الأحد 29 آب (أغسطس) 2010

التحذير من مفاوضات واشنطن

الأحد 29 آب (أغسطس) 2010 par جمال الشواهين

الأيام القليلة التي تفصلنا عن انطلاق مفاوضات واشنطن المباشرة تحمل معها معالم عديدة لما سيكون عليه الحال خلال سنة كاملة، هي المحددة لها، وسيجري خلالها نقاش حول المسائل الرئيسية الخاصة بالحدود واللاجئين والقدس. وبعدها لما يمكن أن تسفر عنه حولها، وكل ما يخص الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

الجانب العربي منقسم حول هذه المفاوضات، وقرار الجامعة العربية دعم خيارات «رئيس السلطة» في رام الله بشأنها لا يعني إجماعاً عليها، أو قبولاً بنتائجها سلفاً.

فمن جهة تتخذ العربية السعودية موقفاً منها، يقابله موقف مغاير من سوريا، وهذا الأمر يؤكد تباين المصالح، واستمرار انعكاساته على واقع الصراع والحراك السياسي العام في المنطقة، ومن جهة أخرى يعمق الانقسام العربي، ويبقي حالة الاستقطاب متاحة، ويترك الباب مفتوحاً على شتى الاحتمالات.

وفي هذا السياق تبرز الورقة الفلسطينية نفسها وهي تعاني من الانقسام الذي يزيد من هشاشة أطراف فريق المفاوضات، ولا يقلل منها في مسار المقاومة.

أما الدلالات الصريحة في الأمر، فإنها محددة بتصريح محمود عبّاس الذي أعلن تمسكه بالمفاوضات، حتى وإن بلغت نسبة نجاحها واحداً بالمئة فقط، وهو قول لا ينقصه الوضوح الذي يكشف خيارات بعينها.

في حين أن تصريح خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» برفضها ومقاومة نتائجها، إنما قابلها باستشراف مسبق، ينطوي على إدراك ما فيها من تنازلات واستسلام واستعدادات تقاسمية.

ففي الوقت الذي قبل فيه محمود عبّاس التفاوض مجدداً دون مرجعية معلنة ومتفق عليها، فإن رئيس حكومة العدو «الإسرائيلي» أعلن صراحة مرجعيته وأكدها بالملفات الأمنية، ويهودية الدولة، والقدس عاصمة لها.

وهذا الأمر هو الذي يبدو أنه دفع خالد مشعل لتحذير الأردن ومصر من مغبة وجود ما قد يمس بمصالحهما، وأن المفاوضات ستتناولها بغيابهما.

وإذا كان ما يخص مصر في هذا المجال لا يتعدى كونه يخص معبر رفح، وإعادة رسم لإدارته وتشغيله أو تحميلها مسؤوليات أكبر واستراتيجية في قطاع غزة، فإن ما يتعلق بالأردن، لا بد أن يكون أكثر وأكبر من ذلك بكثير، ويشي بما يخص المشاريع الصهيونية بشأنه.

ومثل هذا التوقع، يفسر عدم إصرار محمود عبّاس على مرجعية الهدف النهائي، وتحديده فلسطينياً بالكامل، وهو ما يفتح أبواب الاحتمالات لحلول بإيقاعات مشتركة ويؤمن طرحها أيضاً.

في الأثناء يندفع الرئيس الأمريكي أوباما داعماً للمفاوضات، وإعلانها هدفاً استراتيجياً لبلاده، معلناً برنامجاً لزيارة القدس، والاجتماع فيها مع «الإسرائيليين»، والضفة الغربية للقاء مسؤولين فيها، من أجل حثهم على تقديم مزيد من التنازلات التي تسهل التوصل إلى حلول، علماً أن لا تنازلات «إسرائيلية» من أي نوع قدمت منذ انطلاق المفاوضات لأول مرة قبل أكثر من عقدين. في حين أنها توالت فلسطينياً، ومطلوب الآن المزيد منها.

ومع اندفاع أوباما، يندفع نتنياهو من جانبه، معلناً برنامجاً للقاء محمود عبّاس مرة كل خمسة عشر يوماً، من أجل تأكيد الاتفاقيات أولاً بأول.

تحظى المفاوضات المباشرة بدعم دولي أوروبي، ومن مؤسسات الأمم المتحدة، غير أنه دعم لا يستند إلى مشاريع وخطط خاصة، ولا يعتمد القرارات والدولية بهذا الشأن، وهو ما يعني دعماً لما يتفق عليه المتفاوضون، وبصورة أخرى المطالب «الإسرائيلية» منها.

ولا يوجد فيما يجري، استعداداً لإطلاق المفاوضات مجدداً، ما يشير إلى إزالة العقبات التي أوقفتها، أو تلك التي تقف حائلاً في التوصل إلى حلول، ما يعني بقاءها علي حالها، أو تجاوزها أساساً، وفي كلا الأمرين مخاطر جدية على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، من خلال حرف بوصلتها لتوفيرها بعيداً عن مكانها. ومثل هذا الأمر هو أكثر ما يدفع للتحذير من الاعتداء على المصالح الأردنية والمصرية، عبر فرض واجبات تحظى بالتأييد عليهما، ومن جهة أخرى لعدم استثمار مشاركتهما البرتوكولية في تمرير الأمر.

في مسيرة عام كامل للمفاوضات ما يؤمن التركيز الأمريكي و«الإسرائيلي» على المسألة الإيرانية، وهذه قد تكون جوهر القصة برمتها، وليس أي أمر آخر، وحسمها أولاً هو ما يؤمن الهدف «الإسرائيلي» وليس قبل ذلك أبداً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165569

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

35 من الزوار الآن

2165569 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 36


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010