الجمعة 24 آذار (مارس) 2017

إحياء مَطلَب الحماية الدولية

الجمعة 24 آذار (مارس) 2017 par علي بدوان

ما زالت قوات الاحتلال “الإسرائيلي” تعمل على توسيع ممارساتها لعمليات الإعدام الميداني في مناطق مُختلفة من الضفة الغربية، كان منها قبل فترة قصيرة، إعدام الناشط السلمي الفلسطيني الشاب باسل الأعرج في بلدته الولجة التابعة لقضاء مدينة بيت لحجم في فلسطين المحتلة عام 1967، كما كان منها قتل العديد من الشبان في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
وبعد استشهاد الفتى مراد أبو غازي في مدينة الخليل قبل أيامٍ قليلة، يرتفع عدد شهداء انتفاضة القدس منذ انطلاقها منتصف العام 2015، إلى (287) شهيدًا بينهم (34) طفلًا، واحتجاز جثامين سبعة منهم، وجميعهم نشطاء سلميين قتلوا بالإعدام الميداني المباشر على يد جيش الاحتلال ومجموعات المستوطنين المسلحين، وجرت تصفيتهم على الحواجز العسكرية في الضفة الغربية المحتلة (472 حاجزًا). كما أصاب رصاص الجيش (3230) مواطنًا فلسطينيًّا، منهم (1040) طفلًا، واعتقل الاحتلال (6970) مواطنًا ومواطنة، بينهم (1240) طفلًا و(151) سيدة وفتاة قاصر، وهدمت نحو (1023) منزلًا ومنشأة في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس، وأعلنت سلطات الاحتلال عن الترخيص لنحو (27335) وحدة استيطانية جديدة، منها (19) ألف في مدينة القدس.
إن عودة قوات الاحتلال وبمباركة من الهيئات العليا في دول الاحتلال، لممارسة عمليات الإعدامات الميدانية الفورية في مُختلف مناطق الضفة الغربية في القدس والخليل وبيت لحم وعموم ومدنها وبلداتها وقراها ومخيماتها، جرائم حرب موصوفة بكل ما للكلمة من معنى، وهو ما يستوجب تَدَخّل المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية، لردع ووقف عربدة الاحتلال التي فاقت كل تصور.
السلطة الوطنية الفلسطينية مدعوة للرد بخطوات عملية ملموسة على جرائم الاحتلال، وتقديم الشكاوى لمحكمة الجنايات الدولية تتضمن مسلسل جرائم الحرب “الإسرائيلية”، والتي تشمل الإعدامات الفورية في الأراضي الفلسطينية التي تقوم بها قوات الاحتلال، فضلًا عن جرائم نهب الأرض والاستيطان التهويدي الاستعماري، وجرائم الحروب والحصار على قطاع غزة.
في هذا السياق، ومن أجل كَسرِ معادلة الجمود التي تَمُرُ بها القضية الفلسطينية، وحالة الاستفراد بالشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967 وقطاع غزة، وفي خطوة ملموسة من التحرك المطلوب في إطار المجتمع الدولي، تأتي أهمية تَلقف مَطلَب وفكرة إحياء مشروع قرار إرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال والاستيطان “الإسرائيلي” الاستعماري التوسعي، وهي فكرة سبق أن تم طرحها إعلاميًّا (فقط) في مرات سابقة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية، وقد جوبهت برفض فوري من دولة الاحتلال، بالرغم من أنها لم تأخذ طريقها للطرح العملي على المستويات الدولية المسؤولة.
إن مطلب الحماية الدولية يهدف إلى حماية المدنيين العزل أولًا، وحماية شؤون حياتهم اليومية ثانيًا، وتأمين مستلزماتهم اليومية في حدودها المطلوبة ثالثًا، وإدارة شؤون البلد المُحتَّل رابعًا، ولمرحلة انتقالية تؤدي في ما بعد إلى تسليمه زمام الأمور بيده وبمساعدة المجتمع الدولي، وتمكينه من الاستقلال ونيل الحرية.
إن طرح الفكرة إياها، وإن كانت صعبة التحقيق في الوقت الراهن لأسبابٍ مُختلفة، إلا أنها مسألة على غاية الأهمية لتقديم المبادرة السياسية المضادة لما تروجه الرواية “الإسرائيلية” بشأن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتحريك المجتمع الدولي، والضغط السياسي على “إسرائيل” لوقف عربدتها وسلوكها الفاشي اليومي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
لقد سَبَقَ وأن قامت الأسرة الدولية في فتراتٍ سابقة، مُمثلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باتخاذ قرارات لها علاقة بحماية العديد من شعوب العالم التي كانت واقعة تحت نير الاحتلال إلى حين استقلالها التام، وحتى الشعوب التي كانت واقعة تحت نير الظلم والاستبداد الداخلي في بلدانها كما حدث في الكونجو في ستينيات القرن الماضي، وفي رواندا في ثمانينيات القرن الماضي، وفي غيرها من دول أميركا اللاتينية، وفي البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفو. وحَدَثَ هذا أيضًا في ناميبيا على سبيل المثال، في ظل الانتفاضات التي قام بها شعب ناميبيا التي وقعت تحت سيطرة نظام جنوب إفريقيا (روديسيا زمن الحكم العنصري) بعد خروجها من التاج البريطاني، وهو ما قاد في النهاية الأمم المتحدة للتدخل المُباشر على الأرض لتحمل المسؤولية المباشرة وحماية شعب ناميبيا، واعترافها بمنظمة (سوابو) باعتبارها الممثل الرسمي للشعب الناميبي في العام 1973، وصولًا لاستقلالها الكامل والتام عن جنوب إفريقيا في العام 1985.
وكما حصل الأمر ذاته في تيمور الشرقية، التي حصلت على استقلالها في أيار/مايو العام 2002، بعد قرون من الاستعمار البرتغالي وعقود من الاحتلال والقتال، أودت بحياة مئات الآلاف من سكانها. وكانت إندونيسيا قد دخلت تيمور الشرقية عقب أشهر قليلة من انتهاء الاستعمار البرتغالي فيها، والذي استمر من وسط القرن السادس عشر إلى العام 1975. وبعد جهودٍ دولية وافقت إندونيسيا على إجراء استفتاء لتقرير المصير، اختار أغلب سكان تيمور الشرقية بموجبه في عام 1999 الاستقلال عن إندونيسيا. وبموجب قرارات لمجلس الأمن وتفويض منه، تولت قوات دولية عسكرية بقيادة أستراليا إدارة شؤون البلاد، إضافة إلى بعثة الإدارة الانتقالية التابعة للأمم المتحدة. وبعد سنة استبدلت القوات الدولية بقيادة أسترالية بقوة من الشرطة الدولية. استمر الحكم الانتقالي لبعثة الإدارة الانتقالية لثلاث سنوات، وبعد ذلك أصبحت تيمور الشرقية دولة مستقلة ذات سيادة، تحتفظ بعلاقات ودية وطيبة مع اندونيسيا.
إن ذلك يدلل بأن مسألة توفير الحماية الدولية مُمكنة للشعب العربي الفلسطيني الواقع تحت نير الاحتلال وممارساته، قابلة للتنفيذ إلى حين استقلاله التام، وذلك إذا اجتمعت الإرادة الدولية والمحلية، الكافية لتحقيق ذلك من قبل جميع الأطراف المعنية. وهو ما يستدعي دورًا عربيًّا وإسلاميًّا مسؤولًا على المستوى الدولي وفي أروقة الأمم المتحدة لتحقيق هذا الغرض، وعلى طريق حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.
في هذا السياق، إن الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة القادمة في نيويورك، لحظة تاريخية استثنائية لطرح مشاريع قرارات دولية جديدة بشأن فلسطين من المجموعة العربية ومجموعة دول عدم الانحياز، والبناء على قرارات سابقة لهيئة الأمم المتحدة التي تعترف بدولة فلسطين، وتقديم الشكاوى لمحكمة الجنايات الدولية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165746

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165746 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010