الجمعة 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2016

ترامب يستثمر في نتنياهو!

الجمعة 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 par عبداللطيف مهنا

أوباما الراحل قريبًا عن المكتب البيضاوي، ورغم غيمة خطاب نتنياهو التحريضي الشهير في الكونجرس التي لم تنقشع في سماء علاقتهما الشخصية، منحه المساعدة الأضخم في تاريخ العلاقة العضوية بين الكيان وأمه الحانية، أما المرشحان المتنافسان فتنافسا في المزايدة على بعضهما تقربًا وتزلفًا منه تكالبًا منهما لاستجداء أصوات صهاينة الولايات المتحدة.
لنعترف، ينشغل العالم، وكل من موقعه وزاويته، بما يُشغله الأميركان به رغم أنفه، ودوريًّا ولمرة تستمر عامًا هو الأخير من كل أربعة أعوام يشهد دنوًّا لنهاية ولاية لأية إدارة من إداراتهم الرئاسية المتعاقبة في البيت الأبيض. تلكم التي تبدأ فيها عروض كرنفال حملات انتخاباتهم الرئاسية الصاخبة والضاجة بالعجائب والغرائب والمفارقات ذات السمة الخاصة بهم وحدهم من بين أمم الأرض. هنا لا فرق إن كانت الحقبة الرئاسية تشارف على نهاية فترتها الأولى ويطمح صاحبها للثانية، أو كانت الثانية والأخيرة له، واستعدادًا لمن سيخلفه، كما هو حال الإدارة الراهنة، فالمهم أنها لسوف تأتي برئيس لن يكون إلا ديمقراطيًّا أو جمهوريًّا، وفي هذه المرة هو إما هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب.
في هذه المرة، أعطى ترامب “للشو” التنافسي نكهة مختلفة. هو بذاته يشكل مفارقةً غير مسبوقة، انشغل المنشغلون بتتبع طرائفها وكفونا مؤونة تعدادها، كما ونحن لسنا هنا بصددها. وإذا ما اقتصرنا فحسب على الإشارة إلى المناظرة الأولى التي عقدت بينه وبين منافسته قبل أيام وسال حولها حبر كثير، فلسوف نشير فقط لواحدة من مفارقات الرجل لعلها كفيلة بأن تأخذنا لما نحن بصدده، وهو، وحيث بدأنا بأن كل في عالمنا ينظر “للشو” الأميركي من زاويته وموقعه، موقف كلا المتنافسين المتناظرين، كلينتون وترامب، الواحد جوهرًا من القضية الفلسطينية والمتحد محصلةً مع نتنياهو ومتماهٍ مع مفهومه حيالها.
قبل هذه الإشارة، لا بد من ملاحظة أن جل المتابعين للمناظرة في بلادنا قد اتفقوا، ومنهم من استغرب، غياب القضية الفلسطينية كليًّا عنها، وأن جل ما استحوذ على اهتمام فارسيها بخصوص منطقتنا كانا أمرين: “الإرهاب” والنفط. من ناحيتنا، لا نرى من غرابة في اقتصار اهتمامهما على ما اقتصر عليه، لكنما القضية إذ غابت عن مناظرتهما فإنها لم تغب عن موقفيهما المعلنين حيالها، وكانا قبلها قد تهافتا بين يدي نتنياهو لإبدائه والتأكيد عليه وعلى الالتزام به… وإذ نعد لما سنشير إليه فهو قول ترامب: “أريد مساعدة حلفائنا، لكننا نخسر مليارات الدولارات. لا يمكن أن نكون شرطي العالم، لا يمكننا حماية الدول في العالم عندما لا يدفعون المتوجب عليهم”!
أولًا، فيما خلا مساعداتهم اللا محدودة للصهاينة، والتي هي ثابت أميركي في كل العهود والمختلف من الإدارات السابقة واللاحقة، لم يساعد الأميركان أحدًا لوجه الله، أو دونما أخذ ثمنه مضاعفًا، بمعنى مساعدتهم لأنفسهم ووفقما تقتضيه مصالحهم. وهم لنزوعهم الامبراطوي، أوجًا وبدايات أفول، ظلوا يمارسون مهمة شرطي العالم، أو بلطجيَّه. أما لجهة تدفيع من يساعدونه مستوجبهم عليه، فهم لم يكونوا يومًا في موقع من لا يأخذ سلفًا ممن يساعده، مالًا، أو نفوذًا، أو هيمنةً واستتباعًا، أو تحويله سوقًا لمبيعات سلاحهم، وينطبق هذا على أقرب مقربيهم من الأطلسيين، فما بالك بمن هم من عداهم.
وثانيًا، إن هذا الترامب، الذي لا يهضم فكرة تقديم المساعدات للدول الأجنبية ويرفضها، ويطالب الناتو بجزية مالية لقاء ما يراه حماية الولايات المتحدة لدوله، ويعد ناخبيه بمراجعة وتفحُّص المعونات للدول الأجنبية وفق هذا المبدأ، يعتبر المعونات العسكرية الهائلة للكيان الصهيوني والتي بلغت صفقتها الأوبامية الأخيرة أرقامًا فلكيةً غير مسبوقة في تاريخ المساعدات الخارجية في العالم، ناهزت الـ 38مليار دولار للعقد القادم، استثمارًا ممتازًا لمصلحة أميركا!
ما خلا هذا فيمكن التأكيد على ما سبق وقلناه بأن موقف كل من ترامب ومنافسته كلينتون كان واحدًا ومتحدًا ولا يتناقض جوهريا مع مواقف ورؤية نتنياهو في كل ما يخص القضية الفلسطينية. لقد عاد نتنياهو كعادته في كل رحلاته الأميركية غانمًا. أوباما الراحل قريبًا عن المكتب البيضاوي، ورغم



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2165868

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165868 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010