الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017

المراهنة على ترامب خاسرة

الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017 par عوني صادق

منذ تحدد موعد اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، (الخامس عشر من شهر شباط/فبراير الجاري)، لم يتوقف سيل التحليلات والتعليقات عليه، وما سيطرح فيه وما سيخرج به من نتائج، سواء كان ذلك في الساحة «الإسرائيلية»، أو الفلسطينية والعربية، أو العالمية. وإذا كان ذلك يدخل في صلب عمل السياسة والصحافة، إلا أن الأمر لم يكن يحتاج كل ذلك الكلام الذي كتب وقيل في الموضوع. أقول هذا لأنه ليس لدى طرفي اللقاء ما يعتبر سراً خافياً على أحد، وقد سبق للرئيس الأمريكي أن فاض بأكثر مما عنده تجاه «إسرائيل» أثناء حملته الانتخابية، حتى أن المتوقع الوحيد منه هو التراجع عن بعض ما أعلنه، وليس الكشف عما يضاف إليه. أما نتنياهو، فقد أعلن وكرر ومارس كل ما لديه من إجراءات وسياسات وتطلعات وأكاذيب وحيل وألاعيب، وطيلة السنوات التي قضاها في كرسي رئاسة الحكومة. فهل يحتاج الأمر لكل ما سيق من أقوال وتحليلات جديدة؟ ويكاد يكون الاتفاق حاصلاً بين كل المراقبين على أن موضوعات البحث في لقاء ترامب- نتنياهو لا تتجاوز ثلاثة: 1) ملف إيران والاتفاق النووي الإيراني 2) الملف الفلسطيني بما في ذلك الاستيطان والمستوطنات ونقل السفارة وحل الدولتين 3) العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، وتحسين العلاقات وتكريس التحالف الاستراتيجي القائم بينهما.
لقد أظهرت التحليلات والدراسات و«تقديرات المواقف»، أن المراهنة، خصوصا فيما يخص مستقبل «الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، قائمة على ما يمكن أن يقنع نتنياهو به ترامب، وما يمكن للأخير أن يقتنع به وما يمكن أن يتخذ من مواقف وما يعتمد من سياسات إزاءه. ومع الاعتراف بثقل الدور الأمريكي في كل القضايا الدولية، وفي الملف الفلسطيني على وجه الخصوص، قبل ترامب وبعده حتى إشعار آخر، إلا أن الجواب على كل المسائل المطروحة في الملف الفلسطيني هو عند الفلسطينيين وليس عند نتنياهو، كما أنه ليس عند ترامب، وأن استمرار المراهنة على ترامب، والخارج عموما، هي مراهنة خاسرة سلفاً.
بداية لا بد من الخروج من أوهام السلطة الفلسطينية التي خلقها «اتفاق أوسلو» والتي مضى عليها ما يقرب من ربع قرن، والمراهنة على الدور الأمريكي و«عملية السلام» التي ترعاها الولايات المتحدة وما يسمى «حل الدولتين»، لأننا إن لم نخرج منها فلن يكون في الجعبة إلا الشجب والاستنكار والتنديد، وأحسن من ذلك التهديد واللجوء إلى الأمم المتحدة والمحافل الدولية، وكل ذلك جربناه وأدى إلى وضع الخراب الراهن. وقد يسأل سائل: ما هو البديل؟ البديل موجود ومعروف وهو المقاومة. لقد هددت السلطة الفلسطينية بأنها ستسحب اعترافها ب«دولة «إسرائيل»» إن تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة. فهل شرعنة الاستيطان وسن «قانون التسوية» وتسريع الاستيطان والتهويد والمطالبة بضم الضفة الغربية أقل خطراً على القضية الوطنية من نقل السفارة الأمريكية؟! قطعا وبالتأكيد لا، بل إن شرعنة المستوطنات وتسريع الاستيطان أكثر خطراً من نقل السفارة وبما لا يقاس طالما أن فلسطين كلها تحت الاحتلال. فلماذا لا تلجأ السلطة إلى سحب اعترافها والانسحاب من وظيفة «المخبر» و«الأداة الأمنية» للاحتلال؟!
لسنا في حاجة لقراءة تصريحات ترامب الأخير3

ة، من خارج الحملة الانتخابية، لنعرف مدى انحيازه ل«إسرائيل» وسياساتها التوسعية والعنصرية بما في ذلك سياسة التطهير العرقي المعتمدة من خلال سياسة الاستيطان. ففي آخر تصريحاته، قال ترامب: «لن أسمح بإدانة «إسرائيل» في ولايتي»! وقال: «المستوطنات ليست عائقا في طريق تحقيق السلام»! بمعنى آخر، هو مع بقاء المستوطنات ومع توسيعها ومع حكومتها المتطرفة، وفي أحسن الافتراضات ليس مع بناء مستوطنات جديدة. لكنه لن يدين ««إسرائيل»» بسببه حتى لو كان «لا يساعد على تحقيق السلام»! هنا يتبين أن ترامب في أحسن مواقفه يحقق ما يريده نتنياهو، وهو «بقاء الوضع الراهن»! فأي هراء هذا وأية سياسة هذه، وأي عاقل فلسطيني يمكن أن يراهن على رجل يقول بهذه الترهات؟
مرة أخرى: الجواب على جرائم نتنياهو وحكومته، وعلى ترهات ترامب، هو عند الفلسطينيين وليس عند نتنياهو، أو عند ترامب، ويتلخص في إسقاط «أوسلو» وما نتج عنه من مراهنات وأوهام، بما في ذلك «عملية السلام» و«حل الدولتين». وبغير ذلك ستتم تصفية القضية الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165466

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165466 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010