الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017

أسباب لا يُعلن عنها لتراجع المشروع الوطني

الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017 par د. فايز رشيد

ربما كان التركيز سابقا في كل ما كتبت على صفحات “الوطن” على العنوان المطروح المتعلق بالأسباب الذاتية والموضوعية كأسس للتراجع, لكني في هذه المقالة سأركز على أسباب أخرى متعلقة بأمراض أصابت الجسد الرسمي الفلسطيني المقاوم. صحيح أن آفاقا مسدودة تقف أمام التسوية, كما وجود سلطتين متنازعتين على من تمتلك مفتاح السجن الكبير للشعب الفلسطيني, والهدنة بينهما والكيان, التي أثرتّ على المقاومة, وبالتالي أدت إلى محدودية عملياتها, التي في أغلبها تتم من أبطال خارج الفصائل الفلسطينية. هذا التراجع أدى إلى استيلاء صهيوني متعاظم على الأرض الفلسطينية واستيطان متزايد, في ظل تغييب ملحوظ لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية, وانعدام وجود برنامج استراتيجي, يشكل قاسما مشتركا بين جميع الفصائل, حتى على البرنامج السيء الصيت والسمعة “برنامج النقاط العشرة”, وما زالت غالبية الفصائل (بمن فيها بعض اليسارية, التي سبق لها وأن نظرت له), بالرغم من أن التحولات الصهيونية, تؤكد بشكل متصاعد على استحالة تطبيقه (المعبر عنه فيما يسمى يـ “البرنامج المرحلي”), أي أننا في حالة ذاتية تصعب حتى على مؤيد أجبني لقضيتنا: انقسام سياسي وجغرافي بين المناطق الفلسطينية المحتلة, وضع عربي رديء متجه بانحدار شديد إلى الهاوية , وهو ما أدّى بالكثيرين من أبناء شعبنا وأمتنا إلى حالة من الإحباط المتصاعد, فأقصى ما نستطيع تقديمه في العموم, بيانات أكل الدهر عليها وشرب,وقد أصبحت مملة إلى الحد, الذي لا تشجعك فيه على إكمال قراءتها, لأنك تبصم المضمون لكثرة ما تردده البيانات المختلفة.
أيضا من الصحيح, أن الوصف الذي ينطبق على عموم الحالة هو “الرداءة”, هذا مع الأخذ بعين الاعتبار, أن الوصف المذكور هو في أعظم درجات تفاؤله. لكننا لم نصل بعد إلى الوضع الأسوأ حيث الفرد العربي, إبّان الاحتلال المغولي لأجزاء من وطننا العربي, حين كان الواحد من التتار يوقفه بجانب جدار, ويطلب منه الانتظار حتى يذهب ويحضر سيفه ليقتله, ولم يكن يجرأ على الهرب, رغم عدم وجود من يراقبه. ربما ينسى المغولي الأمر, لكن العربي يظل واقفا. صحيح، أننا لم نبلغ هذه الدرجة من الهوان بعد, لكننا في حالة, لا يحسب أحدٌ فيها حساب أمتنا, ولا ردود فعلها على ما يستفزها. إننا أمة يكثر فيها الزعماء والقادة, حيث تجد بين كل قائد وقائد, قائدا آخر, حيث بات يُخشى أن لا يظل بيننا مواطنون عاديون! المؤلم, أنه مع كثرة القادة, ينحسر المشروع الوطني الفلسطيني, عشرات السنين إلى الوراء!
رغم كل ما سبق, فإن كاتب هذه السطور, ما زال متفائلا, بحتمية الانتصار في مرحلة آتية, والتي لا بد وأن يُحاسبُ فيها الانتهازيون ويتم التخلص منهم, كما الحاقدين على القامات الكبيرة ,الذين امتهنوا الحقد والتآمر على المناضلين. في ثورتنا الفلسطينية, أصبح البعض قادة دون امتلاك أي تاريخ نضالي, ودون اختبار جدي واحد أجرى للواحد منهم. في ثورتنا نرجسيون, امتلأوا زهوا بذواتهم حد الجنون. في ثورتنا مسؤولون, لا يجيدون العمل إلا في الليل (وهذه ظاهرة صحية, لو كان عملهم مقتصرا على النضال!) لكنهم يحبكون حبائلهم مثل خفافيش الليل!. في ثورتنا الفلسطينية من أعلن الطلاق مع أنبل ظاهرة إنسانية, كفيلة بالانتصار على كل عدو, نعم, الكفاح المسلح الكفيل بطرد عدونا الصهيوني الماسوني القبيح, من وطننا كله (وليس وطننا مثلما يحاولون التصوير,أنه الضفة الغربية وغزة,إنه يافا وحيفا والجليل والنقب أيضا),هؤلاء الذين لا يجرؤون على حمل مسدس, حتى لو لم يكن أكثر من لعبة أطفال, نود سؤال هؤلاء , هل إن احتجاجاتكم السلمية (مع أهميتها) كفيلة بانتزاع حقوق شعبنا؟ نقول لهؤلاء, والله لو امتثلنا لسياساتكم, لما قامت ثورة فلسطينية من الأساس, ولتم إخفاء الهوية الفلسطينية إلى الأبد, ولكانت الفلسطينية قد ظلت مقترنة بمفهوم االلاجئين المحتاجين إلى عطف وكالة الغوث والأمم المتحدة.
أيضا من الضرورة التأكيد على الارتباط العضوي بين المشروع الوطني الفلسطيني ومثيله العربي فلا انفصال بينهما.. نعم هناك خصوصية فلسطينية لكن بالمقابل من الضرورة بمكان أن يشكل كلا من المشروعين رافعة للآخر. عند التطرق للأسباب، من السهولة بمكان إلقاء التبعات على «نظرية المؤامرة»، هذا جزء من الصورة، ولكن الجانب الأبرز الآخر في الصورة، العوامل الذاتية، فمثلا أمام لوحة الوضع الفلسطيني والعربي السابقة.. فإن التساؤلات التالية تطرح مشروعيتها الكبيرة:
الشعب الفلسطيني قادر على الانطلاق من تحت الرماد كطائر الفينيق. ندرك أن مصائر كل الغزوات, التي تعرضت إليها فلسطين على مدى التاريخ, قد ارتدت مهزومة, سيأتي زمن يكثر فيه المخلصون الثوريون, وسينتصر شعب جعل من التضحية عنوانا له, في سبيل تحقيق حريته ونيل استقلاله وعزته. مصير المشروع الصهيوني لن يكون أفضل من مصائر أشباهه من الغزاة, وسيهزم آجلا أم عاجلا, إن شعبنا وأمتنا سيغيران وجه المنطقة, وبالحتم سيكتبان تاريخها, رغما عن الحاقدين والمتآمرين والنرجسيين والانتهازيين الأقزام في المرحلة الحالية من ثورتنا.
أدرك أن الصراحة في المقالات تجر على كاتبها الويلات والعداوات, من كل من ألصقت بهم هذه الصفات الشاذة, وهم في حقيقتهم يدركون تآمرهم, الذي لن يقود إلا إلى فناء ذواتهم. لا حاجة لمطلق إنسان لهؤلاء, فحين الموت يكفي الإنسان أربعة مستأجرين لمراسيم جنازته, لا أكثر, فالبهرجة لها أصحابها, والخالد, هو من يخلده نضاله وأعماله, كتبه, موسيقاه, رواياته, شعره.. مقالات الفكرية والسياسية, وإخلاصه لمبادئه وثورته ووضوحه الشديد دون نفاقٍ من أحد, ودون انتظار لمنصب لن يرفع من صاحبه, بل العكس, به يفتخر المنصب… الخ. فلا نامت أعين الجبناء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010