الجمعة 10 شباط (فبراير) 2017

ارتفاع الكراهية لليهود في الولايات المتحدة منذ انتخاب ترامب وتحذيرات من الرهان عليه

الجمعة 10 شباط (فبراير) 2017

فيما يبتهج الإسرائيليون خاصة حكومتهم بانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة تفيد معطيات هناك أن ارتفاعا حادا في كراهية اليهود أو ما يعرف بـ «اللاسامية» تشهده أمريكا منذ انتخابه قبل شهور، فيما تحذر أوساط إسرائيلية من رهان أو تعليق آمال كبيرة عليه، بل يذهب بعضها للتحذير من أن القصة ستنتهي بالبكاء.
وتفيد جهات إسرائيلية بأنه يكاد لا يمر يوم دون أن تتعرض مؤسسات يهودية للتهديد من قبل جهات مؤيدة للنازية أو كتابة شعارات معادية لليهود في الشوارع والمرافق العامة. وبالأمس تم استدعاء الشرطة لأحد الكنس في شيكاغو بعد رسم صلبان نازية على جدرانه. وقبل ذلك تم تلطيخ جدران جامعة رايس في بوسطن بشعارات نازية وداخل محطات قطار ثبتت لافتات كتب عليها «يستحق اليهود الأفران».
وانتقدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» صمت الرئيس ترامب على الظاهرة التي تفاقمت وتضاعفت عدة مرات وقالت إنه منشغل بمهاجمة خصومه في التويتر يوميا. كما استذكرت بيان البيت الأبيض بمناسبة اليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة دون ذكر كلمة يهود ولو مرة واحدة، معتبرة ذلك تكتيكا للتنكر لها بطريقة ذكية أصابت اليهود في الولايات المتحدة بالدهشة. كذلك استذكرت أن تاريخ ستيف بانون أحد أبرز الموظفين في البيت الأبيض في التعبير عن مواقف لاسامية، مقلق جدا. وتابعت «اليهود الوحيدون حول ترامب هما ابنته ايفانكا وزوجها جارد كوشنر وهما أيضا لا ينبسان ببنت شفة في هذا المضمار حتى الآن». وعلى خلفية البيان الأخير للبيت الأبيض الذي يعترف بالاستيطان ويعارض بناء مستوطنات جديدة تحذر أوساط إسرائيلية من الرهان الكبير على ترامب وسياساته حيال الصراع وإسرائيل.

بدون دراما زائدة مع الولايات المتحدة

وينبه السفير الإسرائيلي السابق زلمان شوفال من أن بيان البيت الأبيض الذي يقول إن «وجود المستوطنات ليس عائقا أمام السلام، لكن بناء مستوطنات جديدة او توسيع المستوطنات الى ما وراء حدودها الحالية يمكن ان لا يفيد تحقيق هدف السلام».
يذكر بأن كل شيء سيتغير في عهد الإدارة الجديدة في قضايا السياسة الخارجية عامة والمسألة الإسرائيلية – الفلسطينية بشكل خاص. ويقول في مقال نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم» إن قادة المستوطنين الذين شاركوا في مراسم أداء ترامب للقسم الدستوري، ربما فوجئوا، ولكنهم لا يعرفون بأن الاستمرارية تعتبر مسألة ثابتة في السياسة الخارجية الامريكية في موضوع الضفة الغربية والقدس، الحدود وما اشبه، من دون أي علاقة بالانتماء الحزبي لمن يجلس في البيت الأبيض، لافتا إلى أن الفارق يكمن بالأساس في الأمور التي يجري التأكيد عليها. وللتدليل على رؤيته يشير شوفال إلى أن صحيفة «نيويورك تايمز» التي كرست مقالا خاصا لبيان البيت الأبيض، كتبت ان «الرئيس دونالد ترامب، وبعد ان وعد بإجراء قطع حاد بينه وبين السياسة الخارجية لأوباما، قرر الآن تبني بعض أسس استراتيجية النظام السابق، بما في ذلك تحذير إسرائيل لكي توقف البناء في المستوطنات». وينبه أنه رغم كون النغمة مختلفة، إلا ان الموسيقى بقيت كما هي. ويقول إن هذا كله لا يقلل شيئا من حقيقة انه توجد في واشنطن اليوم إدارة أكثر ودية إزاء اسرائيل من الإدارة السابقة ـ إدارة منفتحة لأفكار جديدة محررة من الآراء المسبقة «للخبراء» في شؤون الشرق الأوسط، الذين حددوا الخط في الموضوع الفلسطيني في وزارة الخارجية والبيت الأبيض طيلة أجيال. ويفترض السفير السابق أن نتنياهو سيطرح خلال اللقاء الوشيك مع ترامب أفكاره وتحفظاته بشأن الطرق المختلفة لحل الصراع المتواصل منذ أكثر من قرن. ويقول إنه يمكن التكهن فقط بماذا سيكون جوهر هذه الفكار، لكنه يمكن الاعتقاد بأنها ستتناول مسألة الكتل الاستيطانية الكبرى والاتفاقات بهذا الشأن منذ فترة الرئيس جورج بوش، التي رفض اوباما احترامها.
ويقر شوفال أيضا بأنه يمكن تفسير بيان البيت الأبيض المذكور بروح الـ«لا» تعني «نعم»، أي اعتبار التوجه الى اسرائيل بأن «لا توسع البناء خارج حدود المستوطنات الحالية في القدس الشرقية والضفة الغربية»، بمثابة موافقة من قبل إدارة ترامب على الاعتراف بالحقائق القائمة، وباتفاق الكتل الكبرى. ويضيف « كما يبدو سيضم الاقتراح الإسرائيلي بنودا أخرى ستتطرق الى وحدة القدس والحاجة الى تدعيم المناطق الطرفية الديموغرافية والأمنية ومسألة الحدود التي يمكن حمايتها».
ويتساءل هل سيشمل اقتراح نتنياهو صيغة «حل الدولتين» الذي يشكل حجر أساس في التوجه الأمريكي التقليدي؟ بيد انه يكتفي بالقول إن الأيام ستكشف. ويتوقع هو الآخر لجوء نتنياهو للسلوك الدماغوغي بقوله إنه يمكن الافتراض بأن نتنياهو لن يرفض هذه الفكرة مبدئيا، لكنه سيؤكد بأن حالة الفوضى الحالية في الشرق الأوسط، وحقيقة أن الدولة الفلسطينية ستدار في هذه الفترة من قبل حماس او جهات إسلامية متطرفة أخرى، تحتم في هذه الأثناء حلولا من نوع آخر».

هذا سينتهي بالبكاء

ويحذر الكاتب الصحافي نحوم برنيع من ظاهرة الترامبية ويقول إنها يجب أن تقلق الإسرائيليين أيضا لعدة أسباب: أولا، لأن القرارات والتغاريد التي تخرج من البيت الأبيض تؤثر بشكل كبير على حياتنا كمواطني العالم، كسكان الشرق الأوسط، كيهود وكإسرائيليين. كما يعلل دعوته للقلق لأن ترامب يشكل نموذجا للتقليد: كلهم يريدون ان يصبحوا ترامب – ليس فقط نتنياهو وبينيت ولوبين، بل حتى ميري ريغف. ويتابع «ثالثا، لأن الانقلاب ليس سياسيا فقط؛ الطموح هو لانقلاب ثقافي واجتماعي، يدمر قيما أساسية في المجتمع الأمريكي ويفرض قيما أخرى. هذه ليست الدولة التي تطلع اليها العالم الحر كله، والإسرائيليون من ضمنه. هذه أمريكا مختلفة».
وفي صحيفة «يديعوت أحرونوت» يذكر برنيع انه منذ عدة أسابيع، يحصل مستهلكو الإعلام الأمريكي على قائمة طعام تضم وجبة واحدة: ترامب، ترامب، ومرة أخرى ترامب. ويتابع محذرا «لكن توجد مشكلة واحدة في كلمات العزاء هذه: إنها تذكر بالرد العالمي بعد وصول الزعيم الإيطالي موسوليني الى السلطة. إيطاليا الضعيفة، المشلولة داخليا، خرجت من الرماد. القطارات وصلت في الموعد، العاطلون عن العمل عادوا للإنتاج، كل واحد كان يعرف مكانه، ومن لم يعرف تم إبعاده واختفى. لقد انبعثت رياح جديدة في نفوس الشعب – والبلاد. لكن ذلك انتهى بالبكاء.
ويوضح برنيع أن ترامب ليس موسوليني؛ وهو ليس هتلر أيضا، كما يدعي بعض المتظاهرين ضده والتاريخ يكرر نفسه في الأغاني فقط لكنه يستبطن دروسا، من أهمها ان النظام الذي يقوم على كراهية الأجانب، كراهية الأقليات، الانغلاق والانعزال، هو نظام خطير، انه خطير أولا على اليهود والإسرائيليين. ويضيف «يمكن لإسرائيل ان تحقق فائدة هامشية من نظام كهذا في اذربيجان أو روسيا البيضاء لكنه لا يمكن لها السماح لنفسها بأمريكا كهذه».
ويقول إن اسرائيل رسخت مكانتها في الولايات المتحدة بفضل عدة عوامل، وإن كراهية المسلمين لم تكن من بينها ولا حتى بالتلميح. معتبرا أن الفصل الوحيد في تاريخ اسرائيل الذي خلقت فيه الحرب مع العرب مصلحة مشتركة كانت في التحالف مع فرنسا في سنوات الخمسينيات والستينيات، الذي قام على الحرب في الجزائر. وخلص للقول «عندما انسحبت فرنسا مات التحالف، ماتت القيم المشتركة، مات تعليم الفرنسية في المدارس، ماتت الأغاني.هذه العبرة يجب ان يكررها كل من يبني على الحرب بين إيران والولايات المتحدة. من المشكوك فيه أن الحرب ستقع، وإذا وقعت فمن المشكوك فيه انها ستفيد أمن إسرائيل. ستحدث خيانة. ترامب الذي يتعايش بشكل ممتاز مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، يمكنه العيش بشكل ممتاز مع آية الله خميني. هذه الحكاية ستنتهي بالبكاء. السؤال هو أين ستكون إسرائيل عندما تنتهي القصة؟».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165505

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار دولية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165505 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010