الأحد 29 آب (أغسطس) 2010

مقدمة للمفاوضات على الحدود والأمن

الأحد 29 آب (أغسطس) 2010

قبل اشهر من قمة كامب ديفيد، التي انعقدت في تموز (يوليو) 2000 بمشاركة رئيس الوزراء ايهود باراك ورئيس (م.ت.ف) ياسر عرفات، انشغلت «اسرائيل» في اعادة صياغة مواقفها في موضوعي الحدود والامن. في مذكراته يشير مارتن اينديك الى أنه في البداية تحفظ باراك على الانسحاب من غور الاردن. وعندما عرضت الاحتياجات الاقليمية لـ «اسرائيل» على أعضاء الفريق الفلسطيني المفاوض، نهضوا وخرجوا بعصف من قاعة المباحثات.

حسب اينديك، وضعت شعبة التخطيط في الجيش «الاسرائيلي» ما اسماه بـ «نهج اكثر منطقية» كان الفلسطينيون كفيلين الا يرفضوه. وحسب الاقتراح، بعد ثلاث سنوات تنتشر قوة متعددة الجنسيات برئاسة الولايات المتحدة على طول غور الاردن، وتضم هذه القوة الجيش «الاسرائيلي» ايضاً. النهج الجديد قام على أساس ان الجيش «الاسرائيلي» سيعود بكل القوة الى غور الاردن وسيدخل الى مناطق «السلطة» في حالة ظهور تهديد من الجبهة الشرقية.

كل من راجع تاريخ كامب ديفيد والمفاوضات في الاشهر التالية له يتبين ان الولايات المتحدة تبنت عملياً الفكرة «الاسرائيلية» للقوة متعددة الجنسيات، ولكنها نزعت منها مشاركة الجيش «الاسرائيلي» وببساطة طالبت بصرفه في نهاية السنوات الثلاث. اضافة الى ذلك لم تتوصل الاطراف الى اتفاق على الملابسات والظروف التي يعود فيها الجيش «الاسرائيلي» الى غور الاردن. وهكذا لعب التنازل «الاسرائيلي» عن السيطرة الكاملة في غور الاردن في خدمة الفلسطينيين، وسمح لهم التآكل للتواجد الامني «الاسرائيلي» في الغور.

كل حكومة «اسرائيلية» دخلت في محادثات على التسوية الدائمة مع الفلسطينيين تصطدم بذات المشاكل التي واجهتها حكومة باراك قبل عقد من الزمان. لـ «اسرائيل» حق قانوني ومعترف به بحدود قابلة للدفاع خلافاً لخطوط 67 التي لم تكن ابداً حدوداً سياسية بل ليست اكثر من خطوط هدنة من العام 1949.

هذه الحقيقة قبعت في اساس البند الاقليمي في قرار الامم المتحدة 242 من تشرين الثاني (نوفمبر) 1967. ومع ذلك، كلما طالبت «اسرائيل» بمزيد من الارض، ازدادت بذلك الصعوبة في الوصول الى تفاهم مع الفلسطينيين.

كان هذا هو السبب الذي دفع الطرف «الاسرائيلي» في المفاوضات السابقة الى وضع بديل للحدود القابلة للدفاع في شكل «ترتيبات امنية» في المناطق التي بشكل رسمي ستكون تحت السيادة الفلسطينية.

هكذا حصل في أنه بدلاً من المطالبة بالسيادة «الاسرائيلية» في المناطق الحيوية لأمنها، مثل المناطق التي خطط الجيش «الاسرائيلي» فيها لنصب محطة انذار مبكر او نشر قوات، وافقت «اسرائيل» على التنازل عن المناطق طالما احتفظت لنفسها بحق الوصول الى احتياجاتها العسكرية. بمعنى ان الهدف كان خلق فصل بين الأمن والسيادة على الارض.

خطران أساسيان يكمنان في بوابة مثل هذا النهج. الأول، عندما تتنازل «اسرائيل» عن مطلبها بالسيادة على مناطق حيوية، يكون أسهل ايضاً تآكل وقضم مطالبها الأمنية الاخرى في اثناء المفاوضات. هذا بالضبط ما حصل في العام 2000.

ثانياً، حتى لو وافق الفلسطينيون على تواجد عسكري «اسرائيلي» داخل الدولة الفلسطينية (الامر الذي رفضه ابو مازن منذ الآن) فانهم سيوجهون كل جهدهم وقواهم السياسية في صالح ازالته في السنوات التي تلي التوقيع على الاتفاق وسينجحون في ذلك. في نهاية المطاف، استخدام استراتيجية دبلوماسية «ترتيبات الامن» من شأنها ان تؤدي ليس فقط الى فقدان السياسة بل وايضاً الى فقدان الأمن الذي املوا في تحقيقه بالمقابل.

في هذه المرحلة يبدو أن حكومة «اسرائيل» تتطلع، وعن حق، للتركيز في المحادثات القريبة القادمة على موضوع الأمن قبل أن تتصدى لمسائل اخرى مشحونة اكثر كالحدود. في هذا الوضع من الحيوي التأكد بان التركيز على الأمن لن يعتبر في نظر الامريكيين كاكتفاء «اسرائيلي» بتنفيذ المطالب الأمنية الصرفة على نحو منقطع عن مسألة السيادة على الارض.

دروس الماضي تفيد بان المواقع الأمنية «الاسرائيلية» التي ليست في منطقة توجد تحت سيطرة «اسرائيلية» كاملة لن تبقى على مدى الزمن. وبالتالي، مع كل ما في هذا المطلب من صعوبة، على «اسرائيل» أن تصر على وجود سيادتها في الاماكن التي توجد لها فيها احتياجات امنية.

- [**دوري غولد | «إسرائيل اليوم» | 29 آب (اغسطس) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2178525

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2178525 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40