الجمعة 24 آذار (مارس) 2017

في الحدث: تراجع صيت القمم العربية .. لماذا؟

الجمعة 24 آذار (مارس) 2017 par طارق أشقر

المعاصر لاجتماعات قمم جامعة الدول العربية في عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ربما يكون شاهدًا على حالات نادرة من الحشد الإعلامي، والتجييش الفكري والسياسي في فترات زمنية قد تصل إلى شهور قبل انعقاد أي من قمم ذلك الزمان، غير أن الألفية الجديدة شهدت تراجعًا واضحًا في صيت قمم جامعة الدول العربية لدرجة قد تصل إلى بهتان الاهتمام الشعبي في الشارع العربي بموعد انعقادها وما ستناقشه من قضايا.
قد يبدو الأمر واضحًا من خلال ما يشبه انعدام الزخم الإعلامي لكافة قمم جامعة الدول العربية التي انعقدت في السنوات الأربع الأخيرة التي أعقبت عام 2011 وما شهدته المنطقة العربية من متغيرات دراماتيكية كان لها الأثر الأكبر في تغيير الصورة الذهنية لدى الشارع العربي عن قمم جامعة الدول العربية، وما يمكن أن يخرج منها من قرارات يرجى منها التوصل لحلول جذرية لقضايا ظلت تقلق الشعوب العربية وتتعلق بمصائرهم.
وبهذا ينبري السؤال الأهم عن: لماذا تراجع صيت تلك القمم في ظل الراهن السياسي المتخم بالقضايا المتراكمة في جغرافية الجامعة، والتي ما خلا جدول أعمال أي من قممها من تلك القضايا، والتي بينها القضية الفلسطينية، وقضايا التطرف وغيرها من القضايا التي رغم أهميتها ومحوريتها؟ إلا أن عجز الجامعة عن التوصل إلى قرارات مدعومة بالقدرة الجماعية على التنفيذ، ربما يكون هو أحد أهم الأسباب التي أضفت على الكثير منها صفة الرتابة والملل، وذلك بالقدر الذي انعكس سلبًا على مستوى طموحات الشارع العربي تجاه قمم جامعة الدول العربية.
ولسوء طالع الصورة الذهنية التي بدأت ترسخ عن مدى قدرة اجتماعات جامعة الدول العربية على تحريك الراكد من مشكلات الشعوب العربية والدفع بها نحو الحلول، هو ما عاشته المنطقة من ظروف جيوسياسية مند بداية التسعينيات وحتى اليوم، والتي أدت تداعياتها إلى غرق المنطقة في بحر من التعقيدات السياسية وانفراط الأمن وفقدان السيطرة على تبيانات التركيبات الديمجرافية للكثير من دولها، والذي أدى بدوره إلى بروز موجة مرفوضة من الصراعات الطائفية، وذلك في وقت ساعد فيه انهيار بعض الأنظمة السياسية إلى وفرة السلاح وسهولة الحصول عليه…إلخ من التعقيدات التي أسهمت في تهديد الاستقرار بالمنطقة.
ومع تتابع حالات الانفلات، واتساع رقع الصراعات السياسية بالمنطقة، وجدت جامعة الدول العربية نفسها تارة عاجزة حتى عن اتخاذ أبسط القرارات التي كان بإمكانها جمع الصف العربي تجاه قضية مصيرية واحدة، وتارة تتشرذم في مواقفها وتهتم بقضايا انصرافية تاركة الكثير من القضايا المفصلية الأخرى تتطور حتى هددت الاستقرار بجغرافيتها.
وفي ظل هذه الظروف التي عانت فيها الجامعة الضعف والوهن ظهر “داعش” الذي لم يكن للجامعة لا حول ولا قوة لها تجاهه، فشرد الأسر واغتصب النساء وسبى الصبايا صغيرات السن، وفي نطاقات أخرى عربدت إسرائيل في الجولان السوري، في وقت تشردت فيه قطاعات عريضة من الشعب السوري تاركة وطنها وباحثة عن الأمن والأمان في أوروبا وغيرها، كما انزلقت الثورة الليبية عن أهدافها وعمت الفوضى في التعامل مع مقدرات الشعب الليبي الاقتصادية، ومع كل ذلك كانت نتائج تحركات الجامعة بأشبه بنتائج التزامها بالصمت تجاه تلك القضايا.
وعليه ربما تكون هذه الحالة من التتابع في الأزمات وتواترها، سواء كانت أزمة القضية الفلسطينية أو الأزمات العراقية المتعاقبة أو الأزمة السورية المعاصرة والأزمة اليمنية وما تبعها من جوع شعبي، والمجاعات الصومالية والقائمة تطول دون أن تنجح الجامعة في كبح جماح الضعف العربي المعاش، كل ذلك قد يكون مبررًا كافيًا لتراجع وهج اجتماعات القمم العربية وعدم احتفاء الشارع العربي باقتراب انعقادها، كما كان عليه الأمر قبل ثلاثة عقود من الآن. ولكن لربما يكون الأمر مختلفًا لو تحولت هذه الجامعة من كيان سياسي عجوز إلى كيان اقتصادي بالضرورة أنه يتمتع بقوة اقتصادية هائلة، وذلك في وقت برهنت فيه التجارب العملية بأن التقاء المصالح الاقتصادية وتكاملها أقدر على حشد التأييد والاهتمام بتحركات تجمعات الدول وقممها واجتماعاتها المختلفة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2165595

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165595 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010