الجمعة 6 كانون الثاني (يناير) 2017

هل تملأ مصر الفراغ

الجمعة 6 كانون الثاني (يناير) 2017 par صالح عوض

يبدو الوطن العربي مكشوف الغطاء مستباحا للقوى الدولية والإقليمية سواء.. ولأسباب عديدة أهمها موقعه الاستراتيجي والروحي ولاكتنازه الثروات الحيوية عاد مسرحا للعمليات العسكرية والفوضى بأنواعها.
مصر في المشرق والجزائر في المغرب عماد الأمن القومي العربي والانتباه لما يحيط بهما يدفعنا إلى القول إن التحرك نحو الكل العربي لابد أن يكون بهما معا وهو كذلك شرط أساس للاستقرار الداخلي.

أسقط الغربيون واحدة من أهم عواصمهم ـ بغداد - ليبدأ مسلسل إسقاط العواصم فكانت دمشق وطرابلس الخطوة التالية التي ستحدث في السد الثقوب المطلوبة لانهيار العواصم الواحدة تلو الأخرى فتنهار الدول العربية ويتشتت المجتمع العربي إلى مكونات إثنية مزودة بالسلاح والأحقاد والتنازع.. فيتم بذلك تكريس الخطوات التالية من المشروع الاستعماري في بلداننا.

هكذا تبدو المنطقة قاصرا لا تملك أمرها.. وزاد الطين بلة أن تحرَّكَ بعض الرسميين بردات فعل غبية عمقت الأزمات وأرهقت الأمة في روحها وإمكاناتها، بل وصل الحال إلى أن يطالب البعض بطرد بعضها الآخر من رابطة العرب الشكلية جامعة الدول العربية.. وهنا أصبح السؤال مشروعا: اين عواصم العرب الكبرى لتدارك الحال؟

مما لاشك فيه ان العرب جميعهم يتطلعون إلى مصر بموقعها الاستراتيجي المجاور لفلسطين وفي القلب من الوطن العربي وصاحبة الكتلة البشرية الكبيرة - 100 مليون - وصاحبة الأزهرِ الشريف ذي التاريخ المشرق، مصر التي كانت لعقود طويلة موطن الهم العربي والمعين لحركات التحرير العربية وذلك قبل ان يسحبها كامب ديفد من دورها الإقليمي إلى الارتداد داخل الحدود.

في غياب مصر عن المشهد العربي، حصلت كوارث وفقد العرب فرصا كثيرة في تغيير شروط الصراع مع أعدائهم وأصبحت أرضهم نهبا لكل طامع ولكل صاحب أجندة.. فيما هي في عزلتها تكابد التردي الاقتصادي والتنازع السياسي فاقد الاتجاه وتعاني من حرمانها ألق الدفاع عن فلسطين.

عندما يجمد أكثر من مائة مليون عربي عن التفاعل الإيجابي والرائد في قضايا الأمة “العراق وسورية وفلسطين واليمن وليبيا” فإن ذلك يعني بوضوح ان الساحة أصبحت فارغة لكل من هب ودب.. كما أن العوازل التي أقامتها مصر حول نفسها لن تصد الفوضى والانهيار الحاصل في المنطقة، بل ستكون مصر عرضة أكيدة لها.

من هنا بالضبط فإن حضور مصر في القضايا العربية بما تمثله من ثقل عربي سكاني هو الأكبر، وثقل إسلامي – الأزهر - هو الأنضج والأكثر اعتدالا، يعني ان تصبح المنطقة أقدر على استعادة هويتها وسيادتها وأن تنجو من المشاريع الإقليمية والخطط الدولية.. كما انه يمنح مصر أبوابا لاسترداد عافيتها وانشراح روحها تتنفس في محيط كبير من طنجة إلى جاكرتا.

إن حضور مصر الإيجابي في القضايا العربية لاسيما سورية والعراق سيدفع بالقوى الإقليمية المجاورة للعرب إلى إن تلزم حدها وأن تعد للمليون قبل أن تسهم في أي ارتباك داخلي.. بل وسيكون لحضور مصر اثر بالغ في صياغات عقلانية لعلاقات سوية بين العرب وجوارهم.

بغض النظر عن طبيعة النظام في مصر فإن عليها واجب الدفاع عن سورية والعراق واليمن وليبيا فذلك هو خطها الأمني المتقدم وان تطلق طاقاتها السياسية والدينية والعسكرية لذلك.

وبهذا تنهض روح المقاومة الحقيقية؛ فلا مقاومة حقيقية في غياب مصر، ولا توازن في المشرق العربي على الأقل بدونها.. ولا أحد يمكنه ملء الفراغ المذهل إلا مصر فهل يتركونها تنهض؟ وهل تستطيع تكسير القيود فتنهض؟.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 82 / 2165536

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165536 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010