الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر) 2016

“سانتا كلوز يحارب الاحتلال”

الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر) 2016 par د.احمد جميل عزم

تصفحت في الحي اليهودي في بودابست، بعض قصص الأطفال التي تباع هناك، فوجدتها تتحدث عن إسرائيل. وكانت أول قصة أطفال واجهتني بالإنجليزية تقول، مع صورة لأب يقود عربة فيها طفل نائم: “ها نحن في تل أبيب، في أول إجازة عائلية لنا. لقد ذهبنا إلى إسرائيل. زرنا المدن، والصحراء، والساحل، والجبال. ولكني لا أتذكر الكثير، فقد كنت رضيعاً صغيراً. هل يمكن أن تراني أنام في عربتي الحمراء؟”.
وجدت في المتحف اليهودي في فيينا صورة طالما بحثت عنها؛ فها هي صورة ثيودور هرتزل ينظر من شرفة شباكه، في مدينة أوروبية، حيث النهر وفوقه الجسر ومن خلفه جبال. ثم الصورة ذاتها مرسومة رسما، أو أضيف للصورة الفوتوغرافية جزءٌ مرسوم (وجدتها على سجادة)، وبدل أوروبا وأنهارها وجسورها، تشاهد أسوار القدس، وصورة يهود في القدس، كما لو كان هرتزل يفكر بهم في تلك الصورة.
مثل هذه القصص والصور لا توضح عمق المعركة على الصورة والفكرة في المشروع الصهيوني وحسب، ولكن توضح كيف أنّ الكذب المطلوب لهذا المشروع، يؤدي إلى انحدار في مستوى العقل البشري نحو الاقتتال على كل شيء.
ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، في خطاب موجه لوزير الخارجية الأميركي الذي ألقى خطابا ناقدا للحكومة الإسرائيلية: “نحن نحتفل الآن بالكريسماس،”. وقال: “ربما لا يرى وزير الخارجية جون كيري أن إسرائيل المكان الوحيد في الشرق الأوسط حيث يحتفل المسيحيون بأعياد الميلاد بأمان، وسلام وسعادة”.
كما في كل عام في الأعوام الأخيرة، ذهبت مجموعة من الناشطين إلى مسيرة في بيت لحم، يلبس بعضهم ملابس “سانتا كلوز”، يحاولون أن يتحدوا الحصار الإسرائيلي على المدينة، والدخول للقدس. وكان العدد هذا العام صغيرا، كما يشير تسجيل الفيديو للمسيرة، ويمكن التعرف على أغلب وجوه المشاركين بسهولة، ولكل منهم قصص تحتاج مقالات منفصلة. لكن ما يميزهم، أنهم يعتقدون أنّهم يمكن أن يواجهوا الاحتلال، ولو كان كل منهم على انفراد. فمن الذي صَوّر، وفضح، جرائم قتل الإسرائيليين للفلسطينيين ودس السكاكين إلى جانبهم؛ إلى اللذين فوجئا يوماً وهما يدعوان لتظاهرة ضد مستوطنين أتوا لمصادرة أرض، ولم يجدا معهما أحدا، ومع ذلك حاولا التصدي لهم؛ إلى المقاتل الذي قاتل في بيروت العام 1982، ويصنّع المجوهرات، مع اشتراكه في كل نشاط للتصدي للاحتلال في أي مكان يمكن أن يصله.
ادعاءات نتنياهو تجعل مسيرة الشبان في بيت لحم ذات أهمية خاصة، لأنها تكشف زيف هذه الادعاءات. وفعلا، غطت مسيرتهم الصغيرة وسائل الإعلام العالمية. لكن أيضاً ليس بعيدا عن تلك المسيرة، كانت مسيرات عيد الميلاد السنوية الاحتفالية، وفرق الكشافة، التي تضم مسلمين ومسيحيين.
في مدينة بيت لحم، تشاهد الأطفال المسلمين والمسيحيين في أعياد الميلاد يحتفلون ويلبسون الملابس الجديدة. وفي جامعة بيرزيت الجميلة، في رام الله، باتت شجرات عيد الميلاد تقليدا لا يتعلق بدين أو فئة من الطلبة، وصور الشهداء من كل الفصائل بلا استثناء تزين الشجرة كل عام.
في القدس وحيفا وغيرهما، أطلق حاخامات إسرائيليون تحذيرا للفنادق بمنع وضع شجرة عيد الميلاد، لأنّ هذا معادٍ للدين اليهودي.
وفي تقرير نشرته “الجزيرة الإنجليزية”، كتبه الصحفي البريطاني جونثان كوك -الذي صحبني مرة في رحلة لا تنسى لقرية صفورية، حيث أراني بصور يحملها بيده أين كانت البيوت والمباني العربية، المهدومة، وكشف لي كيف زرعوا الأشجار مكان البيوت ليس حباً في الشجر، ولكن لإخفاء أساسات البيوت- أوضح كيف خاف أصحاب عشرات الفنادق من الحاخامات، ومن أن يصدر هؤلاء فتوى أنهم لا يتبعون نظام الطعام اليهودي الحلال (الكوشر)، فاستجابوا للتهديد وألغوا احتفالات عيد الميلاد (بغض النظر عن أهدافهم التجارية). ويوضح كوك أيضا، كيف أنّ أعضاء البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أعلنوا، في العام 2013، رفضهم طلب نائب عربي وضع شجرة عيد الميلاد في الكنيست، وقالوا إنّها “تذكرهم باضطهاد اليهود في أوروبا”.
أجمل ما في فلسطين أنها تجمع الناس في كل مناسبة. فيما المشروع الصهيوني يعلم الكذب وتزوير الصور والحقيقة والفصل بين الناس والكراهية، ويخلق ثقافة تنشر ذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 64 / 2165370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165370 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010