الجمعة 24 آذار (مارس) 2017

عنصرية «إسرائيل» والحل الوحيد للصراع

الجمعة 24 آذار (مارس) 2017 par عوني صادق

قبل نهاية العام الحالي تحل مناسبتان «تأسيسيتان» في تاريخ المنطقة، لا تزالان تحكمان ماضي، وحاضر، ومستقبل الشعب الفلسطيني، وماضي، وحاضر، ومستقبل المنطقة بأسرها. ففي الخامس عشر من مايو/أيار المقبل تحل الذكرى التاسعة والستون للنكبة الفلسطينية، ثم بعدها بأشهر، أي في الثاني من تشرين الثاني، تحل الذكرى المئوية ل«وعد بلفور». قرن كامل مضى من عمر الصراع في المنطقة، وعليها، ولم يتم التوصل إلى حل له، بل ويوماً بعد يوم يزداد الوضع تعقيداً ويبتعد الحل. والسؤال الذي يطرحه امتداد الصراع وعدم التوصل إلى حل له هو: لماذا فشلت كل المشاريع والمقترحات ومحاولات الحل؟
بداية، لا بد من الإشارة السريعة إلى مسألتين: الأولى، أن الدافع الأساسي وراء كل الأفكار والتحركات التي سبقت إنشاء «الكيان الصهيوني» تمثل في إيجاد حل لما عرف باسم «المسألة اليهودية» في أوروبا، والدليل أن «وعد بلفور» الذي كان محصلة لتلك الأفكار، والتحركات، وأول ترجمة سياسية لها، لم يتحدث عن «دولة يهودية»، بل عن «وطن قومي لليهود». وكان لا بد من الانتظار لاندلاع أول ثورة فلسطينية كبرى العام 1936 ليبدأ الحديث عن «الدولة» في مشروع التقسيم الأول العام 1937. والمسألة الثانية، هي أنه قبل «وعد بلفور»، لم تكن فلسطين هي المنطقة الوحيدة المرشحة لإقامة «المشروع الصهيوني»، بل كانت هناك مناطق أخرى، منها الأرجنتين في أمريكا اللاتينية، وأوغندا في إفريقيا.
يضاف إلى المسألتين المذكورتين أنهما ترافقتا مع التطلعات الأوروبية لاستعمار المنطقة، ما ربط بين «المشروع الصهيوني» وحركة الاستعمار، ولينظر إليه كجسر عبور، وأداة لتحقيق تلك التطلعات بكل ما عناه ذلك من دعم ومناصرة. وبالرغم من أن «آباء» المشروع كانوا من المسيحيين واليهود العلمانيين، إلا أن استقطاب اليهود، وحشدهم وراءه كان يستلزم اللجوء إلى أساطير التوراة وتحويلها إلى وسيلة لتحقيق «الوعد الإلهي» بالعودة إلى «أرض «إسرائيل»». هكذا اكتملت «عناصر المشروع- المؤامرة»، وتتابعت حلقاتها الجهنمية، لتنتهي اليوم إلى ما أصبح «كياناً كولونيالياً استيطانياً احلالياً توسعياً عنصرياً»، بقيادة الأطراف الأكثر تطرفاً في تاريخ الحركة الصهيونية.
التركيبة الأيديولوجية - السياسية التي أصبح عليها الكيان الصهيوني، لم تكن صدفة، بل إن الأيديولوجية الصهيونية التي تستمد أفكارها من مقولات غير إنسانية وفوق البشر (شعب الله المختار، الوعد الإلهي، أرض «إسرائيل» الكاملة)، تجعلها عنصرية بالضرورة، ولا يمكن التوصل معها إلى أي حل تقبله كل أطراف الصراع، لأنه لا يعترف بالشعب الأصلي صاحب الأرض، ولا بحقوقه الوطنية، أو الإنسانية. لذلك كان محتماً أن تفشل كل المشاريع والمقترحات والحلول، بما في ذلك ما تفتقت عنه ما يسمى «قرارات الشرعية الدولية».
عنصرية ««إسرائيل» الصهيونية» لم تكتشف في العام 1975، عندما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3379 أن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية»، بل كان ذلك العام الذي استطاعت فيه الأسرة الدولية اتخاذ ذلك القرار، الذي استطاعت الولايات المتحدة وحلفاء «إسرائيل» إلغاءه في العام 1991، بفضل ما طرأ على الوضع الدولي من متغيرات، كان أهمها انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. حتى مراكز الأبحاث «الإسرائيلية» أصبحت اليوم تتهم الحكومات «الإسرائيلية» بالعنصرية، لكنها تضعها كأنها منافية ل«مبادئ الصهيونية»، بينما في الحقيقة أن هذه العنصرية مستمدة من أيديولوجيا «الصهيونية» وليس كما يحاول بعض الصهاينة إرجاعها إلى «فئات»، أو «ممارسات» بذاتها. فالصهاينة الذين ينددون اليوم ب«عنصرية «إسرائيل»» يدعون بأن «الأخلاق الصهيونية» ترفض المعاملة التي يلقاها الفلسطينيون من «أجهزة الدولة»، مع أن هذه الأجهزة تلقى الدعم غير المحدود حتى من هؤلاء الصهاينة المدعين.
لقد اتبعت كل الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة منذ 1948 سياسات توسعية وعنصرية، ودائماً كانت تختبئ وراء «أمن «إسرائيل»»، و«الدفاع عن الوجود»، ولذلك رفضت كل الحلول بحجة أنها لا تلبي «احتياجات «إسرائيل» الأمنية»، وعندما وقعت على «اتفاق أوسلو»، وقعته لأنها رأت فيه فرصة للحصول على الوقت المطلوب لتحقيق مشروعها الصهيوني الأصلي. وأصبحت اليوم تطالب بالسيطرة على كل فلسطين التاريخية، فلا «حل الدولتين» مقبول، ولا «حل الدولة الديمقراطية الواحدة مقبول»، ولا «حل الدولة ثنائية القومية» مقبول.
تاريخياً، لم يتم التوصل إلى حل مع كيان وسلطة عنصريين إلا عبر طريقة واحدة، هي تفكيك وإنهاء الكيان والسلطة فيه، وروديسيا وجنوب إفريقيا مثلان حيان. وبالرغم من أن الكيان الصهيوني قوة عسكرية بأنياب نووية، إلا أنه ينطبق عليه ما انطبق على كل كيان عنصري، إنهاء الكيان. ولأنه ليس في الكيان الصهيوني من يقبل هذا الحل بالتراضي أو المفاوضات، فإن إنهاءه بالقوة هو الطريقة الوحيدة لفتح الطريق أمام حلول حقيقية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165325

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165325 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010