الجمعة 20 كانون الثاني (يناير) 2017

حرب وجودية

الجمعة 20 كانون الثاني (يناير) 2017 par علي قباجة

حشدت «إسرائيل» جيشها وآلياتها؛ لتخوض حربها ككل مرة على الفلسطينيين العزل، وتوجهت إلى قرية أم الحيران في النقب المحتل؛ لتهدم المنازل فوق رؤوس البدو، الذين يقيمون منذ ردح من الزمن في قريتهم، التي بنوها عام 1956 بعدما هُجّروا قسراً من قراهم في حرب ال48. عقلية الاحتلال التوسعية لم تستثنهم، وأبت إلا أن تهجرهم مرة أخرى. فهدمت المساكن فجراً، واعتدت على السكان، وقتلت فلسطينيين وحاصرتهم، ومنعت المصابين من الخروج.
جاء الاعتداء بعد، يوم واحد، من تصريحات جون كيري، الذي ودع اليوم منصبه وزيراً لخارجية الولايات المتحدة، الذي أكد فيها أن الاحتلال يقوم بعمليات ضم للأراضي الفلسطينية ببطء، ويدمر حل الدولتين. وبهذا التصريح يمكن تفسير إقدام الاحتلال على هدم أم الحيران، رداً عليه. ف «إسرائيل» خاضت معركة كسر عظم مع إدارة أوباما، التي عدتها عدواً لدوداً، لعدم دعمها المطلق لسياساتها.
الكيان الآن في مواجهة محمومة مع العالم، خاصة بعد اجتماع باريس، الذي ضم 70 دولة، فالمؤتمر الفرنسي يعد ضربة قاصمة للاستيطان والحكومة اليمينية الداعمة له، وجاءت تصريحات كيري المتتابعة التي تنتقد الكيان، صفعة إضافية أصابت الكيان بالصرع، لتجعله يقدم على خطوات مجنونة انتقاماً. فشرع في سن قانون لضم مستوطنة «معاليه أدوميم» المقامة في الضفة والقريبة من القدس، وباعتبار هذه المستوطنة تابعة ل«السيادة «الإسرائيلية» يعني قطع أوصال الضفة، وفصل شمالها عن جنوبها. ولم يقتصر الأمر على هذا فهي قد أقرت سابقاً قانوناً يُتبع المناطق المصنفة «ج»، التي تشكل 60% من أراضي الضفة للكيان.
الاحتلال بهجومه على الضفة، والقرى العربية في الداخل المحتل، يحاول تغيير التركيبة الديموغرافية، من خلال تجميع الفلسطينيين في تجمعات معينة، ومن ثم عزلها وخنقها، ليطرح بعد أن يرسم حدوده كما يريد، مبادرات الحل مع الفلسطينيين، لكنه يكون قد قتل جوهر أي دولة حقيقية.
الاحتلال لن يتوقف عن حربه الوجودية، فهو يضرب في كل مكان، ولا يستثني أحداً، وهذا يتطلب من الفلسطينيين بمناطق تواجدهم كافة، التوحد في المواجهة، والتعاضد والتعالي على التقسيمات التي فرضت عليهم، فالضفة وغزة وال48 سواء، والجميع يتعرض للظلم نفسه.
ويقع على عاتق العالم إعادة الأمور إلى نصابها برد المظالم، وإنصاف الفلسطينيين بعد أن ذاقوا الويلات، وعدم الاعتراف بالحقوق فقط، بل عليه أن يتبع تصريحاته بخطوات عملية، تردع الكيان. فتصريحات كيري مهمة، ويمكن البناء عليها، لكن لا يمكن الوثوق بنواياه تجاه القضية الفلسطينية، فغالباً هذه مناكفات مع الغريم نتنياهو، أكثر من كونها انتصاراً للحقوق المشروعة للشعب الأعزل. فإدارة أوباما قدمت دعماً كبيراً للكيان، وأخيراً مولته ب 38 مليار دولار، لبناء برامجه العسكرية. من أراد نصرة فلسطين فلينصرها عملياً، لا بأقوال وبيانات هنا وهناك بغرض المناكفة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165911

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165911 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010