا. في صدر كل بيت تجد المفتاح معلّقا, وكأنه حرز مهم.
لقد أظهرت الإحصائيات المتعلقة بشؤون الأسرى, مؤخرًا أن ما يزيد على مليون من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, تمّ اعتقالهم في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى هذه اللحظة, الأمر الذي يعني أن كل عائلة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة, منها فرد أو أفراد تم سجنه/سجنهم, ومرّ/مرّوا في تجربة الاعتقال. منذ عام 1967 فإن ما يزيد عن 210 من المعتقلين استشهدوا في المعتقلات الإسرائيلية, التي تذكّر بمعسكرات الاعتقال النازية والفاشية. من السجينات أيضًا من جرى اعتقالهنّ في فترات الحمل, ولادتهن تتم في ظروف قاسية في غرفة يطلق عليها زورًا اسم: مستشفى السجن! يشرف عليها ممرّض, والمولود يبقى سجينًا مع أمه.
هذه هي ظروف حياة أسرانا في المعتقلات الصهيونية في دولة الكيان الفاشي, التي تقترف وسائل العقاب الجماعي بحق المعتقلين, فكم من مرّة أحضرت سلطات السجون قوات حرس الحدود, التي يهجم أفرادها على المعتقلين بالأسلحة الرشاشة والقنابل المسيلة للدموع, وغيرها من الوسائل, لا لشيء إلا لأن المسجونين يطالبون بتحسين ظروف اعتقالهم. الغريب أنّ إسرائيل تروّج لنفسها بأنها “دولة ديمقراطية”, والأغرب أن العالم يصدّقها! وهو يُعمي عينيه عن قضية الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الصهيونية! رغمًا عن العدو وقمعه ومخططاته وأساليبه الفاشية وهجوماته المتعددة عليهم, استطاع أسرانا تحويل معتقلاتهم إلى مدارس نضالية تساهم في رفع وتيرة انتمائهم وإخلاصهم لشعبهم وقضيته الوطنية, فيزداد المعتقل إيمانًا بعدالتها, وإصرارًا على تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والكرامة والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة.
في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني, وبمناسبة إضراب الأسرى الحالي, علينا التأكيد على ما يلي: أهمية التضامن مع المطالب المحقة لأسرانا, دعم صمودهم بكافة الأساليب والطرق, محليا وعربيا, إقليميا ودوليا. إن شعبنا لا يزال يعيش معركة التحرر الوطني بكل أبعادها ومقاييسها, وبالتالي لا بد من تكامل كافة النضالات الفلسطينية معا. نعم, إن تناقض شعبنا الرئيس هو مع سلطات الاحتلال, وبالتالي في المعارك الوطنية, مثل معركة الأسرى الحالية, لا بد من تسييد المظهر النضالي الرئيسي, وهو الوحدة الوطنية الفلسطينية, بعيدًا عن التجاذبات والاستقطابات الفصائلية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2165535

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165535 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010