الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

أيها الشاب المصري امض الى اوروبا

الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

كان لياسر الشيخ الى ما قبل ثلاث سنين مطعم صغير، قرب محطة قطار بروكسل ـ ميدي. ولمزيد الدقة، كان ذلك حانوتا ما، كان يمكن فيه شراء الحمص والفلافل المصري الفاخر في قلب أوروبا. عندما التقيته في بروكسل قال انه كان يحلم ان يكون لاعب كرة قدم في الفريق المصري الأهلي. لكن «في مصر وطني، من يملك المال فقط يستطيع ان يرشو المسؤولين في الفريق لقبول ابنه. ولم يكن لي مال».

بدل أن يلعب الشيخ كرة القدم درس للقب الثاني في اللغة الانكليزية في جامعة طنطا، في دلتا النيل. انتظر مع اللقب عدة سنين ليعمل في جهاز التعليم المصري. وعندما تأخر التعيين المأمول، انتقل الى فرنسا ومن هناك الى بلجيكا. أبلغني قبل عدة أسابيع أنه ترك بلجيكا وعاد الى فرنسا «لافتتاح مطعم أفخم شيئا ما». إن ياسرا واحد من 6.5 مليون مهاجر مصري، خرجوا للبحث عن حظهم في دول عربية أخرى وفي اوروبا والولايات المتحدة. ابلغت الصحيفة المصرية «المصريون» في الاسبوع الماضي أن 700 ألف مصري على الاقل قدموا هذه السنة طلبات هجرة الى اوروبا والولايات المتحدة. إن نحو 97 في المئة منهم خريجو جامعات، و700 منهم أصحاب اجازة دكتوراه ونحو 4 آلاف أصحاب لقب ثان.

ليس هرب الأدمغة ظاهرة جديدة في مصر، لكنه يزداد في السنين الأخيرة الى درجة أن أصبح خطرا على مستقبل البنية التحتية العلمية في الدولة. يبذل قسم المهاجرين في وزارة العمل المصرية جهودا لاعادة العلماء الى الوطن، لكن الميزانيات التي تملكها لا تمكنها من أن تقترح عليهم خطط عمل تلائم قدراتهم. والمفارقة هي أن تلك الوزارة نفسها تجهد في التسهيل على خريجي الجامعات الذين يريدون الهجرة، ليجدوا طريقهم الى الخارج. في موقع قسم المهاجرين في الانترنت قدر موفور من النصائح تتعلق بتقديم السيرة الذاتية واستبيانات شتى يحتاجها الباحثون عن العمل. على حسب عدد زوار الموقع، أكثر من 14.5 مليون، فيهم نحو ربع مليون من الباحثين عن العمل، سجلوا فيه.

لا يخفي قسم الهجرة طموحه الى تشجيع الهجرة من مصر. ورد في المادة الاولى من أهداف القسم ما يلي: «الهدف الاول صياغة خطط وسياسات تطبيقية لتشجيع هجرة المصريين ومنحهم فرص النجاح، عن اعتقاد ان الهجرة ظاهرة طبيعية متصلة».

تقسم هجرة العمل من مصر الى فئتين: الهجرة الى دول عربية أخرى والهجرة الى الغرب.

أعطيت هاتان الفئتان عناوين رمزية في قانون الهجرة : «الهجرة المؤقتة» هي هجرة الى الدول العربية، التي لا يحظى فيها المهاجرون بمكانة دائمة او بحقوق مواطن، وشروط العمل فيها تخضع لاتفاقات وقعتها حكومات مصر مع تلك الدول؛ و«الهجرة الدائمة» هي هجرة الى الدول الغربية، التي يكون مصريون قليلون فقط مستعدين للعودة منها. تشجع مصر، التي احتلت في 2005 المكان الثاني عشر في العالم في جملة دول الهجرة، تشجع الهجرة على أنها فرع يثمر دخلا. لكن خبراء مصريين يقدرون ان الدخل الذي ينمو من المهاجرين الذين يرسلون جزءا من أجورهم الى عائلاتهم يسبب خسارة قومية كبيرة، لان مصر تضطر الى استيراد خبراء وتدفع المصريين أنفسهم الى الاعمال السوداء.

على حسب كلام لوقا أزوني من منظمة العمل العالمية، «السبب الرئيسي لهجرة العمل في مصر هو عدم وجود فرص العمل وظروف العيش في الدولة. يتمتع الطلاب الذين يدرسون في الجامعات في مصر بمستوى دراسي مرتفع يثبت للمعايير الدولية، لكن سوق العمل لا تلبي توقعات الخريجين».

في الوقت نفسه على أثر الازمة الاقتصادية العالمية التي أضرت بالدول العربية الغنية ايضا التي كانت مركز جذب رئيسيا للعمال من مصر، طرأ انخفاض على مقدار هجرة العمل الى هذه الدول. ومن جهة ثانية ليس من الممكن استيعاب العائدين في مصر مع عدم وجود أماكن عمل مناسبة. ينبغي أن نضيف الى ذلك 800 ألف مكان العمل الجديد التي تحتاج مصر الى انتاجها كل سنة. بدأت الحكومة تطوير مشروع اعداد في نحو عشرين مهنة، يدرس فيها العائدون وبعض خريجي الجامعات كيف يثبتون للمعايير الاوروبية، كي يستطيعوا البحث عن عمل في الاتحاد الاوروبي.

وقعت حكومة مصر أيضا على اتفاق مع الرابطة المصرية «عصر المعلومات»، التي تحدد مواقع مصريين ذوي مواهب انتشروا في العالم، كي تفحص كيف تقرنهم الى تحسين مستوى العلوم والتكنولوجيا في مصر. على حسب تقرير نشرته الرابطة، جرى في الدول العربية استيعاب اكثر من 450 ألف عالم من جميع الدول العربية على السنين. ويشكل هؤلاء نحو 31 في المئة من جملة المثقفين الذين هاجروا من الدول النامية الى الغرب.

«هذه خطط حسنة نيتها جيدة»، يقول ذياب عمر الذي يدرس ابنه في الجامعة الامريكية في القاهرة. «لكننا نعرف الواقع في مصر. من سيحظون بدعم الحكومة هم المقربون قبل الجميع. عدد العاطلين عن العمل الاكاديميين أكبر من ان تقدم لهم الحكومة جوابا. لست أرى كيف ستحل المشكلة حتى ينهي ابني الجامعة. أصبحت منذ الان ابحث عن مكان عمل مناسب لابني في اوروبا. أنا في الحاصل أحسن الى الدولة التي لن تضطر الى الاهتمام بمكان عمل آخر». سيكون الاهتمام بأماكن عمل للجامعيين أهم تحد لجمال مبارك، ابن حسني مبارك، الذي يعد نفسه للرئاسة لكن صوته في هذا المجال خاصة لا يسمع.

- **«هآرتس»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165797

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165797 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010