الجمعة 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016

محاولات «فك الارتباط» بين السلاح والمقاومة

الجمعة 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 par عوني صادق

بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة كانت رصاصة. والميثاق الوطني الفلسطيني، قبل أن يتم تعديله والتلاعب بمضامينه، قرر أن تحرير فلسطين يتحقق بالرصاص. وحتى بعد «الاعتراف المتبادل» و«اتفاق أوسلو»، ظل الرصاص وظلت المقاومة المسلحة يدرجان في بيانات فصائل منظمة التحرير بوصفهما «أول أشكال» المقاومة والتحرير، أو ضمنها. لذلك ظل هدف العدو «الإسرائيلي» الأول و«اتفاقاته» مع السلطة، وحروبه على قطاع غزة، متمثلاً في منع الفلسطيني أن يمتلك السلاح، أو أن يجعله موجهاً إلى صدر المقاومين لاحتلاله، بينما ظل «تسليح» المقاومة والمقاومين أول أهداف المتمسكين بالتحرير وإنهاء الاحتلال. وبينما كانت الحجارة هي سلاح الانتفاضة الأولى، كانت كل أنواع الأسلحة المتاحة قيد الاستعمال في الانتفاضة الثانية. أما الهبة الشعبية الحالية التي اندلعت في مطلع شهر أكتوبر/‏تشرين الأول 2015، فكانت أسلحتها الطعن بالسكين والمفك، إلى جانب الدهس بالسيارات. لكن بضع عمليات تم تنفيذها خلال الهبة أخرجتها عن السياق، حيث استعمل منفذوها السلاح الناري، وكان هؤلاء عناصر في الشرطة والمخابرات التابعة للسلطة الفلسطينية، وهو ما أثار تخوفات في أوساط القيادتين «الإسرائيلية» والسلطة الفلسطينية !
وتفيد تقارير عدة، جلها «إسرائيلي»، أن الضفة الغربية لا تعاني نقصاً في السلاح، بل هو منتشر بكثافة وخصوصاً في مخيمات اللاجئين وفي أيدي العشائر وبعلم السلطات «الإسرائيلية» والفلسطينية، لكنه «سلاح منضبط وخاضع للسيطرة» للسلطتين، ويستعمل فقط في الأفراح وفي حل المشكلات التي تنشب بين هذه العشائر! أما سلاح السلطة الفلسطينية الرسمي والعائد للأجهزة الأمنية التابعة لها، فيفترض أنه مسيطر عليه ويستخدم في حماية السلطة وضد «الخارجين على القانون» المناوئين لها ولسياساتها. لقد كانت جهود الجنرال الأمريكي كيث دايتون تستهدف خلق «الفلسطيني الجديد» الذي لا يرى في العدو «الإسرائيلي» عدواً، وكذلك تغيير عقيدة رجل الأمن الفلسطيني لنفس الهدف وبنفس الطريقة، وتحويل السلاح إلى نوع من «الضمانة» لأمن المستوطن والجندي «الإسرائيليين». لكن الأحداث الأخيرة، وفي إطار الهبة الشعبية الجارية، أظهرت أن جهود دايتون ومولر لم تحقق الأهداف، حيث نفذت عناصر تابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية أكثر من هجوم ضد جنود الاحتلال.
كان طبيعياً أن تعمل القيادات «الإسرائيلية» بكل السبل لتحول بين المواطن الفلسطيني والسلاح. لقد بدأت حكومة الانتداب البريطاني هذه «الجهود» لتوفير الظروف الملائمة لتنفيذ وعدها بإقامة «الوطن القومي اليهودي في فلسطين»، فكانت تحكم بالإعدام كل من تجد سلاحاً في حوزته! وسارت قيادات الكيان الصهيوني على نهجها ففرضت الحكم العسكري سنوات على من تمسّك بأرضه في فلسطين، وشنت الحروب لمنع الفلسطيني من التفكير بالعودة إلى وطنه. كانت العملية التي نفذها الشرطي محمد ماهر حامد في بلدته (سلواد) بتاريخ 16/‏10/‏2015 أول العمليات التي اخترقت «جدار دايتون»، حيث أطلق الرصاص على سرية من الجيش «الإسرائيلي» كانت في البلدة، وتلتها في نهاية ديسمبر/‏ كانون الأول 2015، عملية نفذها الشهيد مازن عربية، وجرح فيها ثلاثة جنود «إسرائيليين» كانوا على حاجز (حزما) قرب نابلس، ثم بتاريخ 31 يناير/‏كانون الثاني 2016، نفذ رجل الأمن الشهيد أمجد السكري هجوماً على جنود «إسرائيليين» عند حاجز قرب مستوطنة (بيت إيل) قرب رام الله وجرح ثلاثة منهم. والعملية الأخيرة نفذها قبل أيام الشرطي الشهيد محمد تركمان في نفس الموقع قرب المستوطنة نفسها، وجرح ثلاثة من الجنود.
محاولات «فك الارتباط» بين السلاح والمقاومة الفلسطينية مستمرة لكنها تفشل، والفشل يترجم ببطء لكن فرصة كبيرة قد تلوح. فالسلاح الموجود حالياً في المخيمات، وفي أيدي العشائر، يمكن أن يتحول إلى صدور جنود الاحتلال إذا ما نشأت حالة تفقد فيها السلطتان «الإسرائيلية» والفلسطينية زمام الأمر. وحتى الآن، كان غض البصر عن السلاح ناجماً عن حقيقة كون من يملكونه هم إما: «فتحاويون» أو محسوبون عليها، أو هو في أيدي العشائر المهتمة ب«مصالحها» التجارية والمالية ومنافستها وخلافاتها مع العشائر الأخرى المشابهة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010