بين الخوف على مصيره، وبين ما توجبها مسؤوليتها، ويمليه عليها ضميرها، احتدم الخلاف بين الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس والمديرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، وكان محور الخلاف موقف الأمين العام من الممارسات ال«إسرائيلية» العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني.
الخلاف في هذا الشأن سببه التناقض بين ال«التغاضي» وال«تستر» من جانب، وبين فضح الجريمة من جهة ثانية.
«الإسكوا» بقيادة مديرتها التنفيذية ريما خلف، أعدت تقريراً دقيقاً وشاملاً استنكر «إسرائيل» باعتمادها سياسة الفصل العنصري تجاه الشعب الفلسطيني، وأكد أن «إسرائيل» قد «أسست هذا «النظام» بهدف تسلط جماعة عرقية على أخرى»، وقدم التقرير أدلة قطعية على هذه السياسة.
في الاتجاه المغاير، أمر الأمين العام للأمم المتحدة بسحب التقرير، وبرر الناطق باسمه هذا الإجراء بأن: «التقرير نشر من دون أي تشاور مسبق مع أمانة الأمم المتحدة». لكن اللافت في الأمر كان إشارة الناطق إلى أن التقرير «لا يعكس وجهة نظر الأمين العام».
وهذا ما عبر عنه بإصراره على سحب التقرير، الأمر الذي دفع ريما خلف إلى الاستقالة التي قُبلت ورحبت بها «إسرائيل»، ووصفتها ب«الخطوة الإيجابية في الاتجاه الصحيح».
قد تبدو الأمور كما لو أنها حسمت، وأن ريما خلف خسرت بالنتيجة. لكن التوقف أمام هذه التداعيات يطرح أكثر من مسألة وقضية، ومن ذلك:
أولاً: لم تكن ريما خلف تخوض معركة شخصية، وهي أعلنت أن الأمين العام طالبها خلال شهرين بسحب تقريرين عن السياسات والممارسات ال«إسرائيلية» تجاه الشعب الفلسطيني، وأنها أمام هذا الواقع «لا تستطيع أن تخالف المبادئ الإنسانية التي تقوم عليها مهمات الأمم المتحدة».
ثانياً: أن تقارير مماثلة لمنظمات تابعة للأمم المتحدة، كما هو تقرير «اليونيسكو» واللجنة الدولية لحقوق الإنسان بالنسبة لحقوق الشعب الفلسطيني، تفضح السياسة الصهيونية وجرائمها وتدحض الادعاءات الزائفة لهذا الكيان.
ثالثاً: إن تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا عن الممارسات العنصرية «الإسرائيلية»، يؤكد صحة القرار الذي كان صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أكد «أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية»، وهو ما تمكنت الولايات المتحدة بسبب نفوذها من إلغائه في وقت لاحق.
ومجرد عودة تقرير«الإسكوا» إلى وصف «إسرائيل» بممارسة نظام «الأبارتايد» على الشعب الفلسطيني يؤكد هذه الحقيقة، وسحبه لا يلغي حقيقة ما ورد فيه، لأن مضمونه يؤكد الأمر الواقع.
«إسرائيل» التي كانت تصور للرأي العام الدولي، وبخاصة الغربي أنها الواحة الخضراء الصغيرة في صحراء الجدب الحضاري الواسعة، وأنها النبتة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، باتت في حالة دفاع مستميت عن حقيقتها كنظام عنصري.
هنا لسنا بحاجة إلى تناول الجرائم الصهيونية، ومن ذلك الحروب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها، لكن مجرد الإشارة إلى تعاظم الرأي العام في أوروبا الذي توّج في العديد من بلدانها باعتراف برلماناتها بالدولة الفلسطينية يعني أن العالم بات يدرك حقيقة «إسرائيل»، وبخاصة سياستها تجاه الفلسطينيين، وحقوقهم، وأرضهم، ووجودهم، وقضاياهم المصيرية.
السؤال الآن: كيف نفهم ما جرى بين الأمين العام للأمم المتحدة وبين المديرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا؟
هو باختصار، صراع بين القيم والمبادئ الإنسانية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما التزمت به خلف، وبين المحاباة والمداراة والخروج على مجمل هذه القيم، وهو ما قام بع غوتيريس.
الجمعة 24 آذار (مارس) 2017
تعرية «إسرائيل» العنصرية
الجمعة 24 آذار (مارس) 2017
par
هاشم عبد العزيز
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
19 /
2165880
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين هاشم عبدالعزيز ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
16 من الزوار الآن
2165880 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 17