الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

المطلوب من فلسطينيي الشتات

الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017 par د. عبد الستار قاسم

طاحونة القضية الفلسطينية تدور، ومكانة القضية الفلسطينية على كافة المستويات تتدهور، والحس الجماهيري داخل فلسطين وخارجها بالمسؤولية تجاه الحقوق الوطنية الثابتة يضعف تدريجيا، وهو في منحدر خطير.

على مستوى الداخل الفلسطيني هناك تراجع ملحوظ في الثقافة الوطنية والحس الوطني، وأخذت الهموم الخاصة تطغى بقوة على الهمّ الوطني. والسبب راجع بصورة أساسية إلى تصرفات السلطة الفلسطينية وعلاقاتها التطبيعية والأمنية مع الكيان الصهيوني، وبسبب استهتار أغلب الفصائل بالقضية الوطنية. حتى أن الثقافة الوطنية تراجعت بصورة حادة، وحلت الاهتمامات المعيشية اليومية محل الاهتمامات بالقضايا العامة والوطنية.

تراجع القضية الفلسطينية في الثقافة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية لا يلغي مسؤولية فلسطينيي الشتات تجاه القضية، والمفروض إن سقط علم من هذه اليد أن تتلقفه يد أخرى تبقيه عاليا.

وإذا كانت سياسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية قد أحدثت غورا كبيرا في الانتماء الفلسطيني الداخلي والالتزام، فإنه من الأولى أن يقف فلسطينيو الشتات دفاعا عن حقوقهم الوطنية الثابتة بخاصة أن سياسات القيادات الفلسطينية قد أهملت الشتات كما أهملت الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة/48. علت العلاقات مع إسرائيل على العلاقات الداخلية الفلسطينية، وأصبح لم شمل الشعب الفلسطيني وتوحيده على دين سياسي واحد من الأمور التي قد تغضب إسرائيل وتمس العلاقات معها فتتعرض القيادات المزورة لضغوط إسرائيلية.

منظمة التحرير ضربت بعرض الحائط حق العودة عندما اعترفت بإسرائيل ووقعت اتفاق أوسلو على الرغم من تمسكها بهذا الحق إعلاميا. التمسك بالحق يتطلب وضع برامج قابلة للتنفيذ لإبقاء حق العودة في المحافل الدولية وفي العلاقات مع مختلف دول العالم.

فأين أهل الشتات من حق العودة، وأين هم من الثقافة الوطنية الفلسطينية؟ وأين دورهم في توحيد الشعب الفلسطيني؟ نحن في الضفة الغربية وغزة غير قادرين على ضخ الحياة في الثقافة الوطنية، ولسنا قادرين على توحيد الشعب وطاقاته. فماذا أنتم أيها الشتات فاعلون؟

لقد ناشدناكم مرارا وتكرار لعمل شيء ما، والقيام بنشاطات من شأنها أن تحافظ على بعض كرامتنا وبعض حقوقنا، ولم نجد استجابة. توجهنا إلى شعبنا في مخيمات اللجوء في الأردن وسوريا ولبنان لإثبات وجودهم وقول كلمتهم، لكن لا حياة. وكم من مرة توجهنا إلى الفصائل الفلسطينية خارج فلسطين لتطوير مؤسسة فلسطينية تهتم بالشؤون الفلسطينية، وبالدفع نحو وحدة الشعب، لكن يبدو أنها لا تختلف في الموات عن الفصائل الفلسطينية الموجودة داخل فلسطين. من الأولى أن يستجيب اللاجئون للدعوات لأنهم أكبر المتضررين من المسيرة التفاوضية العبثية الجارية منذ أعوام طويلة، لكن الحراك في المخيمات يكاد يكون غائبا.

باختصار مطلوب من فلسطينيي الشتات التالي:

أولا: دعوة كبار المثقفين والمفكرين والأكاديميين وأصحاب الرأي إلى مؤتمر فلسطيني يختارون له اسما مثل مؤتمر الشتات الفلسطيني للتداول بأمر القضية الفلسطينية والخروج بتصورات أولية حول مستقبلها ومسؤولياتنا جميعا تجاهها. والمسؤولية تقع على عاتق أسماء فلسطينية بارزة مثل عبد الباري عطوان وإبراهيم حمامي وسوسن البرغوثي وبسام أبو غزالة ومنير شفيق ونبيل البشناق وأحمد الدبش وإبراهيم علوش وعبد القادر ياسين، الخ. هناك كفاءات وخبرات فلسطينية كثيرة موجودة في الخارج، وأعدادها أكبر بكثير من أعداد الكفاءات داخل فلسطين والمفروض أن تشارك في صنع الخارطة الداخلية والخارجية الفلسطينية.

ثانيا: الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى صياغة ميثاق فلسطيني يحرص على الحقوق الفلسطينية ويضع المبادئ والأسس والمعايير والقيم الوطنية والأخلاقية الفلسطينية التي يجب التمسك بها على كافة المستويات. لا يعقل أن تكون الأرض مغتصبة وبعض الشعب تحت الاحتلال ولا يوجد ميثاق أو دستور ينظم حياة الشعب ويلزم الأفراد والأحزاب بمسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية. حاولنا مرارا الضغط باتجاه كتابة ميثاق لكن الفصائل غير معنية وكبار المثقفين والمفكرين يحتل الرعب قلوبهم ولا يريدون التحرك.

ثالثا: مطلوب صياغة مرجع خاص بالثقافة الفلسطينية غير المنفصلة عن الثقافة العربية وذلك لتحقيق الوحدة الثقافية الفلسطينية. الصهاينة واليهود توحدوا خلف ما ورد من نصوص في العهد القديم، وشكل العهد أرضية يلتقون عليها مهما اختلفوا ومهما تشتتوا. في مثل حالنا، لم تقم منظمة التحرير أساسا بصياغة مرجعية ثقافية توحد الشعب في كافة أماكن تواجده، وكل ما كانت تهتم به أنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب حتى اعترفت بإسرائيل ووظفت بعض أبنائنا جنودا يخدمون الأمن الصهيوني.

نحن بحاجة إلى مرجعية ثقافية تقيم منظومة أخلاقية متكاملة، وتوضح أسس الترابط الاجتماعي ومبادئ العلاقات العامة بين الناس، وتوضح مسؤوليات الأفراد والأحزاب والتنظيمات تجاه القضية الفلسطينية، وتعني بمقومات الثقافة الوطنية على المستويات الفنية والإدارية والتراثية والسلوكية، إلخ.

هذه مسؤولية وطنية ذات أولوية وأمانة، وهي فرض عين الآن. الوضع الفلسطيني بحاجة إلى إنقاذ ونحن ننتظر مساهمات الشتات نحو إعادة عقارب الساعة إلى دورانها الصحيح.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165404

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عبدالستار قاسم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165404 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010