السبت 30 تموز (يوليو) 2016

لماذا الانتخابات البلدية؟

السبت 30 تموز (يوليو) 2016 par عوني صادق

في ظل ما يواجهه الوضع السياسي الفلسطيني من طريق مسدود، وفي ضوء فشل كل المحاولات الدبلوماسية التي أقدمت عليها السلطة الفلسطينية لفتحه، وكذلك بعد أن ثبت أن طريق (المصالحة) بين حركتي (حماس) و(فتح) مسدود بدوره، أي بعد أن تبيّـن أن (الداخل والخارج) مغلقان، جاءت فكرة إجراء الانتخابات البلدية كمخرج لتحريك الوضع المتجمد! وبعد موافقة حركة (حماس) على المشاركة في هذه الانتخابات، بعد مقاطعة استمرت عشر سنوات، وبعد قبول حركة (الجهاد الإسلامي) لأول مرة خوض هذه الانتخابات، وبعد إعلانات لجنة الانتخابات عن فتح باب التسجيل وتحديد موعد إجرائها في الثامن من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد ذلك كله يمكن أن نقول إن إجراء هذه الانتخابات أصبح في حكم المرجح، وهو ما يفرض سؤالاً لا مجال للهرب منه: لماذا الانتخابات البلدية؟
كانت آخر انتخابات بلدية قد جرت عام 2005، قبل أن تسيطر حركة (حماس) على قطاع غزة ويقع الانقسام، وفي عام 2012 جرت انتخابات لم تشارك فيها الحركة ولم تشمل القطاع. كان ذلك مريحاً لحركة (فتح)، ولكن علامة على استمرار الانقسام. وإذا كانت مشاركة الحركتين مفهومة، فإن ما يثير التساؤل هو موقف حركة (الجهاد الإسلامي) التي غيّـرت موقفها وهي التي لم تشارك في أي انتخابات سابقة وقررت المشاركة، مفسرة موقفها الجديد برغبتها في «تطوير وتحسين الخدمات المقدمة للشعب الفلسطيني»! وهذا «التوافق» يترافق مع الدعوة لأن تكون الانتخابات «حرة وشفافة ونزيهة»، وبعيدة عن «الاعتبارات السياسية». ويبقى السؤال قائماً: ما الذي تريده الأطراف المشاركة من هذه الانتخابات؟
حركة (حماس)، ووفقاً لما صرح به بعض قادتها، قالت إنها تريد أن تخوض المعركة «بقوائم من الكفاءات والشخصيات الوطنية»، وذلك «من أجل إشراك الأطراف والأشخاص القادرين على خدمة الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده»، وأيضاً «تحقيقاً للشراكة الوطنية وتخفيفاً لآثار الانقسام»! هل من حاجة للقول إن الطريق إلى الأهداف المذكورة كان وما زال مفتوحاً وممكناً بتحقيق المصالحة، وعبر المشاركة في الهبّة الشعبية اليتيمة الجارية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وتجاهلتها الفصائل؟ ولماذا لم يفكر الحريصون على «المصالح الوطنية والمشاركة الشعبية» بانتخابات أكثر أهمية واستحقاقاً؟!
أحد الصحفيين المقربين من (حماس) أجاب عن الأسئلة السابقة بقوله: «العمل في البلديات والهيئات المحلية هو عمل خدماتي بحت لا يحتاج إلى شخصيات سياسية، بقدر ما يحتاج لأصحاب الاختصاصات، القادرين على تقديم خدمات مميزة تلبي طموحات الشارع الفلسطيني»! ولكن أليست هذه «الخدمات المميزة» مرتبطة بشكل مباشر بالاحتلال وقوات الاحتلال؟ هل يمكن تسهيل حركة السكان، أو فتح شارع، بدون موافقة الاحتلال وقواته؟ وهل يمكن توفير المياه لبلدة ما بدون موافقة الاحتلال وقواته؟! مع ذلك، يقول الصحفي نفسه مضيفاً: «الانتخابات البلدية والهيئات المحلية لا ترتبط بشكل مباشر بالعمل السياسي إلا في طبيعة النسب التي ستحصدها الفصائل المشاركة في هذه الانتخابات»! كاتب آخر، يقول إن اختيار «الكفاءات» يقلل من «الضغوط السياسية» على الأعضاء الفائزين ! هنا أيضا لا حاجة للقول إننا في الساحة الفلسطينية لا مكان لـ «الكفاءات والمستقلين» إن لم يكن مدعوماً بفصيل من الفصائل السياسية، والزعم بأن وجود «الكفاءات» سيبعد أو يقلل من ضغوط الفصائل لا سند له!
مسألة أخرى في هذا الجانب سبق ذكرها: الجميع يطالبون بأن تكون الانتخابات «حرة ونزيهة وشفافة». لنفترض أن ذلك كله توفر بالنسبة للأطراف الفلسطينية المشاركة والسلطة الفلسطينية. ماذا عن موقف الجانب «الإسرائيلي» واحتمالات تدخله؟ وماذا عن مواقف «الدول المانحة»؟ هل يسمحون بفوز حركات (حماس) و(الجهاد) و(الشعبية)، وهل يوافقون إذا فازت؟! إسماعيل هنية يقول: «الانتخابات البلدية ستعيد التوازن للحياة السياسية الفلسطينية»، هل هذا صحيح؟ ماذا لو اختلت الموازين مرة أخرى وحدث ما حدث في الانتخابات التشريعية 2006، هل يتحقق التوازن؟ وهل يقف «المعنيون» داخلياً وخارجياً يتفرجون؟!
البعض يرى أن الفصائل الفلسطينية ترى أن «أي شيء أفضل من لا شيء»، و«إجراء انتخابات أفضل من عدم إجراء أي انتخابات»، في وقت كان الاهتمام يجب أن يوجّه لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المستحقة منذ زمن طويل! والحقيقة أن كل الأطراف التي وافقت على المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة تعرف، والفلسطينيون في أغلبهم يعرفون، أن لهذه الانتخابات أهدافاً قديمة لم تتغير. فبالنسبة للفصائل، وخصوصاً للفصيلين الكبيرين، يريدان اختبار قوتيهما من جهة، ومن ثم تبرير حصتيهما في الكعكة! ومن جهة أخرى، كلها تريد أن تملأ «الفراغ السياسي» الماثل في الساحة، أي بكلمة «إلهاء» الشارع بما يحمّلون هذه الانتخابات من أهداف معظمها غير قابل للتنفيذ!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165540

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2165540 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010