الجمعة 7 نيسان (أبريل) 2017

احتيال نتنياهو ووهم وقف الاستيطان

الجمعة 7 نيسان (أبريل) 2017 par د. فايز رشيد

إن حكومات الاحتلال المتعاقبة, أخذت تبني في المستوطنات عند خطوط البناء. وبعد إنجاز كل مشروع استيطاني, يتغير خط البناء في المستوطنة ويصبح أوسع, وبعد فترة يأتي مشروع آخر للبناء عند خط البناء الجديد, وهكذا دواليك. لم تكتفِ حكومات الاحتلال بهذا, بل سعت للالتفاف على تعهداتها الدولية, من خلال عصابات المستوطنين الهمجيين, الذين أطلقت العنان لهم لإقامة البؤر الاستيطانية. ومع السنين تحولت العشرات منها إلى مستوطنات قائمة ودائمة.
ما أسرع ما ينجر بعض الإعلام العربي إلى الدعايات الاحتيالية! فعلى مدى أسبوع, كنا نسمع أن الكيان الصهيوني قام ببناء أول مستوطنة في الضفة الفلسطينية المحتلة, منذ عشرين عامًا. إذا كان الأمر هكذا, فلماذا إذن المطالبة الفلسطينية بوقف الاستيطان؟ إن القول ببناء أول مستوطنة منذ عشرين عاما هو قول خاطئ ومضلل! لأن حكومة الاحتلال تهدف إلى تسويق مزاعم, بأنها قامت بما تسميه “لجم الاستيطان وقوننته”! في حين أن الاستيطان في القدس المحتلة كان وهو وسيستمر بوتيرة أشد, فما يعلنه نتنياهو, هو استمرار للسياسة الاستيطانية القائمة منذ أن تعهدت إسرائيل في اتفاقيات أوسلو, بعدم بناء مستوطنات جديدة, وبسببها الكارثي تضاعف حجم الاستيطان عدة مرات, فيما تضاعف عدد المستوطنين, أكثر من خمس مرات.
لقد أعلن الفاشي المخادع نتنياهو, أمام الطاقم الوزاري المقلص للشؤون العسكرية والسياسية (30 شباط/فبراير الماضي), أن البناء في المستوطنات سيكون محاذيا لخط البناء القائم. فيما لن توافق حكومة الاحتلال على إقامة بؤر استيطانية جديدة. هذا في الوقت الذي صادق فيه الطاقم الوزاري على إقامة مستوطنة جديدة, ليستوطن فيها المتوحشون الغزاة الذين كانوا يستوطنون في بؤرة “عمونة”! وهذا بالضبط ما جرى منذ العام 1993, إذ إن حكومات الاحتلال المتعاقبة, أخذت تبني في المستوطنات عند خطوط البناء. وبعد إنجاز كل مشروع استيطاني, يتغير خط البناء في المستوطنة ويصبح أوسع, وبعد فترة يأتي مشروع آخر للبناء عند خط البناء الجديد, وهكذا دواليك. لم تكتفِ حكومات الاحتلال بهذا, بل سعت للالتفاف على تعهداتها الدولية, من خلال عصابات المستوطنين الهمجيين, الذين أطلقت العنان لهم لإقامة البؤر الاستيطانية. ومع السنين تحولت العشرات منها إلى مستوطنات قائمة ودائمة.
إن إقامة البؤر الاستيطانية, انطلقت منذ عدوان عام 1967, والكثير من المستوطنات الكبيرة حاليا, بدأت كبؤر استيطانية أقامتها عصابات المستوطنين, أو معسكرات لجيش الاحتلال, إذ تم نقل الأراضي الجاثمة عليها لاحقا لعصابات المستوطنين. إلا أنه في منتصف سنوات التسعينيات, كثفت تلك العصابات عمليات إقامة البؤر وحتى العام 2002, فبلغ عددها ما يزيد على 110 بؤر استيطانية, منتشرة في كافة أنحاء الضفة الغربية المحتلة. هذا, ولقد أكد تقرير إسرائيلي رسمي في العام 2005, أعدته المدعوة تاليا ساسون, أن جميع البؤر الاستيطانية قامت بدعم مباشر وغير مباشر من جميع حكومات الاحتلال, بما فيها تلك التي خاضت المفاوضات مع الفلسطينيين. وتعهدت حكومات الاحتلال, وخاصة حكومة أولمرت من عام 2006 -2009, إلا أن شيئا من هذا لم يتم, باستثناء بؤرة أو اثنتين, تم إخلاؤهما خلال تلك السنين, وما أن عاد نتنياهو إلى رئاسة الحكومة في العام 2009, حتى كانت البؤر قد اتسعت وكبر حجمها, فبدأت عملية تثبيت هذه البؤر وتحويلها إلى مستوطنات.
وحسب تقديرات الهيئات الفلسطينية المختصة, فإنه من أصل أكثر من مائة بؤرة حتى العام 2009, جرى تثبيت حوالي 30 بؤرة استيطانية. ومن المفترض أن تبدأ عملية تثبيت ما يزيد على 42 بؤرة استيطانية أخرى, مع دخول قانون نهب الأراضي بملكية خاصة, حيز التنفيذ. وهو القانون الذي أطلقت عليه حكومة الاحتلال اسم “قانون التسويات”. إلى جانب هذا, يوجد جدار الاحتلال الذي يقتطع مساحات شاسعة من الضفة المحتلة. في حين زعمت الحكومات الصهيونية أن هذا الجدار هو لأغراض “أمنية”! لقد اعترفت أوساط سياسية حكومية إسرائيلية بأن هذا الجدار سيكون حدودا مفروضة على الضفة المحتلة, كشكل للحل النهائي. إلا أن حكومات نتنياهو الثلاث الأخيرة, وبالذات الحكومة الحالية, أعادت ما يسمى بـ”أرض إسرائيل الكاملة”, وبات الجدار من ناحيتها, فقط لعرقلة حركة الفلسطينيين وتعذيبهم ومحاولة إذلالهم, ولمحاصرة المدن الفلسطينية ومحطيها, وفصلها بعضها عن بعض. وهذا يتضح من خلال المشاريع الكبيرة والمكثفة في عشرات المستوطنات, التي باتت شرق جدار الاحتلال, وكان الكيان يزعم بأنها معدة للإخلاء في إطار ما يسميه بـ”الحل النهائي”.
كل هذه السياسات, أدت الى مضاعفة الاستيطان والمستوطنين. فحتى توقيع اتفاقيات أوسلو, كان عدد المستوطنين في الضفة وحدها 90 ألف مستوطن, يضاف إليهم 30 ألف مستوطن في القدس المحتلة. في حين كان في مستوطنات قطاع غزة قرابة 6 آلاف مستوطن, وتم إخلاء مستوطنات القطاع في العام 2005. أما اليوم, وحسب التقديرات الإحصائية الفلسطينية, فإن عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية وحدها بات يلامس 400 ألف مستوطن, يضاف إليهم أكثر من 240 ألف مستوطن في الأحياء الاستيطانية في القدس المحتلة. ما يعني أنه في غضون 23 عاما تضاعف عدد المستوطنين تقريبا خمس مرات (مثلما ذكرنا سابقا) ومعهم تضاعف حجم الاستيطان. فيما ارتفع عدد المستوطنات من 124 مستوطنة في الضفة إلى ما يزيد على 210 مستوطنات وبؤر استيطانية.
وفي محاولة لتمرير المهزلة التي يعرضها نتنياهو, تحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن اعتراضات عصابات المستوطنين, وقادة المستوطنات, على خطة اللجم الوهمية. ويقول عضو الكنيست المستوطن الفاشي الشرس, بتسلئيل سموتريتش,إن قرار الطاقم الوزاري “مقلق جدا,فهو يبقى مجال مناورة لاختبار التطبيق على الارض, ولكن التجربة مع نتنياهو في اختبارات النتيجة, سيئة جدا”. هذا, في حين تقول أوساط صهيونية أخرى, إن ما عرضه نتنياهو, هو تفاهمات مع الإدارة الأميركية, إلا أنه حتى الآن لم يصدر بيان رسمي بوجود بالتوصل إلى “تفاهمات” بشأن الاستيطان. إذ إن المفاوضات بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي انتهت قبل أسبوعين دون التوصل إلى اتفاق! وبهذا يكون نتنياهو ودولة العصابات الصهيونية يمرران أكبر عملية احتيال في موضوع الاستيطان, وللأسف يأتي بعض إعلامنا ليقع في فخ هذا الهراء الذي تمارسه دولة الكيان الفاشي ورئيس حكومتها القبيح.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165463

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165463 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010