الجمعة 24 آذار (مارس) 2017

الرد السوري وتهديدات الكيان الوقحة

الجمعة 24 آذار (مارس) 2017 par د. فايز رشيد

تصدت سوريا للاعتداء الأخير لطائرات العدو الصهيوني على أراضيها, بإطلاق صواريخ S-200 المعدلّة, الأمر الذي يعني أنه بداية التصدّي لكل هجمات العدو المقبلة, والذي سيفكر حتما, مرات كثيرة قبل تكرارها, قد بدأت. غير أن الكيان لن ينقطع بالطبع عن استمراره في تقديم مساعداته للجماعات الإرهابية المتطرفة, التي تواصل تخريبها الممنهج لهذا البلد العربي, للسنة السابعة على التوالي, ضمن خطة مدروسة بمساندة أطراف دولية وإقليمية وبعض عربية, لتمزيق سوريا وتخريب النسيج الاجتماعي لشعبها. لقد كانت المساحة الجغرافية الممتدة بين الجولان العربي السوري المحتل, وضواحي دمشق, ومن ضمنها جبال القلمون, هي مسرح عمليات سلاح الجو الصهيوني على الدوام, الذي نادرًا ما اعترف بهذه الغارات, بل ترك المهمة لقطعان الإرهابيين, التي لم تخجل عندما كانت تقول: إن الطيران الاسرائيلي ضرب مواقع للنظام في هذه المنطقة أو المطار, وهو ما يوحي بانتصارها لهذا العدو الذي ما زال يحتل كامل أرض فلسطين العربية, وهضبة الجولان العربية السوري وأراضي لبنانية أيضا.
هذه المرة كان الاعتداء الغاشم على ضواحي تدمر, لضرب مخازن أسلحة للجيش السوري, بعد تحرير المنطقة من المنظمات الإرهابية على أيدي قوات الشرعية السورية. هذا في الوقت الذي تقوم فيه قوى الإرهاب, التي ترفع شعار الحرية والديموقراطية زورا وبهتانا, باستهداف بطاريات وقواعد الدفاع الجوي, التابعة للجيش السوري تنفيذا لأوامر أولياء نعمتها ومموليها, وتحديدا في تل أبيب, الذين يحاولون كسر شوكة الجيش العربي السوري, وتقليم أظافره, وإرجاع قوته العسكرية عشرات السنين إلى الوراء, تماما مثلما كان قرار برايمر الحاكم العسكري الأميركي للعراق بعد احتلاله, هو حلّ الجيش العراقي, وتسريح ضباطه وأفراده في سبيل إزاحته كقوة ردع في التصدي بالمعنى الاستراتيجي للجيش الصهيوني.
يتكرر الأمر في سوريا هذه المرة ولكن من خلال سيناريو مختلف هدفه الأساسي خدمة العدو الصهيوني وحلفائه العديدين في المنطقة, الذين يتشدقون بالمطالبة بالديموقراطية للشعب السوري! ودولهم وشعوبهم تعيش ويعيشون في غياهب العصور الوسطى. إنهم جميعون يقومون بتدمير سوريا وليبيا والعراق, ولربما في المستقبل سيستهدفون أقطارا عربية أخرى (يحاولون جهدهم في مصر), بعد أن لم تعد هناك أي تهديدات أمنية للكيان, مثلما أكد مؤتمر هرتسيليا 16 عام 2016 ومؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي الذي انعقد في أوائل العام الحالي 2017, ذلك بالطبع وسط ارتياح كامل من قادة العدو بأن الكيان لم يعش منذ إنشائه وضعًا استراتيجيًّا مريحًا كما هو عليه منذ سبع سنوات (سنوات إشعال الحرب في سوريا), وخصوصًا بعد أن وجد الاحتلال مؤيديه وأعوانهم من العرب, ممن ينوبون عنه في بث كل أحقاده وسمومه في عموم المنطقة العربية, ويتمنون انتصاراته وهزيمة سوريا. الهجمات الصهيونية, كانت في معظمها لدعم الجماعات الإرهابية في هجماتها بالتنسيق والتعاون مع غرف وأصحاب العمليات السوداء, التي أقيمت لدعم هذه الجماعات بتسهيلات وخطط إقليمية ودولية, وأيضًا للحؤول دون خسارة هذه الفصائل لمواقعها التي أراد الجيش السوري تنظيفها وكنسها من بقاياهم.
من جهة أخرى, فإن تهديدات وزير الدفاع الصهيوني الفاشي ليبرمان, النظام السوري, بتدمير بطاريات دفاعاته الجوية، في حال تكرار إطلاقه النار على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي, ما هو إلا وقاحة وتطاول صهيوني بامتاز, ولم يكن ليجرؤ على قوله, لو لم يجد مؤيدين وممولين لاعتداءاته على هذا البلد العربي. إن تهديد العنصري النازي ليبرمان, كانت قد ذكرته, إذاعة “صوت إسرائيل”, التي نقلت عنه قوله أيضا (الأحد 19 آذار /مارس الحالي): إن إسرائيل ستواصل العمل لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان. وكان رئيس الحكومة الصهيونية قد صرح الجمعة(17 مارس/آذار الحالي), بأن تل أبيب ستواصل استهداف قوافل الأسلحة عند توفر المعلومات الاستخباراتية, للحيلولة دون تسلم حزب الله اللبناني أسلحة متطورة,وفق ادعائه.
الإرهابيون وأسيادهم وكل أولياء نعمهم, يريدون كسر شوكة الجيش السوري, وتقليم أظافره, حتى يتمكن الكيان من فرض جدول أعماله على المنطقة, وكي يوضع هدف تصفية القضية الفلسطينية, موضع التنفيذ, وبالفعل هذا ما يجري. لكن مرحلة ما قبل الرد السوري, هي ليست مرحلة ما بعده بالتأكيد. لذا كان الرد على الغارة قويا, فتم توجيه الأمر بتشغيل رادارات الدفاعات الجوية السورية وإطلاق الصواريخ المضادة, كي تقول لقادة الكيان الصهيوني: إن الأجواء السورية لن تكون مستباحة بعد الآن, كما الرد على الوزير الصهيوني المتطرف إسرائيل كاتس, الذي صرّح في تبجح واضح بأن إسرائيل “لن تسمح بتغيير قواعد اللعبة”, جاء الرد ليؤكد له, لستم أنتم من يحدد قواعد اللعبة! فقوى مقاومة العدو, سواء أكان المختبرون عربًا أم صهاينة أم قوى إقليمية ودولية أخرى هي التي تحدد قواعد اللعبة, الذي بات لديه من الثقة بالنفس والإنجازات الميدانية ومعادلة الاصطفافات الجديدة والراسخة وبالاستناد إلى حلفائه الروس والإيرانيين وحزب الله, ما يسمح له بتغيير قواعد الاشتباك ووضع ضوابط لها, على نحو يحول دون مواصلة العربدة والتدخل لصالح المجموعات الإرهابية, التي باتت في مربع التصفية, بعد أن تخلى عنها ورفع عنها أسيادها ومشغلوها, أيديهم عنها ولو جزئيا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165672

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165672 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010