الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2016

في ذكرى قرار تقسيم فلسطين

الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2016 par عوني فرسخ

قبل 69 عاماً أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1947/‏11/‏29 القرار 181 بتقسيم فلسطين، في تنكر صارخ لحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال كما يقضي بذلك ميثاق المنظمة الدولية. فضلاً عن أنه صاحب الوجود الطبيعي المتواصل في فلسطين، وكان حينها يجاوز 67 % من سكانها، والمالك لأغلبية أراضيها الزراعية. وقد قضى القرار بإقامة دولتين. عربية ويهودية واعتبار منطقة القدس دولية. مخصصاً للدولة العربية 42,77 % من مساحة فلسطين ولليهودية 56,47 %، ولمنطقة القدس 0,65 %.
وكان يسكن القسم المخصص للدولة العربية 725 ألف مواطن عربي، يملكون 77,69 % من مساحته، مقابل عشرة آلاف مستوطن صهيوني يحوزون 0,84 % من مساحته، فيما 20,74 % منها أملاك دولة. وكان يسكن ما خصص للدولة اليهودية 498 ألف يهودي يحوزون 9,48 % من مساحته، مقابل 407 آلاف عربي يملكون 24,34 % من مساحته، بينما 66,04 % منها أملاك دولة. وكان يسكن منطقة القدس 105 آلاف عربي يملكون 84,7 % من مساحتها، مقابل 100 ألف يهودي يملكون 7,01 % من أراضيها، فيما أملاك الدولة 3,44 % منها، ويملك آخرون 4,85% من أراضيها.
وواضح تماماً مجافاة قرار التقسيم للموضوعية بما خصصه لكل من الدولتين، وبرغم ذلك أيده 33 مندوباً، بحيث نجح بأغلبية ثلثي أعضاء الجمعية العامة حينها، وقد أيده مندوبو المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، وأغلبية مندوبي أمريكا اللاتينية، وأستراليا ونيوزيلندا والفلبين وجنوب إفريقيا، بينما عارضه (13) مندوباً يمثلون الدول العربية والإسلامية وكل من الهند وكوبا واليونان. وامتنع عن التصويت (10) مندوبين، في مقدمتهم مندوبو بريطانيا والأرجنتين والصين وإثيوبيا.
وفي تقويم الرئيس الراحل عبدالناصر ورد قوله: إن قرار التقسيم لم يؤد الى قسمة أرض فلسطين قسمة غير عادلة وغير مبررة أخلاقياً وتاريخياً فقط، وإنما تسبب أيضاً بالفصل بين جناحي الوطن العربي: الآسيوي والإفريقي، وعطل تواصلهما التاريخي، وشكل تهديداً خطراً لأمن مصر الوطني. وإن «إسرائيل» لم تقم لتكون وطناً قومياً لليهود فقط، وإنما لتكون أيضاً الأداة الاستعمارية الأكثر كفاءة واستعداداً لقهر إرادة الأمة العربية في التحرر والوحدة والتقدم. ولهذا فالقوى الدولية الصانعة والداعمة لها حريصة على إبقاء ميزان القدرات مختلاً لمصلحتها، ولن تسمح بالقضاء عليها، والمعركة معها معركة وجود ولا وجود، ولا يمكن التعايش معها لكونها كياناً دخيلاً مفروضاً بالقوة على الوطن العربي لإعاقة تقدمه وتطوره، وإن التخلف والتشرذم العربي علة القصور عن تقديم الاستجابة الفاعلة في التصدي للاستعار وأداته الصهيونية.
وصحيح أن الحركة الصهيونية ورعاتها على جانبي الأطلسي لم يلتزموا بتنفيذ قرار التقسيم، وإنما اكتفوا منه بأن شكل آلية دولية لإقامة «إسرائيل»، بل واستغلوا قدراتهم وإمكاناتهم، كما القصور العربي المريع، رسمياً وشعبياً، في إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني والقوى الدولية والإقليمية الداعمة له، بحيث احتلت «إسرائيل» كامل فلسطين وبعض جوارها العربي، غير أن الواقع شهد خلال الأعوام التالية لصدور قرار التقسيم متغيرات جذرية عربية، وصهيونية، وإقليمية، ودولية. فلا الذين أيدوا القرار المتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني المشروعة ظلوا مجمعين على تأييده، ولا الذين عارضوه ظلت أغلبيتهم، خاصة على الصعيد العربي، مجمعة على رفضه. والثابت أن المواقف تبدلت عما كانت عليه بتأثير عاملين متفاعلين: التنامي الطردي لفعالية قوى الممانعة العربية للمشروع الصهيوني، التي فرضت وجودها على المسرح الإقليمي والدولي. مقابل ما تسببت به الممارسات العنصرية الصهيونية في الأرض العربية المحتلة من تعرية متنامية للعنصرية الصهيونية، ودور أجهزة الإعلام المتطورة في نقل صورة إجراءات القمع الصهيونية، خاصة في مواجهة أطفال الأرض العربية المحتلة.
ولم يعد خافياً أن «إسرائيل» بعد تسعة وستين عاماً من صدور قرار التقسيم، باتت تعاني انحسار ما كانت تحظى به من تأييد من المجتمع والرأي العام الأمريكي والأوروبي، بل إنها لم تعد رصيداً استراتيجياً لرعاته الأمريكان والأوروبيين، بقدر ما غدت عبئاً تاريخياً عليهم.
ويبدو أن ما كثر قوله في السنوات الأخيرة، من أن قضية فلسطين فقدت الاهتمام الدولي بها، ليس إلا ادعاءات ليس لها سند في الواقع المعيش. ودليلنا نتيجة التصويت في «لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية» التابعة للأمم المتحدة، في 23 نوفمبر/‏ تشرين الثاني 2016 على مشروع قرار بتأييد حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال. إذ صوت لمصلحة القرار 171 مندوباً من 192، ما يعادل 89 % من الأصوات، ولم يعارضه غير 6 مندوبين، يمثلون الولايات المتحدة، و«إسرائيل»، وكندا، وثلاث دول هامشية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني فرسخ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010