تجدّدت نهاية الأسبوع الماضي العمليات الفدائية التي ينفذها الشباب في القدس والضفة المحتلتين، وجاءت على مشارف ذكرى الهبّة الشعبية التي بدأت قبل عام، وبعد أن تصوّر قادة الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» أنهم أنهوها وصارت جزءاً من الماضي!
بعد تراجع للعمليات استمر ثلاثة أشهر، انفجرت في وتيرة أعادت أيام الذروة إلى الأذهان. وفي ثلاثة أيام تم تسجيل (8) عمليات طعن ودهس، كانت حصيلتها سقوط (6) شهداء و(3) جرحى. ونتيجة لذلك، أوعز مكتب رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بزيادة أعداد الشرطة في القدس وتشديد الإجراءات المتبعة على الحواجز في الضفة الغربية، وبإغلاق الطرق وعرقلة الحركة وإغلاق المحال التجارية في القدس على أمل أن يؤدي ذلك إلى «التصدي الناجح» للعمليات! لكن مصادر في الشرطة «الإسرائيلية» صرّحت بأنها في حاجة إلى تجنيد (1200) شرطي في المدينة لتحقيق الهدف ، بينما لم تستطع تجنيد أكثر من (200) شرطي، وذلك لأن «الإسرائيليين» يرفضون الخدمة في المدينة ، خوفاً من عمليات الطعن والدهس التي ينفذها الشباب الفلسطينيون (صحف- 19/9/2016).
المقربون والناطقون باسم الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية»، أكدوا أن هذه العمليات لم تفاجئ هذه الأجهزة وأنها توقّعت «موجة جديدة» مع اقتراب الأعياد اليهودية، وهو ما يتناقض مع إعلاناتها السابقة التي أكدت فيها أنها «استطاعت أن تكبح الإرهاب». أما الصحافة «الإسرائيلية» التي جهدت خلال العام وأفرطت في التحليلات والتفسيرات حول الهبّة ودوافعها واقتراحات لوقفها، فقد عادت إلى ما كانت تقوله مع شيء من «الحذر»! وقد تمسّكت بأهم ما سبق لها وروجت له، ومن ذلك زعمها أن السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية «تخطط لإشعال انتفاضة ثالثة قبل نهاية العام الحالي»، في وقت كان الرئيس محمود عباس يعلن من كراكاس ، ومن خلال قمة عدم الانحياز ، أن «أيدي الفلسطينيين ما زالت ممدودة للسلام» وأن «الأطفال الذين يحملون السكاكين يتحركون من تلقاء أنفسهم لأنهم فقدوا الأمل» ! (صحف-19/9/2016).
ويهمنا هنا ملاحظة عدة أمور حملتها العمليات الأخيرة وأثارت مستويات من الجدل:
1) أنه في الوقت الذي أكد فيه المراسلون العسكريون «الإسرائيليون» أن العمليات الأخيرة تأتي «مشابهة» في سماتها للعمليات في المرحلة السابقة، وأنها لم تفاجئ الأجهزة الأمنية، أكدوا أنها تحمل دلالة واضحة على أنه «لا يمكن إجبار الفلسطينيين على التعايش مع الاحتلال أو قبوله»، كما جاء في مقال المراسل العسكري لصحيفة (معاريف- 19/9/2016) يوسي ميلمان.
2) أن العمليات الجديدة جاءت لترد على تبجحات وزير الحرب الجديد أفيغدور ليبرمان وسياسته في استراتيجية «العصا والجزرة»، حيث وجّهت إليهما صفعة قوية، وأثبتت أن «العصا» لم ترعب أحداً وأن «الجزرة» لم تغر أحداً!! وليبرمان اليوم يواجه تحدياً أكده معظم المعلقين «الإسرائيليين» ، وهو أنه «لا يمكن التصدي للعمليات الجديدة بنفس «الوسائل القديمة»، كما جاء في تعليق لصحيفة (هآرتس). وهذا الاستنتاج مرجعه إلى قولهم إنه تم استنفاد «الوسائل القديمة» وانتهت كلها إلى الفشل، فلا توقفت العمليات ولا تحسن «مستوى الردع» لقوات الاحتلال!
3) هناك من يرى أنه كما أن الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» في مأزق لأنها عاجزة عن إنهاء الهبّة الشعبية التي تجدد نفسها باستمرار، فإن الهبّة الشعبية أيضاً تواجه «مأزقاً» يتمثل في عجزها عن أن تتحول إلى انتفاضة شاملة. وواضح أن «المأزقين» ليسا من طبيعة واحدة ويجب عدم إقامة نوع من «التماثل» بينهما. فمأزق الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» لا حل له، لا اليوم ولا في المستقبل، إلا بإنهاء الاحتلال وهو ما لا يفكر فيه «إسرائيلي» في السلطة، وكثيرون ممن هم خارج السلطة، لذلك هو باق ما بقي الاحتلال! أما «مأزق» الهبّة الفلسطينية فليس مرهوناً بوقت لأنه مقاومة للاحتلال ودفاع عن النفس، وهو مستمر ما دام الاحتلال مستمراً.
4) إن استمرار الهبّة الشعبية ليس مرهوناً بشيء غير الاحتلال وسياساته وإجراءاته، وهو ما لا يطرح «خطة» على من ينفذون العمليات الفدائية، إلا خطة واحدة هي أن لا بد من مقاومة الاحتلال، وهي مستمرة وستستمر. وفي هذا السياق، يمكن أن يخطر على البال أن ما يعتبر «لا استراتيجية» هي «استراتيجية» الهبّة، وأن المطلوب ليس أكثر من استمرار المقاومة وبقاء مواجهة الاحتلال مفتوحة، وهو ما يضمن للهبّة تجددها الدائم إلى أن تتوافر ظروف ملائمة لانتفاضة شاملة!
الجمعة 30 أيلول (سبتمبر) 2016
الهبّة الشعبية تتجدد
الجمعة 30 أيلول (سبتمبر) 2016
par
عوني صادق
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
22 /
2181105
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة وفاء الموقف عوني صادق ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
16 من الزوار الآن
2181105 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 11