السبت 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016

جورباتشوف أميركا

السبت 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 par زهير ماجد

بعضهم يسميه جورباتشوف أميركا أي المصحح لأوضاع بلاده، لكنهم يتخوفون من النقلة الأصعب وهي فرطها كما حصل للاتحاد السوفياتي، وبعضهم يرى في “الترامبية” بناء جديدا لعالم مختلف أميركيا، وأكثرهم يتخوف، وثمة من يستعد لحساب الحماية الأميركية له، وأما المعارضة السورية فنام أصحابها على افتراض الخسارة الناعمة، الوحيدون الذين صفقوا لفوزه كان البرلمان الروسي، وربما الرئيس الأسد أيضا، أما الإيرانيون فما زالوا يصرون على أنه لا يستطيع الخروج على الاتفاق النووي. وباختصار منذ الدقائق الأولى لفوزه، ساد العالم قراءات لم تحصل من قبل مع غيره مع الرؤساء .. فهذا الرئيس لم يقل أمنيات، كان تشديده على كلامه يبعث على التصور بأنه حتمي التنفيذ .
سيكتب الكثير عن هذا الرئيس الذي يحمل صفات لم يدرك أنها سوف تصطدم بمعوقات المؤسسة الأميركية التي حكمت والتي انصاع لها كل من حكم أميركا. في عرف الأميركيين خارج على الأصول، وفي عرف العالم أنه صاحب ثورة وتحديات قد لا تليق إلا بشراكته مع الروس .. ربما إعجاب الرئيس الروسي بوتين به من هذا الباب الذي ينتظر أن يدشنه فور تسلمه في الشهر الأول من السنة الجديدة .
فهل يؤسس للترامبية ويكون بالفعل أول من أخذ الرئاسة في اتجاهات الأنا وشخصنتها بما يتلاءم مع تطلعات ذاتية؟ أم لن يسمح له أن يتجاوز السقف الموضوع للرئيس فيصبح كمن وضع أفكاره وتطلعاته و”برنامجه” اللابرنامج في مكان، وشخصه في مكان آخر. عندها لن يكون هنالك ترامبية، كما لم يكن أوبامية أو كلينتونية …. بل نظام له قوانينه وحدوده المرسومة كما ينص عليها الدستور الأميركي. لكن الذي من المؤكد أنه سيمارسه هو التكتيك الجديد كي يفلت من الثوابت، وبقراءة أولية لشخصه يتأكد هذا التصور .
الولايات المتحدة مصدومة، سواء من خسروا الرهان على كلينتون أو من ربحوه مع ترامب، فلا هذا صدق ولا ذاك، علما أن بعض الدراسات في بلد إسلامي أكدت قبل شهر على الأقل فوزه، لكنها لم تنشر استفتاءها وتحليلها الذي أصاب حرفيا.. فيما عالم إسلامي آخر كان غارقا في النوم مرتاح البال معتمدا على أن كلينتون هي الفائزة.. بل لا نخفي الحقيقة، أن بعض هذا العالم قام بتمويل حملة هيلاري كلينتون وتقديم الدعم لها، في الوقت الذي كانت فيه الرسائل، كما يقال بين ترامب وبوتين مزدهرة .
بكل الأحوال، هنالك شهران تقريبا بانتظار تسلم ترامب لمقاليد الحكم، لكن الرجل بدأه قبل أن يتسلمه دستوريا، وهل شخص مثله بتلك الكاريزما المتوترة أن ينتظر المواعيد المكتوبة في نصوص ثار عليها وقدم نموذجا فريدا وجديدا لرئيس أميركي يريد الذهاب أبعد مما هو موجود في النص المعروف عن الرؤساء الأميركيين .
الآن انتقل ترامب من مرشح إلى رئيس، من ثورة الكلمات والتصرف إلى هدوء مفترض في مكان يتطلب كل التنبه والدرس والتمحيص والاستشارة وهي مهمة والقراءة المعمقة. فهل يبقى على ما هو عليه من جموح؟ أم أننا سنكون أمام شخص آخر أكثر هدوءا ممسوكا من حزبه ومن فعل الاستشارة الذي لا بد منه؟ أم أن العالم سينتظر سنوات فيها كل الاختلاف عما نعرفه عن رؤساء أميركا؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2165752

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع زهير ماجد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165752 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010