الجمعة 22 تموز (يوليو) 2016

هل من يتذكر؟!

الجمعة 22 تموز (يوليو) 2016 par عوني صادق

قبل أيام، صادف مرور 12 عاماً على إعلان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي في قضية «الجدار العنصري العازل» الذي بدأت سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» بناءه عام 2002. ذلك القرار الذي كان أفضل قرار تأخذه هيئة دولية تابعة للأمم المتحدة بعد الهزيمة الحزيرانية، الذي لو أمكن تنفيذه لأغنى عن كل «مبادرات السلام» التي تفتقت عنها عقول العالم بعدها، بما في ذلك ما سمي (عملية السلام في الشرق الأوسط)! ولقد مرت هذه الذكرى دون أن ينتبه لها أحد! فهل ينفع التذكير؟
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت بتاريخ 2003/12/8 قراراً يطلب من محكمة العدل الدولية في لاهاي البحث في الآثار القانونية لبناء الجدار على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، واتخذ القرار بموافقة (90) دولة، ومعارضة (8) دول تقدمتها الولايات المتحدة، وامتناع (74) دولة عن التصويت، بينها دول الاتحاد الأوروبي. وكانت المحكمة مؤلفة من (15) قاضياً. حصل القرار على تأييد (14) صوتاً ومعارضة من قبل صوت واحد، هو صوت القاضي الأمريكي توماس بورغنتال، وبتاريخ( 2004/7/9) نشرت المحكمة رأيها، حيث طالبت فيه الحكومة «الإسرائيلية» بالتوقف عن البناء في الجدار، وتفكيك الأجزاء التي تم بناؤها منه، وإلغاء الأوامر التي صدرت المتعلقة ببنائه، وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جرّاء ذلك. كما ناشدت المحكمة المجتمع الدولي بالامتناع عن المساعدة في استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب تنفيذ ما تم من مراحل البناء، واتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات «الإسرائيلية»، وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة بشأن الأراضي الواقعة تحت الاحتلال.

بعد إعلان المحكمة الدولية، حاولت السلطة الفلسطينية الحصول على مصادقة مجلس الأمن الدولي عليه لتثبيته، لكن (الفيتو) الأمريكي حال دون تحقيق الهدف، فلجأت السلطة الفلسطينية من جديد إلى الجمعية العامة ونجحت، بدعم من المجموعة العربية، في استصدار قرار اعتبر الجدار غير قانوني ويتعارض مع اتفاقية جنيف والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما جاء في قرار المحكمة الدولية، لكن قرار المحكمة الدولية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لقيا مصير عشرات بل ربما مئات القرارات الدولية الصادرة بشأن الصراع العربي- الصهيوني وقضية فلسطين، وانتهيا إلى الأدراج، إن لم نقل إلى سلال المهملات!
وما يمكن أن يلاحظه أي متتبع، هو أن الولايات المتحدة وجهودها التي لا تضعف ولا تتوقف، ثم مواقف الاتحاد الأوروبي الخجولة والضعيفة، التي وإن كان يعرب أحياناً كثيرة عن عدم رضاه عن السياسات «الإسرائيلية» تجاه الفلسطينيين، إلا أنه دائماً كان يلحق بالمواقف الأمريكية من الناحية العملية، بل وتساعده في خلق الأوهام وتمرير الأكاذيب «الإسرائيلية».
أما الموقف «الإسرائيلي» إزاء الأمم المتحدة وقراراتها، فبات معروفاً وهو في مجمله لا يزيد على التجاهل وعدم التعاون بشأنها في أحسن الأحوال، وأحياناً يكون «البصق» على تلك القرارات ومصدريها هو الرد «الإسرائيلي» الجاهز، مستنداً إلى الدعم والتأييد الأمريكي المعلن وغير المحدود في كل الظروف، ثم الدعم الأوروبي المعلن حيناً والضمني حيناً آخر!
ومعروف أن الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة لم تعترف بأي قرار من القرارات التي يصر بعضهم على تسميتها (قرارات الشرعية الدولية) الخاصة بفلسطين، باستثناء القرار 181 الذي شرعن إقامتها. وحتى هذا القرار لم تعترف به كاملاً، بل اعترفت بالجزء الذي يتعلق بوجودها، وتجاهلت (شرطه) وما تعلق بالدولة الفلسطينية التي نص عليها القرار نفسه.

لقد رفضت الحكومات «الإسرائيلية» قرار المحكمة الدولية، وطعنت في صلاحيتها بشأن البحث في قضية الجدار، لأن الأراضي الفلسطينية المحتلة «ليست تحت الاحتلال» في عرفها! وفي الوقت الذي اعترف فيه العالم عبر الأمم المتحدة بأن هذه الأراضي هي «أراض محتلة»، وذلك منذ صدور قرار مجلس الأمن (242) لعام 1967، بل ورغم من أن بعض «الإسرائيليين» اليوم ينددون باستمرار هذا الاحتلال، إلا أن الحكومات «الإسرائيلية» لم تر يوماً أنها «احتلت أراضي غيرها بالقوة»، وظلت متمسكة باحتلالها مبررة تمسكها بمزاعم عدة. والإعلانات الرسمية وشبه الرسمية تؤكد رفض التخلي عما احتلته، بل هناك من الوزراء في الحكومة الحالية من يطالب بضم الضفة رسمياً للكيان، فضلاً عن السياسة الاستيطانية المتسارعة التي تنفذها حكومة بنيامين نتنياهو الرابعة.

وبكلمة، بناء «الجدار العازل»، كما كل السياسة الاستيطانية «الإسرائيلية»، جر ما لا يحصى من النتائج الكارثية على الشعب والأرض، ووصل إلى حق تقرير المصير. والسؤال الموجه إلى السلطة الفلسطينية، ولكل فصائل العمل الوطني، في ضوء ما وصلت إليه الحال: إلى متى يستمر التمسك بالسياسات المستندة إلى استراتيجية «الحياة مفاوضات» التي ثبت فشلها مرات عدة؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2177646

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177646 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40