تبجحت محكمة «إسرائيلية» مؤخراً أن القدس مكان مقدس لليهود، وهذا يعني أنه لا يجوز للفلسطينيين صد اعتداءات المستوطنين عن المدينة أو عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية. «إسرائيل» بقرارها هذا تعلن ضم المدينة المقدسة دينياً بعد أن ضمتها مكانياً، وهذا يعني أن مسلسل الانتهاكات سيتواصل حتى بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض الأقصى المبارك.
وفي اللحظة ذاتها، شرع الاحتلال ببناء منشآت له قرب القصور الأموية الملاصقة للمسجد الأقصى. بالطبع هذا ليس التهويد الأول، ولكنه يأتي بعد إعلان الكيان مباشرة استملاك المدينة دينياً، وهو ما يعني بدء الخطوات التنفيذية لهذا الإعلان.
الاحتلال لن يتوقف أبداً في القدس، وكل يوم يشن حملات تهويدية من مصادرة أراضٍ وهدم منازل ومنشآت الفلسطينيين فيها، وأيضاً سن القوانين التضييقية على المقدسات. ما يقوم به غير مستغرب، فالحال المحيط به في الوقت الراهن، يدفعه بشراسة للقيام بكل ما يطمح إليه، فليس هناك من يردعه، أو يقول له كفى، سوى أصحاب الأرض الذين لا يملكون من القوة غير حناجرهم الهاتفة، وراحات تحمل حجارة لتقذف بها انتهاكات الجنود والمستوطنين.
ولكن، وبالنظر إلى التفاعل الفلسطيني والعربي على ما يحدث، فإن الردود لا ترقى إلى الحد الأدنى من حجم الغيِّ الصهيوني، حتى إن الإدانات خافتة وباهتة، وهي بالتأكيد لا تجدي أي نفع، ولا تغيِّر واقعاً. فالسلطة منهمكة في السجالات السياسية حول الانتخابات البلدية، في أرض لا تملك فيها قراراً أو سلطة، وقطاع غزة يرزح تحت حصار خانق وغارات لا تهدأ، كما أن شبح الحرب يهددها في كل لحظة. أما على المستوى العربي، فإن الأوضاع مأساوية، والصراعات الدامية فيه أبعدته تماماً عن القضية المركزية، وهذا ليس فقط على الصعيد الرسمي، بل إن الشعوب الآن تعيش ظروفاً قاسية، وتسعى جاهدة لبناء ذاتها بعد ثورات ما تسمى «الربيع العربي».
الظروف الراهنة ليست في صالح الفلسطينيين إطلاقاً، فالحصار عميق، وخطط إنهاء وجودهم قد رُسمت، وهي الآن قيد التنفيذ، بمساندة أمريكية، وتغاضٍ غربي، وقلة حيلة العرب والمسلمين بافتقارهم لإرداة حقيقية يستطيعون من خلالها الصد والمواجهة. لذا فلن تتوانى «إسرائيل» عن فعل ما تريد، وتحقيق ما عجزت عنه سابقاً.
المرحلة الآن تحتاج من الفلسطينيين إلى بناء قوتهم، وترتيب أوراق بيتهم الداخلي، ثم اتخاذ خطوات جريئة، أولاها مصالحة حقيقية ولمّ شمل شطري الوطن، ثم الاتفاق على برنامج مقاوم موحد، يكون حائط صدٍّ في وجه عنجهية الاحتلال وهمجيته.
الجمعة 3 آذار (مارس) 2017
القدس.. ومحكمة التهويد
الجمعة 3 آذار (مارس) 2017
par
علي قباجة
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
39 /
2178066
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2178066 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 11