الجمعة 31 آذار (مارس) 2017

تشريح الموقف”الإسرائيلي” لمسارات الأزمة السورية

الجمعة 31 آذار (مارس) 2017 par علي بدوان

في هذا السياق، وكما تُشير معظم الصحف “الإسرائيلية” في مقالاتها اليومية، أن الخيارات “الإسرائيلية” تتعدد حول سوريا، وتبدو هناك مروحة كبيرة من الأفكار والتقديرات تبعًا للتعقيدات اليومية على الأرض والتي باتت لا تفارق ملف الأزمة السورية. ومن الملاحظ أن تلك الأفكار والمقترحات تتبدل من حين لآخر، ويطرأ عليها باستمرار حالة من التخبط نتيجة المفاجآت اليومية في مسارات الأزمة السورية.
بالرغم من الارتياح العام في “إسرائيل” لما يجري في سوريا، إلا أن التناقض والارتباك، وسوء التقدير والتخبط، هي التوصيفات الأنسب للموقف “الإسرائيلي” من الأحداث السورية منذ أعوامٍ خلت، فالرياح لم تجر كما تشتهي سفن تل أبيب، بالرغم من حدة التداخلات والتدخُّلات الإقليمية والخارجية الهائلة.
البعض في دولة الاحتلال الإسرائيلي بات يرى أن واقع البيئة الأمنية الاستراتيجية المحيطة في “إسرائيل”، تغيّر كثيرًا في السنوات الأخيرة، وهو ما يضع “إسرائيل” حسب بعض المحللين “الإسرائيليين” أمام واقع مُقلق، وبشكل مُستمر يتطلب منها متابعة دقيقة للتطورات الأمنية غير المتوقعة التي تجري من حولها.
وبالطبع، فإن الرغبة “الإسرائيلية” ترى وما زالت ترى أهمية إدامة الحالة السورية مُشتعلة، بما يخدم مصالح “إسرائيل” الظرفية والاستراتيجية في آنٍ معًا، فمصلحتها الحقيقية تتمثل هنا باستمرار نزف الدم والدمار على امتداد الأرض السورية، واستمرار المساس بأرواح الناس، وبالبنى التحتية والمنشآت العامة.
لقد كان وما زال الموقف “الإسرائيلي” بالنسبة للقضايا التفصيلية حول الأزمة السورية يدفع باتجاه إدامة الأزمة، لكنه بالمقابل موقف مرتبك جدًّا، ويحمل معه سوء التقديرات في كل مُنعطف من مُنعطفات الأزمة، وقد بات هذا الإرباك مُزمنًا في الحالة “الإسرائيلية” الرسمية وغير الرسمية في تقديم تقدير الموقف تجاه تفاصيل الأزمة السورية ومفاعيلها لجهة الأطراف الداخلة والفاعلة بها. فتوجهات “إسرائيل” لا تحكمها العواطف، ولا القيم ولا الأخلاق ولا الإنسانية، ولا أي منها، بل تحكمها مصالح وأهداف ظرفية واستراتيجية. فعندما يضرب الطيران الحربي “الإسرائيلي” في عمق الأراضي السورية خلال الأزمة، لا أحد يتعجب من استغلال دولة الاحتلال للحالة السورية الراهنة، حيث من المنطقي هنا أن تستغل “إسرائيل” بالمعنى الاستراتيجي الحالة السورية كي تَضرب أهدافًا مُنتقاة في سوريا.
لقد وضعت التحولات الجارية في المنطقة عمومًا، وخصوصًا منها بالنسبة لسوريا، وضعت المنطقة أمام بيئة سياسية وجيوستراتيجية جديدة دفعت رئيس حكومة ائتلاف اليمين بنيامين نتنياهو للقول “إننا نشهد شرق أوسط جديدا مُثيرا وصاخبا وقابلًا للانفجار وخاصة على حدودنا الشمالية أمام سوريا”، مُشيرًا في الوقت نفسه إلى أن “إسرائيل تَعمل وفق التطورات المذكورة بمسؤولية واتزان ولكن بتصميم أيضًا” حسب تعبيره.
كما وضعت تلك التحولات مصادر القرار في دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام واقع جديد ومعقّد، بات من الصعب التكهن بمآلاته. فمعلق الشؤون العسكرية في صحيفة عاموس هرئيل، ونقلًا عن مصادر ومحللين استخباريين “إسرائيليين”، يشير لتأكيدهم على تواضع قدراتهم في تقدير الآتي، مشيرًا في الوقت نفسه على أن أجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” ما زالت غير قادرة على رسم وتحديد وجهة الأمور وكيفية مواجهة التحديات التي يمكن أن تتوالد نتيجة تحولات المشهد السوري والإقليمي عمومًا.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو توقع ومنذ ثلاث سنوات ومعه وزير شؤون المخابرات والأمن “الإسرائيلي” بأن يستمر الصراع في سوريا لفتراتٍ طويلة يتم خلالها استنزاف البلد على كل مستوياته، علمًا أن وزير شؤون المخابرات والأمن ليس عضوًا في الحكومة الأمنية المُصغرة، لكنه على عِلم بأحدث المعلومات المخابراتية وله كلمة مسموعة لدى بنيامين نتنياهو.
إن نظرة ورؤية وزير شؤون الأمن والمخابرات في “إسرائيل” تتطابق مع رؤية وتقديرات الموقف عند رئيس الموساد الأسبق، الجنرال أفراييم هليفي، الذي تحدث أهمية إدامة الحالة السورية على ما هي عليه، وبقاء المواقف الدولية تراوح مكانها لجهة تعثر الجهود الدولية وتعطيل الحلول المطروحة أو التي قد تُطرح من أي طرف دولي مُؤثر أو من عدة أطراف دولية مُؤثرة بما فيها الأمم المتحدة.
وعلى خلفية ذلك، إن النقاشات في الكيان الصهيوني كانت وما زالت تتمحور أيضًا وفي جانب هام منها على الحديث عن المكاسب “الإسرائيلية” المتوقعة من ما يجري في سوريا، أي أن النقاشات كانت وما زالت تَصُبُ في البحث عن النواتج والمخرجات التي يمكن لها أن تخدم مصلحة “إسرائيل”.
في هذا السياق، وكما تُشير معظم الصحف “الإسرائيلية” في مقالاتها اليومية، أن الخيارات “الإسرائيلية” تتعدد حول سوريا، وتبدو هناك مروحة كبيرة من الأفكار والتقديرات تبعًا للتعقيدات اليومية على الأرض والتي باتت لا تفارق ملف الأزمة السورية. ومن الملاحظ أن تلك الأفكار والمقترحات تتبدل من حين لآخر، ويطرأ عليها باستمرار حالة من التخبط نتيجة المفاجآت اليومية في مسارات الأزمة السورية.
فقائد سلاح الجو “الإسرائيلي”، يتناقض في تصريحاته من فترة لفترة. حيث كان قد أعلن ومنذ أكثر من عامٍ مضى بأن الحرب مع سوريا قد تقع بشكلٍ مُباغت. وبرغم التهديدات المتواصلة فإن خطر الحرب الإقليمية لا يدفع أحدًا نحو التهور بسبب العواقب غير المحمودة على كل الأطراف. وفي محاضرة ألقاها قبل فترة، في مؤتمر الأمن القومي في معهد “فيشر للأبحاث الاستراتيجية الإسرائيلي”، قال إن صواريخ (أرض ــ جو) متطورة من طراز (أس 300) باتت في سوريا على الأرجح. وحذّر مما وصفه بـ”الإفراط في الإدمان” على التكنولوجيا، مشيرًا إلى أنه “إذا كان هناك من يعتقد أننا بكبسة زر يمكن أن ننتصر، فإنه مخطئ. فليست هناك وصفة جاهزة للحرب المقبلة، وسنضطر لمعرفة كيف نواجه أيضًا المفاجآت والإخفاقات”.
وفي أعقاب الحديث عن تدهور الأوضاع على الحدود السورية الفلسطينية على خط جبهة الجولان السوري المحتل، خط وقف إطلاق النار، بعد وقوع عدة حوادث خلال الفترات الأخيرة، عَرَضَ بعض المحللين السياسيين والأمنيين “الإسرائيليين” السيناريو المتوقع في الليلة التي سيقرر فيها المجلس الوزاري الأمني المُصغر “الكابنيت” القيام بعمل أمني، والسيناريو المتوقع يحمل في طياته الكثير من الأعمال الاستخباراتية التي سيتم عرضها على المجلس الوزاري المصغر لتقدير الموقف للمرحلة اللاحقة.
وتبعًا لذلك، وعلى صعيد المعلومات شبه المؤكدة، فقد حصلت خلال السنة الأخيرة، تطورات دراماتيكية في انتشار قوات “الجيش الإسرائيلي” في هضبة الجولان أمام خط وقف إطلاق النار مع سوريا. واشتملت المعلومات التي تم تسريبها على عدة تفاصيل، كان أولها استقدام “الجيش الإسرائيلي” إلى هضبة الجولان، فرقة عسكرية جديدة. وهذه الفرقة تضم كتيبة جمع معلومات استخباراتية، وهي مزودة بأجهزة رصد استخباراتي متقدمة من نوع (MARS) وبمنظومة استخبارات (الصياد) من إنتاج شركة (ألبيك). وهذه المنظومة قادرة على اكتشاف وتحديد الأهداف المتحركة على الأرض، وتحليل مسارها وأهدافها، ونقل المعلومات بسرعة إلى القوات المنتشرة في المنطقة.
خلاصة القول، إن “إسرائيل” المستفيد الرئيسي والأساسي من استمرار النزيف السوري، وترى مصلحتها باستمراره، وبتعطيل الجهود الدولية لأي حلول ناجعة تُسدل الستار على الوجع السوري.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2166047

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2166047 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 30


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010