الجمعة 2 كانون الأول (ديسمبر) 2016

أيهم أجدر بالاتهام؟

الجمعة 2 كانون الأول (ديسمبر) 2016 par عوني صادق

في العام 2010، تعاون الجفاف وتأخر الأمطار وقوة الرياح في إشعال موجة الحرائق في أحراج الكرمل استمرت أسبوعاً واضطرت الحكومة ««الإسرائيلية»» للاستنجاد بالدول الصديقة للمساعدة في إطفائها. وشارك في الإطفاء عدد من الدول، كان بينها الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى. وكشفت تلك الحرائق عجز الحكومة ««الإسرائيلية»» وهشاشة «الجبهة الداخلية» للكيان، وانتهت إلى استنتاجات وضعت «خططاً للطوارئ» لمواجهة وضع مشابه في المستقبل. وللتغطية على العجز الحكومي والهشاشة التي ظهرت عليها «الجبهة الداخلية»، اتهمت السلطات ««الإسرائيلية»» فلسطينيي ال 48 بالضلوع في إشعال تلك الحرائق لكن التحقيق فشل في إثبات التهمة، وأطلق سراح الذين تم اعتقالهم.
في الأسبوع الماضي، شب 680 حريقاً، بحسب المصادر ««الإسرائيلية»»، داخل الكيان ووصل إلى عدة مستوطنات، وتم إخلاء ثمانين ألفاً من سكان مدينة حيفا وحدها. وقد تكررت مشاهد حرائق 2010، وتكرر الاستنجاد بالدول الصديقة، وتكشفت الحالة الجديدة عن النتائج القديمة نفسها من حيث عجز الحكومة «الإسرائيلية» الحالية وهشاشة «الجبهة الداخلية». لكن الجديد كان في سرعة اتهام الفلسطينيين بإشعال تلك الحرائق، وفي حملة التحريض الواسعة ضدهم والتي قادها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمشاركة عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام، زاعمين بأن الجزء الأكبر من تلك الحرائق كان متعمداً وأشعلها فلسطينيون على «خلفية قومية»، معتبرين ذلك «إرهاباً» حتى أنهم سمّوها «انتفاضة الحرائق»!!
وإزاء الاتهام ««الإسرائيلي»» للفلسطينيين بأنهم وراء إشعال الحرائق، يطرح السؤال: أيهم أجدر بالاتهام، الفلسطينيون أم المستوطنون؟ وعلى طريقة «البحث الجنائي»، ومن أجل التوصل إلى جواب عن السؤال، سنعتبر ما جرى «جريمة»، فمن المستفيد منها؟! وماذا يمكن أن يستفيد الفلسطينيون منها؟!
بداية، ولأنه لم يكن ممكناً إنكار عوامل المناخ والبيئة، فقد قام الاتهام على أرضية هذه العوامل، وقيل إن الحريق الأول بدأ بفعلها، ثم استغله الفاعلون لمدّه بحرائق جديدة. لقد امتدت الحرائق إلى البلدات العربية في الجليل، وبعض الأحياء في المدن المختلطة، ولم يعد على المواطنين العرب إلا تعرضهم للتحريض عليهم، ووضعهم جماعياً في دائرة الاتهام أو «الاشتباه». بعبارة واحدة، لحقتهم الأضرار ولم يحصلوا منها على أية فوائد. أما إذا نظرنا إلى الطرف الآخر، فنجده بدءاً برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، غارقاً في موجة من التحقيقات بتهمة الفساد، سواء ما يتعلق بتقصيرات حكومته في موضوع (أنفاق غزة)، أو ما يتعلق بقضية الغاز، وأخيراً ما يتعلق بصفقة الغواصات.
من جهة أخرى، وفي الوقت الذي تسارع الكنيست في سن القوانين والتشريعات لشرعنة المستوطنات وسرقة ما بقي من الأرض الفلسطينية، في ظل حملة تنديد دولية واسعة وتخوفات من مزيد من الاتساع، واستباقاً لتبدلات في الموقف الأمريكي، تأتي الحرائق وكأنها «مبرر» لحملة التحريض على عرب 48 وأحزابها السياسية، وللتسريع في الاستيطان وتوسيع عمليات البناء في المستوطنات.
وسائل الإعلام «الإسرائيلية» كانت واضحة في اتهامها، وحتى المراسلين العسكريين، الذين حاولوا أن يغطوا انحيازهم للاتهام بقشرة من «التريث والموضوعية»، انضموا لجوقة التحريض بصورة واضحة. عاموس هرئيل، المراسل العسكري لصحيفة (هآرتس- 25/‏11/‏2016)، مثلاً، كتب يقول: إن اتهام الفلسطينيين «يبدو مبالغاً فيه في مرحلة مبكرة من التحقيق»! لكنه لن يكون مبالغاً فيه في مرحلة لاحقة بالتأكيد، خصوصاً أنه يتابع قائلاً: «إشعال الحرائق في المناطق الزراعية، يستخدم أحياناً كسلاح فلسطيني منذ عشرات السنين، بما في ذلك أيام الانتفاضة الأولى في الثمانينات»! أما زميله أليكس فيكشمان، المراسل العسكري في (يديعوت - 25/‏11/‏2016)، فكان أكثر وضوحاً، حيث كتب يقول: «توجد أدلة واضحة على أعمال إحراق مقصودة، وتوجد أدلة على أشخاص شوهدوا وهم يشعلون النار»!إنهم يريدون إلصاق «التهمة» بالفلسطينيين «بهذا الشكل أو ذاك»، والأدلة ليست سوى ما يقوله «شهودهم»، وتقوله أجهزتهم الأمنية! لكن التهمة ملتصقة بهم! وإن كان هناك من أشعل النار، أو ساهم في إشعالها وامتدادها فهم المتهمون والمحرضون المحتملون، بدءاً برئيس الوزراء، مروراً بأجهزتهم الأمنية، وانتهاء بالمستوطنين!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165388

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165388 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010