الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

قطاع غزة وأزمة الكهرباء وتكتيك الاحتلال

الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017 par علي بدوان

يعيش قطاع غزة أجواءً من الترقب والحذر، في ظل التسريبات المُتتالية التي تُطلقها وسائل الإعلام “الإسرائيلية” وفيها الحديث عن إمكانية قيام حكومة نتنياهو بمغامرة عسكرية جديدة لاستهداف القطاع، حيث كانت الغارات الجوية “الإسرائيلية” التي وقعت أوائل فبراير الجاري بمثابة ما يُمكن تسميته بـ”جس نبض” “إسرائيلي” لقياس ردود الأفعال المتوقعة.
وفي التقدير، إن دوافع دولة الاحتلال لشنِ حربٍ واسعة، جديدة، على قطاع غزة ما زالت غير مُكتملة في قضايا أساسية، أبرزها عدم وضوح أهداف الحرب وما يمكن تحقيقه، وهنا من ناحية سياسية لا يمكن لدولة الاحتلال الدخول في الحرب قبل المرور بمرحلتين. المرحلة الأولى: هي مرحلة تقدير الاعتبارات الاستراتيجية في هذا المرحلة، من حيث الهدف الرئيسي للحرب، وما يمكن أن تحققه من دخول هذه الحرب. والمرحلة الثانية هي توفّر بيئة الحرب ومركباتها التي تساعد “إسرائيل” على تحقيق أهدافها، وهذه تتمثل بالواقع الإقليمي والدولي، بالإضافة للبيئة الداخلية للخصم، إلا أن هذه المرحلة مرتبطة بالمرحلة الأولى وهي تُعتبر مُكمّلة لها وليس العامل الأساسي الذي قد يدفع “إسرائيل” لدخول الحرب، فالعامل الأساسي هو وجود هدف استراتيجي للحرب في المرحلة الراهنة وبما يجنب “إسرائيل” ردود الأفعال الدولية الساخطة كما حصل في عدوان نهاية العام 2008 وأوائل العام 2009 عندما تم إدانة دولة الاحتلال عبر تقرير (جولدستون) الشهير.
إن التقدير الأكثر صوابية ورجاحة، يُقرّر أن دولة الاحتلال ستعمل خلال المرحلة الراهنة ومعطياتها، وفق تكتيكٍ مزدوج بالنسبة لقطاعِ غزة. فهي من جهة ستواصل تسخين وتوتير الأجواء من حين لآخر، عبر توجيه ضربات عسكرية محدودة ضد القطاع، وضد أهداف مُنتقاة، بما في ذلك غاراتٍ جوية، والهدف منها الضغط على المعادلة الفلسطينية، وإرباك الوضع العام في القطاع. ومن جهة ثانية ستواصل زيادة منسوب المعاناة اليومية لعوم الناس والمجتمع الفلسطيني في القطاع في ظل استمرار الحصار الجائر المضروب على القطاع منذ العام 2007، بما في ذلك مُفاقمة أزمات الناس المعيشية، وحاجاتهم الأساسية، وعلى رأسها مسألة الطاقة الكهربائية.
إن سلطات الاحتلال في خطها التكتيكي المزدوج، هذا، تُراهن على تفجير الوضع في القطاع من داخله، وإيصال أوضاع المواطنين الغزيين إلى حدودٍ عالية من الاحتقان. كما تراهن على تفجير العلاقات البينية الفلسطينية بين مُختلف الأطراف الفلسطينية، ما حدا بالصحافي “الإسرائيلي” روني شاكيد للقول بأن اللعب “الإسرائيلي” على ما يجري في القطاع على ضوء أزمة الكهرباء ليس أكثر من “مراهنة ولعب في نارٍ حارقة”. بل وطالب حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو بالمُسارعة في حلٍ مشاكل قطاع غزة، وقال: “حذار حذار حذار من المراهنة، بل المُسارعة والمبادرة لحل المشكلة”. مُحذرًا من أنَّ “إسرائيل لن تكون بعيدة عن انفجار الوضع المعيشي والحياتي والاجتماعي في القطاع”.
إن حقيقة الواقع القائم في القطاع، من حيث المشاكل الحياتية اليومية، تتحمل أسبابه الرئيسية والمباشرة سلطات الاحتلال، وحصارها الجائر على القطاع، وهو الحصار المتواصل منذ العام منذ 2007، حيث تعمل على التضييق على الغزيين في أكثر من مجال، سواء تجاريًّا أو بحريًّا، وآخر أزمة اشتعلت في القطاع كانت متعلقة بالكهرباء، حيث تصل ساعات الوصل يوميًّا لأقل من أربع ساعات فقط، وتُمثل عملية فصل الخطوط “الإسرائيلية” المُغذية للقطاع بشكلٍ يومي أحد أسباب الأزمة الرئيسية، وهي عملية مقصودة ومدروسة، وعقابية، وليست بريئة وإن تلطت تحت عناوين مختلفة.
وفي هذا السياق، إن أزمة الكهرباء في القطاع، وشِحِ منسوب الطاقة المتدفقة (النفط السائل والغاز) للقطاع عبر ميناء أسدود (أشكلون) الواقع داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948، فاقم من فقدان الطاقة الكهربائية حيث يتم عمليًّا انقطاع التيار الكهربائي بحدود عشرين ساعة في اليوم الواحد في معظم مناطق القطاع. وقد زادت مشكلة الطاقة الكهربائية مع وجود حالة من التنازع الداخلي الفلسطيني وتبادل الاتهامات في ظل وجود حالة الانقسام الحكومي بين رام الله وغزة.
فقد تفاقمت الأمور في القطاع في الفترة الأخيرة، وتم تسيير المظاهرات المتبادلة، على ضوء استمرار أزمة الكهرباء ووصولها إلى حدودٍ صعبة، لم يعد من المُمكن السكوت عنها، أو اعتبارها ترفًا لا حاجة لها. حيث القطع المستمر للتيار الكهربائي، وعدم وجود اعتمادات مالية، ووجود حالة من التسيب في جمع استحقاقات استجرار الطاقة واستهلاكها.
في هذا الإطار، من حق الناس أن تتظاهر في القطاع، من أجل المطالبة بحقوقها المعيشية البسيطة، والدفاع عنها. فالمطالبة بالحقوق حق وواجب لا يجوز إهماله أو التفريط فيه، للمطالبة بتحسين الأوضاع الحياتية من كافة جوانبها، والمطالبة بالكهرباء والسخط على واقعها الراهن والمسؤولين عن ذلك. وليس من حق أي طرف فلسطيني مواجهة حركة الناس وعموم المواطنين، بل من المُفترض استيعابها وتفهمها والالتفافِ حولها، وبالتالي في إبعاد التنازعات الفصائلية والحسابات السياسية الخاصة عن هذا الموضوع الحيوي المُتعلق بحياة الناس اليومية ومعيشتهم. والأهم من ذلك في توجيه الأنظار إلى المُتسببّ الرئيسي في كل تلك الحالة، وهو سلطات الاحتلال وسياسات دولة “إسرائيل”، والتوجه للمجتمع الدولي من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني على رفع الحصار الظالم المفروض عليه منذ سنوات طويلة. ودعمه بكل مقومات وسبل الحياة بما في ذلك بتسهيل وصول وتدفق الطاقة (نفط وغاز) للقطاع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165454

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165454 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010