الجمعة 23 أيلول (سبتمبر) 2016

عريقات يعاتب الغرب وبه يتوعَّد نتنياهو!

الجمعة 23 أيلول (سبتمبر) 2016 par عبداللطيف مهنا

والآن، وقد زرعوا في الضفة سبعمئة ألف مستعمر، وانتهت فرية “حل الدولتين”، أطلت برأسها حكاية الاعتراف بـ”يهودية الدولة”، أي آن أوان قلب الحقيقة الكبرى، وهي جريمة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين التي ارتكبوها ليقيموا كيانهم العدواني على أنقاض فلسطين، ليستبدلوها بخرافة “التطهير العرقي لليهود”، وعلى يد من؟! ضحيتهم الفلسطينيين!!!
على وقاحتها وفجورها الاستعماري الزائدين، لم يك ليهمني كثيرًا التوقف أمام تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي يعتبر فيها مجرَّد فكرة إخلاء المحتلين من مستعمراتهم في الضفة المغتصبة “تطهيرًا عرقيًّا لليهود”، بقدر ما همَّتني فاستوقفتني وضاعة ردود أفعال أوسلوستانيي سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود تحت الاحتلال عليها، وانعدام حتى ما هو على شاكلتها عربيًّا.
في تصريحاته، لم يزد نتنياهو على تكرار نتنياهو، وبها أثبت لنا ولجمهور مستعمري كيانه، وهؤلاء هم أكثر ما يهمه، بأنه الأصدق والأوضح والأوقح من كل من معارضيْه، ليفني وهرتسوج، اللذين لا يقلان عنه عدوانية، ولكنهما انتقدا الصراحة في تصريحاته لا جوهرها، وأضف إليهما كل من سبقه من حكام كيانه…لماذا؟
كل ما قاله كان منسجمًا تمامًا ولا يتناقض مع مبدأ وجوب التقيد الدائم بالتطبيق التام والدقيق للسياسات الخادمة، وعلى اختلاف عهودها وتكتيكاتها، لذات الاستراتيجية الصهيونية منذ أن وضعت أواخر القرن التاسع عشر، أو بداية الصراع العربي الصهيوني في فلسطين، والقائمة على ركيزتين هما: فرض الوقائع وقلب الحقائق، والانطلاق منهما…كل ما فعله نتنياهو أنه وجد نفسه في مرحلة ولا أنسب منها لزيادة منسوب وقاحته، هذه التي أتاحها له واقعان عربي وفلسطيني يتنافسان في رداءتهما، ويحظيان برعاية دولية.
بدأوا بأكذوبة “أرض بلا شعب لشعب بلا وطن”، وليفرضوها واقعًا قاموا بتطهير عرقي للفلسطينيين فطردوا 70% منهم إثر النكبة واغتصاب 78% من فلسطين التاريخية وإقامة كيانهم الاستعماري عليه عام 1948، ثم احتلوا الـ22% المتبقية منها عام 1967 ومن ساعتها بدأوا في تهويده، وجاءت اتفاقية أوسلو التفريطية لتسلم لهم بما فرضوه سابقًا باعترافها بكيانهم الغازي، بمعنى التنازل لهم عنه، ولتعتبر ما احتلوه مما تبقى لاحقًا أراضي متنازعًا عليها، وصادقت “مبادرة السلام العربية” على ما فرضوه سابقًا بعرضها التطبيع معهم كاملًا مقابل ما هو متنازع عليه لاحقًا فرفضوا مكرمتها هذه واستمروا في سياساتهم التهويدية والحديث عن “السلام”.
والآن، وقد زرعوا في الضفة سبعمئة ألف مستعمر، وانتهت فرية “حل الدولتين”، أطلت برأسها حكاية الاعتراف بـ”يهودية الدولة”، أي آن أوان قلب الحقيقة الكبرى، وهي جريمة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين التي ارتكبوها ليقيموا كيانهم العدواني على أنقاض فلسطين، ليستبدلوها بخرافة “التطهير العرقي لليهود”، وعلى يد من؟! ضحيتهم الفلسطينيين!!! وعليه، وبفضل من أوسلو الكارثية، ورديفتها انهزاميًّا “المبادرة العربية”، أصبح الطريق أمام مخططات “الترانسفير، المتعددة الأوجه والوسائل لمن تبقى من الفلسطينيين في أرضهم مفتوحًا، وسواء هذا فيما أُحتل إثر النكبة أو ما بعدها، لذا ما الذي يمنع نتنياهو من التعبير صراحةً عما يطالب به بينت وليبرمان وتضمره ليفني وهرتسوج؟!
فيما يتعلق بردود أفعال السلطة على تصريحات نتنياهو، فمن أسف أنني لم أجد ما أُعقب عليه إلا ما صرَّح به رجل كم تمنيت، بل وكتبت ذات مرة، حبذا لو أنه يسكت، ذلك هو الدكتور صائب عريقات، لأن ما صرَّح به هو الأعلى حتى الآن، ولا أدري إن كان قد تحدث سواه، أما رئيس السلطة فهو قطعًا مشغول هذه الأيام بالضغوط العربية الاعتدالية عليه الرامية لتوريث دحلانها تركته التنازلية وهو حي يرزق بعد، وما قيل في لبنان ولم ينفه عن مراسلته لبوتين مقترحًا رئيسًا للبنان الذي اعتاد على خلو هذا المنصب، وحاثًّا على “أوسلو سوري”!!!
يقول عريقات معقبًا على ما قاله نتنياهو، إن أقواله “إن دلت على شيء فإنها تدل على أن نتنياهو خرج على كل الخطوط الحمراء بتصريحات فاضحة صارخة غير أخلاقية، وضرب بعرض الحائط القانون الدولي، وهدم كيان العلاقات الدولية، ودمَّر كل ما قامت عليه مواثيق ومؤسسات الأمم المتحدة من عدالة”! لم يقل لنا لا فض فوه خطوط من الحمراء هذه وأين تقع حدودها؟! ولم يدلنا أين يمكن صرف “فاضحة وصارخة وغير أخلاقية” في عالمي السياسة وصراع الوجود؟! ومتى كان القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة وعدالتها، وهي التي شرَّعت فرض الوقائع العدوانية الصهيونية في فلسطين إثر النكبة وقيام الكيان الغاصب على أطلال الوجود الوطني الفلسطيني، وبعد ارتكابه لفظائع التطهير العرقي المبرج ضد الفلسطينيين آنذاك وبعده، وغطت على ما سبق ولحق من قلب للحقائق، يومًا في الحسبان الصهيوني؟!
ويسترسل عريقات: “كما أنه يكشف الوجه الحقيقي لنتنياهو وحكومته، وكما قلنا أكثر من مرة، هذه حكومة من المستوطنين وللمستوطنين وبالمستوطنين”…جيد، إنه هنا يعيد اكتشاف المكتشف، أو من فاوضه لربع قرن مضى فأسهم في تغطية وجهه الحقيقي، الذي يتحدث عنه الآن، لكن فقطعن أولئك الذين لا يريدون اكتشافه!
وأخيرًا، وبعد كل هذا الذي منه على طريقة أوسعتهم شتمًا وفروا بالإبل، يطالب عريقات العالم بمسألة حكومة الكيان، ويخبر عالمه الذي يطالبه معاتبًا: “لم تعد التصريحات والإدانات تكفي، والمطلوب المساءلة الحقيقية وبشكل فوري”…ويتوعَّد نتنياهو بأن أبا مازن سيلقي قريبًا (في الأمم المتحدة) خطابًا “في غاية الأهمية، يضع فيه العالم بصورة كل المسائل”… المسائل التي هذا العالم، أو الغرب، من صانعيها، وبالتالي هو في صورتها أكثر من عريقات وسلطته وأوسلوستانها!!!
…وآخرًا، خرج عريقات عن الموضوع وأضاف إليه: إن “القول أن لا مؤسسة في منظمة التحرير غير مقبول جملةً وتفصيلًا”… لكنه لم يدلنا بعد أن قبروها في أوسلو ما الذي تبقى لديهم من رميمها؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 73 / 2165367

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165367 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010