السبت 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016

هكذا تكلم ترامب وبنس..!!

السبت 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 par أحمد الدبش

وجه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رسالة إلى الكيان الصهيوني جاء فيها: «أنا أحب واحترم إسرائيل ومواطنيها، وبين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الكثير من القيم المشتركة منها حرية التعبير وحرية العبادة، وخلق الفرص أمام جميع المواطنين لتحقيق أحلامهم، وسأعمل لتقوية العلاقات بين الأمتين الكبيرتين غير القابلة للانفصال».
أما مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي الجديد، فقد قال عن سبب دعمه القوي للكيان الصهيوني، «أنا (بنس) وترامب نقف بجانب إسرائيل لأن كفاح إسرائيل هو كفاحنا، ولأن قضية إسرائيل هي قضيتنا، قيمها قيمنا ومصيرها مصيرنا»، وختم بنس حديثه بالقول: «فلنصل جميعاً للرب كي يستمر في مباركة إسرائيل».
هذه التصريحات، تذكرنا بما كتبه كلايد برستوفتز، في كتابه «الدولة المارقة: الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية»، حيث جاء فيه: «الأمريكيون ينظرون إلى إسرائيل على أنها شديدة الشبه بأمريكا. أمة مهاجرة، ودولة مهاجرين، وملاذ مضطهدين ومظلومين، ومجتمع رواد استيطان، بلد قوي وشجاع عازم على النضال في صف الحق، ونظام ديمقراطي تظلله سيادة القانون (الوحيد في الشرق الأوسط) وواحة ثقافة استهلاكية غربية في صحراء قاحلة تحيط بها من كل جانب. فالروابط بالغة المتانة إلى درجة أن إسرائيل ليست بنظر عدد غير قليل من الأمريكيين، سوى ولاية حادية وخمسين».
فقد كانت نشأة أمريكا نتيجة اندفاعة دينية، بل إن مغامرة كولمبوس لم تكن إلا مغامرة دينية. وبكلمات كولمبوس فإن الرب جعله رسولاً للجنة الجديدة والأرض الجديدة، بعد أن حدثه بها يوحنا المقدس في سفر الرؤيا، وأراه النقطة التي يجدها عندها، إن اكتشاف أمريكا قبل أي شيء آخر كان نهاية حج عظيم ونهاية للبحث الروحي العظيم.
عندما بدأ الاستيطان الأوروبي لأمريكا، حمل المهاجرون الجدد، معهم العقيدة البروتستانتية، التي كانوا يحاولون، بلا طائل، تطبيقها في إنجلترا، ولكنهم طوردوا واضطهدوا، أثناء حكم آل ستيورات، فراح يحدوهم الأمل بإمكان العيش وفقاً للمبادئ البروتستانتية على الأرض الجديدة.
على غرار الخروج الجماعي المذكور في العهد القديم والذي هرب فيه اليهود من مصر ورحلوا إلى ارض جديدة وعدهم الرب بها، نظر البيوريتانيون لأنفسهم على أنهم الشعب المختار الجديد، ونظروا إلى العالم الجديد على انه (إسرائيل) الجديدة. أما العالم القديم بالنسبة لهم، فكان هو مصر التي فروا منها. لقد عقدوا عهداً مع الرب: إنه إذا أمن الرب ذهابهم إلى العالم الجديد، فإنهم سيؤسسون مجتمعاً تحكمه القوانين الإلهية.
فقد رأى البيوريتانيين في تجربتهم الخاصة المتمثلة «بالهروب إلى البراري، من أوروبا المنحوسة مساوية لتجربة اليهود الذين قادهم موسى من مصر، غير أنها كانت أكثر بكثير من تجربة مساوية. لقد آمنوا بأن تجربتهم لم تكن في الحقيقة إلا تجسيداً حياً لتجربة الخروج. وقد فسروا تجربتهم على أنها تكرار للتاريخ الذي شكل شعب الرب القديم».
وكانت مصر (وفرعون بالتالي)، في التنميط البروتستانتي، هي المعادل لأي طغيان وجد منذ ذلك الحين فصاعداً، كما كان بنو إسرائيل هو الاسم الذي يطلق على أية مجموعة قاومت الطغيان وهربت منه. ومن ثم كان ممكناً أن تكون مصر هي روما في عيون البروتستانت في القرن السادس عشر، أو هي إنجلترا بالنسبة للأمريكيين في القرن الثامن عشر.
ألقى جون وينثروب، موعظة على متن السفينة الأسطورية «آرابلا» وهو يقترب من الشواطئ الأمريكية سنة (1630). ففي خطبته الشهيرة التي تحمل عنوان (A Model Of Christian Charity)، أكد فيها على العهد الجديد بين «الإسرائيليين الجدد» وبين يهوه، وعلى الرسالة التي يحملونها إلى مجاهل أرض كنعان الجديدة: «إننا سنجد رب إسرائيل بيننا عندما سيتمكن العشرة منا من منازلة ألف من أعدائنا، وعندما سيعطينا مجده وأبهته، وعندما يتوجب علينا أن نجعل من [نيو إنغلاند] مدينة على جبل (City Upon A Hill) [وهذا التعبير رمز لأورشليم (ولصهيون أيضاً) وما يزال يستخدم إلى الآن للدلالة على المعنى «الإسرائيلي» لأميركا. وقد سمعت بأذني آخر أربعة رؤساء أميركيين يستخدمون هذا الرمز في مناسبة مختلفة: ريغان، بوش الأب، كلينتون، بوش الابن». وبذلك تم الربط بين دور النبي موسى وجون وينثروب.
فالمستوطنين الإنجليز البروتستانتيّين على الأرض الأميركيّة تماهوا بالكامل مع «الإسرائيليّين القدامى». فكانوا يتحدثون عن أنفسهم بوصفهم «إسرائيل المسيحية»، ويصفون إنجلترا التي خلّفوها وراءهم بــ«أرض مصر» وينعتون الملك جيمس الطارد لهم بــ«الفرعون» ويوازون المحيط الأطلسي الذي عَبَروه بـ«البحر الأحمر»، وأمريكا بــ«أرض كنعان الجديدة» أو «أرض الميعاد».
إن الإنجليز من البيوريتان (Puritans) [المتطهرين] الذين استوطنوا أميركا الشمالية، منحوا أنفسهم وسام العبرية ولقب «الشعب المختار» وقدسوا اللغة العبرية، وطالبوا بتطبيق شريعة موسى وسمّوا مجالهم الحيوي Lebensraum من الأراضي المغتصبة باسم «أرض كنعان» أو «إسرائيل الجديدة» أو «صهيون» أو «أرض الميعاد» أو غير ذلك من التسميات التي أطلقها العبرانيون على فلسطين. كذلك كانوا يتلذذون بإبادة شعوب أميركا بسادية واحدة ومبررات أخلاقية وأسطورية واحدة أسقطوا فيها على أنفسهم وعلى ضحاياهم معظم الروايات العبرانية عن أرض كنعان وأهلها.
أخيراً، يمكن القول إن المعتقدات الدينية الأمريكية المتأثرة بـ«الكتاب المقدس» لعبت دوراً أساسياً في تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ونائبه مايك بنس، علاوة على العوامل الاستراتيجية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165305

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع نوافذ  متابعة نشاط الموقع أحمد الدبش   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165305 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010