السبت 23 نيسان (أبريل) 2016

استخبارات الاحتلال تعلن خارطة التهديدات والفرص

السبت 23 نيسان (أبريل) 2016

استعرض قادة الساحات الـ4 في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) “خارطة التهديدات والفرص” للكيان الإسرائيلي في ظل التعقيدات والتغيرات في الساحة الفلسطينية والمنطقة، وذلك لأول مرة بحسب المحلل العسكري في صحيفة “إسرائيل اليوم” يوآف ليمور.

وأكد ليمور الذي حضر أن التحديات التي ترافق السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط تجمع بينها ميزة بارزة للغاية وهي “انعدام اليقين”.

وشارك في اللقاء أربعة من قادة الساحات في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وهم، “ع” رئيس الساحة الفلسطينية، و“ش” رئيس الساحة اللبنانية، و“ر” رئيس ساحة دول المنطقة والقوى العظمى، و“أ” رئيس الساحة الشمالية – الشرقية (سوريا، العراق وإيران).

“بغزة ردع هش وتعاظم مستمر”

وذكر رئيس الساحة الفلسطينية أنه “توجد غزة في هدنة عميقة، فإذا نظرنا إلى الأمر منذ الفترة التي صعدت فيها حماس إلى الحكم فهي هادئة بتعابير تاريخية، وبالتوازي نرى عملية تعاظم مستمرة، فالنفق الذي انكشف مؤخرًا في جنوب قطاع غزة هو جزء منه، ورغم أنه نفق قديم حفر قبل فترة الجرف الصامد (حرب 2014)، بتقدير شعبة الاستخبارات، فإن هذا الجهد مستمر”.

وبحسب الضابط الإسرائيلي “على المستوى الاستراتيجي تعيش حماس في ضائقة، فإذا كانت تحدثت في الماضي مع الجميع وتلقت المساعدة من الجميع، فإنها اليوم معزولة، فقد طلقتها مصر تماما ومن ناحيتهم فإنها تساوي داعش، ولدى السعودية ودول أخرى يوجد لها منافسون، فالمال يذهب إلى اليمن، وسورية، وتهديدات أكثر اشتعالا”.

وذكر أن “التمويل والوسائل القتالية تحصل عليها المنظمة أساساً من إيران التي تنقل معها بالتوازي حملة إهانات، لأنها تطالبها بأن تقرر في أي جانب هي معها، أم مع السنة في سورية، فضلا عن ذلك فان النشاط المصري يجعل من الصعب أيضا إدخال السلاح إلى القطاع (من ليبيا إساسا)، حيث إن حماس تجد نفسها منعزلة أكثر من أي وقت مضى”.

وأضاف “ع” أنه “رغم أن الظروف الأساسية في القطاع تشبه تلك التي سادت قبل”الجرف الصامد“، فإن حماس مردوعة من المواجهة، ولا ينبع هذا من العزلة الاستراتيجية، بل أساساً من ضائقة السكان، ففي القطاع يوجد اليوم ثماني ساعات غير متوالية من الكهرباء في اليوم و50% فأكثر بطالة (ولاسيما لدى الشباب)، وقدرة حماس على أن تأخذ السكان مرة أخرى إلى مواجهة واسعة قدرة محدودة”.

ونبه إلى أنه “رغم العزلة تنجح حماس” في ايجاد صناعة سلاح مزدهر، فاذا كان السلاح في الماضي يتم تهريبه في معظمه من الخارج، فإنه ينتج اليوم في القطاع على أساس علم محلي ومواد تبقت في بعضها من السنوات التي هربت فيها كميات كبيرة، وبعضها من إنتاج محلي، وإن كانت بجودة أقل".

وأشار ضابط الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن العلاقات داخل حماس بقيت مركبة مثلما كان في المثلث بين الذراع العسكرية والذراع السياسية في القطاع وخالد مشعل في الخارج.

وذكر أن “العنصر الجديد هو القوة المتعاظمة ليحيى السنوار الذي يعد من الآباء المؤسسين للحركة والمحرر في صفقة شاليط والذي جعل لنفسه مكانة مستقلة ورغم أنه ينتمي رسميا للقيادة السياسية فإنه لا يخفض عينيه عندما يتحدث مع محمد الضيف (القائد العام لكتائب القسام)”.

واستعرض الضابط 3 سيناريوهات من شأنها أن تدفع نحو مواجهة عسكرية مع قطاع غزة، الأول قرار تبادر إليه حماس في أنه لا يمكن مواصلة الوضع الحالي من العزلة والضائقة الاقتصادية، والسبيل الوحيد لتغييره هو من خلال انجاز كالاختطاف مثلاً، موضحا أن “مثل هذا السيناريو لعملية تأتي بمفاجأة تامة يقوده الضيف والسنوار لكن احتمالاته متدنية جدا”.

وبين أن السيناريو الثاني الذي هو أيضا في هذه اللحظة باحتمالية متدنية تخرج حماس لعملية كخطوة مسبقة أو وقائية فمثلاً إذا كانت تشعر أو تفكر بأن “إسرائيل” حلت لغز الأنفاق وتعرف كيف تصفيها، فإنها تقرر استخدامها قبل أن تفقدها.

أما السيناريو الثالث الأكثر إثارة للقلق بين كل السيناريوهات-بحسب الضابط- فهو دينامية تصعيد مثلما رأينا قبل مواجهة 2014، مضيفًا "حقيقة أن حماس غير معنية الآن بالمواجهة – أو عمليا معنية بأن تختار الموعد للدخول فيها – لا تعني أنها غير مستعدة للمواجهة.

ونبه إلى أن حماس قادرة اليوم على أن تحقق مبادئها القتالية بتنفيذ اقتحامات إلى داخل “إسرائيل”، وإطلاق الصواريخ بشكل متواصل وضرب مستوطنات غلاف غزة.

وبين الضابط “ش” أنه من المعقول الافتراض بان الجولة القتالية التالية ستكون فيها حماس معنية بأن تبدأها باقتحام – بإدخال الكثير من المقاتلين لأهداف عسكرية ومدنية على حد سواء – خطوة بدء قوية، فكل قتال يأتي بعدها لا يمكنه أن يمحو انجازاتها.

وذكر أنه لهذا الغرض فإن حماس تبني كمية من الأنفاق الهجومية والدفاعية، وهذا هو لباب مفهومها القتالي.

انتفاضة القدس

واستعرض الضابط “ع” رئيس الساحة الفلسطينية أوضاع انتفاضة القدس، مشيرًا إلى أنه “لا يمكن تجاهل الانخفاض في حجم العمليات في الفترة الأخيرة، فلا يدور الحديث عن نهاية الموجة بل عن انخفاض”.

ورأى أن “بعضه يعود للنشاط العملياتي (للجيش الإسرائيلي) وبعضه يتأثر بأحداث أخرى (دون أن يذكرها)، ومثلما اندلعت العمليات من غير حدث مبادر إليه ومنظم، هكذا خبا ومن شأنه أن ينشب من جديد وعليه فإن التعريف للأحداث (هبة) كما يسمي الفلسطينيون ذلك هم أيضا ليس مثل الانتفاضة الأولى إذ لا يوجد هنا جماهير، وليس مثل الثانية لأنه لا توجد هنا مزايا العمليات المنظمة”.

ونبه الضابط “ع” إلى أن العامل المركزي الذي يصعب حل لغزه هو الشباب، مضيفًا “حتى الآن كانوا يسمونهم الجيل المصلحي الذي نسي معنى أن يكون المرء فلسطينيًا، والآن وجدوا لأنفسهم صوتًا، وهذا جيل يركل كل شيء، يركل السلطة، ويركل إسرائيل، ويركل جيل الآباء ويركل المنظمات، وعليه فإنه أكثر تعقيدًا على الفهم”.

وبحسب الضابط “لا يزال يدور الحديث عن عادات قليلة أغلبية الجمهور بقيت في البيت ولا تنضم إلى الأحداث، وعليه فإن التقديرات هي الأخرى لا تتناول الجمهور بل أجزاء من الجمهور، ولاسيما الشباب في نظرة أوسع فإن موجة العمليات الحالية هي جزء من عملية تصدع النظام الشامل الذي كان في الضفة الغربية منذ 2007”.

خلافات غير بسيطة لخلافة عباس

وأضاف “أبو مازن (محمود عباس) كحاكم فردي وقوي، وفتح ملجومة ومشاركة في الحكم، وحماس ضعيفة، وجمهور هادئ – في كل هذه المداميك توجد صدوع، فلأول مرة يوجد اليوم انشغال بمسألة الخليفة، وواضح أنه انتهى عصر الأبوات، فليس لأبو مازن خليفة طبيعي، ومن المتوقع حصول معركة خلافة غير بسيطة بين غير قليل من المحافل، ويحتمل أن نرى ارتباطًا لبعض ذوي القوة في ائتلاف سلطوي”.

ووفق “ع” فإنه “في هذه الأثناء من حماس سيربح من الأحداث فهي تشخص في الضفة الغربية كفرصة استراتيجية، فحماس تأمل بان تتصاعد الاحداث فتجر إسرائيل لعمل في الضفة، وإلى الفراغ الذي سينشأ فتدخل فتسيطر، ففي حماس أيضا يلاحظون الانخفاض في حجم الأحداث، ويحاولون تشجيع الجمهور على النشاط والعمليات”.

وحذر من عمليات تستهدف الإسرائيليين خلال “عيد الفصح” اليهودي، موضحًا أن “الفترة الحالية لعيد الفصح حساسة على نحو خاص، لوجود أعداد كبيرة من المتنزهين الذين هم دوما هدف محتمل سهل نسبيا”.

تخوف انضمام مسلحي الضفة

ونبه ضابط الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن التخوف الأساس هو أن يجبر التدهور الجهتين المسلحتين المركزيتين – أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والتنظيم (فتح) – إلى التوجه ضد إسرائيل، ما يغير الوضع من الأساس.

واستدرك “طالما بقيت المنظومة الفلسطينية مستقرة والرواتب تدفع فإن احتمال ذلك طفيف نسبياً، لكن تصاعد العمليات أو معارك الخلافة الداخلية من شأنها أن تضعضع التوازن الحساس القائم، وفي هذا الجانب فإن استمرار التنسيق مصلحة مشتركة إسرائيلية-فلسطينية”.

وأشار إلى التنسيق الأمني، موضحا أنه يغطي بقدر كبير على غياب المسيرة السياسية أيضًا، فأبو مازن “يعارض العنف ليس لأنه نباتي بل انطلاقا من الفهم بان هذا يخدم إسرائيل، وعليه فهو يعمل في اتجاه استراتيجي آخر لذع إسرائيل وضعضعة أساساتها في الساحة الدولية، وهو لا يؤمن بأنه سيصل عبرها لهدفه (دولة فلسطينية) ولكنه يعتقد بان تعاظم هذه الميول سيجعل ادارة النزاع باهظة الثمن اكثر على اسرائيل، وعندها فإنها ستلين لتقبل بحل ما”.

تغير التقدير الاستخباري بسورية

وأشار الضابط “أ” رئيس الساحة الشمالية – الشرقية (سورية، العراق وايران) إلى أن المساعي الدولية لإنهاء القتال في سورية أدت إلى تغيير في التقدير الاستخباري، موضحاً أنه “اذا جرى الحديث حتى الآن عن حرب فليس لها أفق ومن غير المتوقع فيها حسم في المستقبل المنظور، فقد بات الحديث الآن يدور عن احتمال للتسوية، في ختامها (وبخلاف التقديرات السابقة) تعود سورية لتؤدي دورها كدولة”.

وبين أنه من المتوقع لهذه الخطوة أن تستغرق أشهرًا، وربما سنوات، موضحا أنها “منوطة بمتغيرات كثيرة جدًا، فليس واضحا إذا كانت سورية ستقسم في نهايتها لفيدراليات على أساس طائفي، أم ستكون فيها مناطق ذات حكم ذاتي، كما ليس واضحا من سيسيطر فيها، كما أنه ليس للأسد خليفة واضح، ومن المعقول أنه بعده سيقوم ائتلاف لمراكز قوة، ويحتمل أنه خلافا للماضي لن يقوم هذا فقط على الطائفة العلوية”.

ولفت إلى أن تسوية كهذه لن تتاح بدون روسيا، التي ستحافظ على العلويين وعلى مصالح إيران وحزب الله أيضا، وبالأساس على مصالحها بتواجد عسكري في الشرق الأوسط، وحفظ قوتها في الصراع بين الكتل، وتحقيق مصالحها الاقتصادية ومنع انتقال “الإرهاب” الى حدود روسيا.

وبحسب الضابط “صحيح أن جيش الاسد تعزز مؤخرا في أعقاب بضعة نجاحات عسكرية، لكنه يواصل الاعتماد أساسًا على المساعدة الروسية والإيرانية، ففي سورية يوجد اليوم أكثر من 10 آلاف مقاتل من الميليشيات الشيعية تساعد الجيش السوري، يضاف إليهم نحو 1.500 مقاتل ايراني، وآلاف من مقاتلي حزب الله وكذا قوة روسية مهمة، كما أن روسيا تدير عمليا جزءا من القتال، ولاسيما في تركيز الهجمات ضد داعش”.

ورأى “أن النشاط الروسي وكذا الأميركي أوقف مؤخرا الانتشار الجغرافي لـداعش الذي تكبد بالتوازي انخفاضا بعشرات في المئة في قدرته الاقتصادية أيضا”، موضحا أن "السبب المركزي في ذلك هو الضربة للبنى التحتية النفطية، ولكن أيضا الانخفاض في المداخيل من الضرائب كنتيجة لقلة السكان في المناطق التي تحت سيطرته، واستمراراً لذلك يتبين انخفاض ما في وتيرة تجنيد المقاتلين الجدد لصفوف داعش، الذي يعيش الآن في دائرة مغلقة فالخسائر الاقليمية والمالية تقلص الهالة بأنه وحده كتنظيم ثوري لا يهزم، وبالضرورة تخفض هذه الدافعية للخدمة والتجند في صفوفه.

داعش وإسرائيل

وأضاف “لقد أدى هذا الضغط في سورية وفي العراق، على ما يبدو، للعمليات الأخيرة في أوروبا كجزء من جهود التنظيم للإبقاء على الزخم”، مشيرًا إلى أن التقدير هو أن مثل هذه المحاولات ستستمر أيضا على خلفية إنضاج القدرات العملياتية.

ونبه “لكن الاستخبارات لا تلاحظ في هذه اللحظة تركيزا لجهود داعش على اليهود أو على الإسرائيليين، كما أن احتمالات العمليات المباشرة ضد إسرائيل – من حدود هضبة الجولان – متدنية نسبيا، ليس لنقص الدافعية بل بسبب مصالح أولى فصراعات السيطرة في هضبة الجولان حيال مجموعات أخرى، حيث لدى داعش وكذا جبهة النصرة قدرة ووسائل قتالية مناسبة لتنفيذ العمليات عبر الجدار لكن تصريحاتهم لا تشهد في هذه اللحظة على النية للتركيز على إسرائيل بل على محاولة توسيع سيطرتهم في الأراضي السورية”.

وبين أن الغرب قلق مؤخرًا من ترسخ وضع داعش في ليبيا لدرجة امكانية أن يسيطر على أجزاء واسعة في الدولة وبالأساس على ذخائرها الاقتصادية مع التشديد على النفط، فالقرب الجغرافي من أوروبا متداخلا مع كمية وتنوع الوسائل القتالية في الدولة كفيل بأن يؤدي لعمل عسكري قريب في ليبيا بهدف الامتناع عن تكرار السابقة العراقية–السورية في إقامة دولة داعش جديدة.

وحسب تقديرات الضابط الإسرائيلي "بينما تلوح ليبيا بأنها التحدي التالي، فإن ضعف داعش في قاعدته الحالية يفترض لأول مرة امكانية عملية بأن يهزم دون تواجد عسكري أجنبي على الأرض، موضحاً أن واحتلال تدمر هو مثال بارز على ذلك.

ولفت إلى أن التحدي التالي سيكون القتال ضد مركزيه الآخرين – الرقة في سورية والموصل في العراق، مضيفا “فضلا عن ذلك سيجد داعش صعوبة في أن يعود الى التوسع، وتوسيع الضربة له سيزيد ايضا احتمال تحقيق تسوية تنهي القتال في سورية، واستمراراً لذلك وهذا تغيير أيضاً من الواضح أن داعش لن يسيطر على سورية، ولكن إيران هي الأخرى لن تسيطر”.

ونبه الضابط إلى أن التطلع الإسرائيلي للتعطيل التام للتدخل الإيراني في سورية يلوح بأنه غير واقعي، مستدركًا “لكن في كل تسوية مستقبلية ستطلب إسرائيل التقليص قدر الإمكان لمسارات نقل الوسائل القتالية من إيران (عبر سورية) إلى حزب الله”.

وأشار إلى أن التأخير قدر الإمكان من إعادة بناء الجيش السوري الذي تآكل جداً في السنوات الخمس من الحرب الاهلية، وإيجاد آلية تضمن الهدوء في هضبة الجولان، الممزقة الآن بين جملة محافل، ما من شأنه أن يجعل تحقيق الاستقرار فيها صعبًا.

حزب الله

فيما تحدث الضابط “ش” رئيس الساحة اللبنانية أن حزب الله اللبناني دفع في الحرب الجارية في سوريا ثمنا باهظا أكثر مما كان معروفا حتى الآن فقتل 1.300 قتيل، وجرح منه نحو 10 آلاف.

وأضاف “رغم هذه الأعداد يواصل التنظيم التدخل عميقا في مساعدة قوات الاسد في الحرب في سورية؛ فهناك نحو 7 آلاف مقاتل من حزب الله يشاركون في الحرب، والعلامة العملياتية التي تعطى لهم عالية فقد انتصروا في معظم المعارك التي شاركوا فيها”.

وذكر أن الحرب في سورية وضعت حزب الله في الجانب “الصحيح”-كما يقول- فلأول مرة حقاً أصبح درع لبنان، فقد اعطى للتنظيم ما لم يكن له في الماضي أيضا التجربة القتالية المهمة في أطر كبيرة، بما في ذلك استخدام وسائل متطورة كالطائرات غير المأهولة، ومن جهة أخرى وضعت له أثقالاً جسيمة على الرقبة فنفقاته ارتفعت جداً في أعقاب القتال كنتيجة للحاجة لدفع علاوات للمقاتلين، وتمويل الجرحى وعائلات القتلى.

لا مصلحة بمواجهة واسعة

وبحسب الضابط “ش” فإن “هذا العبء وقع بالتوازي مع تقليص 10 – 15 % من ميزانيته، نتيجة الضائقة الاقتصادية في إيران، ويبدو ضرره واضحًا أساساً في الإنفاق الجاري، وبقدر أقل في التعاظم فرغم القتال والخسائر ورغم التقليصات يحافظ الحزب بعناية على مبنى قوته العسكرية استعدادا للمواجهة مع إسرائيل”.

وأوضح أنه بعد سنوات استثمر فيها أساساً بالكميات (الصواريخ) يركز حزب الله الآن على النوعية من صواريخ للمدى البعيد دقيقة ومع رأس متفجر كبير يضمن ضررًا أقصى، معتبراً أن هذا يستهدف السماح له بجباية ثمة كبير من “إسرائيل” في الحرب التالية، وبالمقابل ردعها من الدخول لحرب كهذه لعلمها بالثمن الذي ستدفعه.

وأضاف “يجمل حزب الله لنفسه بإيجابية العقد الذي انتهى منذ حرب لبنان الثانية، فقد نما وتعاظم، وبنظرته يردع إسرائيل بعد سنوات من التجلد على جملة الأعمال المنسوبة لإسرائيل عاد ليرد على ما يعتبره مساً بذخائره أو بمكانته، ومع أنه مستعد لأن يمتص الضربات شريطة ألا يحرج ففي اللحظة التي تنشر فيها الأمور وتتضرر مكانته يضطر للرد بل ومستعد لأخذ المخاطر، وهو يفعل ذلك رغم أن لا مصلحة له في مواجهة واسعة مع إسرائيل”.

وتابع الضابط الإسرائيلي “وعليه فحزب الله يحرص على أن يكون رده في إطار (قواعد اللعب) في هار دوف ضد أهداف عسكرية”، مستدركا “لكن التخوف هو أن يؤدي تواصل الضربات المتبادلة الى دينامية تصعيدية وفقدان السيطرة وتدهور الوضع في الشمال”.

وبين أنه في السنة الماضية كان يخيل أن مثل هذا التصعيد سيأتي بالذات من هضبة الجولان، حيث حاول حزب الله اقامة قاعدة متقدمة تسمح له بتنفيذ العمليات ضد “إسرائيل” من غير الحدود اللبنانية.

وكشف أن “الضربة للشبكات وقادتها التي نسبت لإسرائيل أدت لاجتثاث الجهد”، مستدركا "صحيح حتى اليوم أنه يوجد انشغال أقل من حزب الله وإيران في هضبة الجولان وإن كان الواقع كفيلا بان يتغير بسرعة.

وأعلن الضابط “ش” عما وصفه ب“بشرى” أخرى ترتبط بجهود حزب الله لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أرجاء العالم.

وبحسب الضابط “فبعد سنوات من النشاط المشترك مع الإيرانيين (ذروته في عملية بورغاس عام 2012) يمتنع التنظيم الآن عن الهجمات في أرجاء العالم، ورغبته الواضحة هي أن يثبت نفسه في الرحاب السياسي في لبنان وكجزء من الحكم الشرعي في نظر العالم، ويخشى من أن تصوره عمليات في الخارج كتوأم لداعش”، وفق ضابط الاستخبارات الإسرائيلية.

إيران التهديد الأكبر

وحول إيران، ذكر الضابط الإسرائيلي المختص أنه الاستخبارات الإسرائيلية لا تلاحظ أن إيران تنفذ أعمالا محظورة عليها بشكل واضح، “لكنها بالتأكيد تلعب على الحدود وتناور مع ما هو مسموح لها وممنوع عنها”.

وأضاف “المثال على ذلك كان حيازة كمية أكبر من المسموح لها من المياه الثقيلة، والتخلي عن الفائض قبل وقت قصير من نشر اللجنة الدولية للطاقة الذرية تقريرها للمتابعة الدورية”.

وأوضح أنه “ومع ذلك، من الواضح أن شيئا ما مهما جدا تغير بعد الاتفاق (النووي)، فإيران عادت لتكون جزءًا من أسرة الشعوب، ومن المعقول أنها على الأقل في السنوات القريبة القادمة ستكون حذرة من أن تعرض للخطر المكاسب التي تترافق وهذه المكانة”.

وبين ضابط الاستخبارات الإسرائيلية أنه “وضمن هذه الفرضيات، فإن التحدي الاستخباري للعقد القادم هو الملاحظة في الوقت المناسب للتغييرات أو للبنود التي تخرج فيها إيران عن الاتفاق، ولاسيما كي لا نستيقظ متأخرين”.

وذكر أن التقدير هو أن إيران ستمتنع عن ذلك، وستركز على إعادة بناء الاقتصاد، موضحًا “شهدت الانتخابات الأخيرة أن الشعب الإيراني يعطي تفويضا واضحا للرئيس روحاني ويؤمن بأن بوسعه أن يستخدم الاتفاق النووي لأجل الرفاه الاقتصادي، لكن خلف الزاوية - في 2017 – ستجرى الانتخابات للرئاسة، ونجاح أكبر مما ينبغي من شأنه أن يكلف روحاني كرسيه إذا ما شعر الزعيم الأعلى خامنئي بتهديد من جانبه، ونجاح أقل من شأنه أن يكلفه في الانتخابات إذا ما شعر الشعب بخيبة أمل لأن الوعود لم تتحقق (صحيح حتى اليوم النمو الاقتصادي اقل من المتوقع، وبالأساس نتيجة الانخفاض في اسعار النفط)”.

وأردف الضابط “أ” أنه “بالمناسبة فان من يسخن المحركات في الأسابيع الاخيرة ويتسلى علنا بإمكانية العودة لمركز الساحة هو الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي يحق له الآن العودة للتنافس”.

وبين أن القلق الاسرائيلي لا يتركز فقط في الموضوع النووي “فالانتقاد الأساس على الاتفاق يكمن في حقيقة أنه لا يعالج على الإطلاق المساعدة المكثفة التي تمنحها إيران لمحافل مختلفة وعلى رأسها حزب الله، وحماس والحوثيين في اليمن”.

وتابع “إلى جانب التعاظم التقليدي الإيراني الذي يوجه في قسم منه إلى مخازن المنظمات في المنطقة، وحقيقة أن الاتفاق – ولاسيما الحرب ضد داعش يضعها في معسكر الأخيار تواصل إيران الترسخ بصفتها التهديد الأكبر، حتى وإن لم يكن المباشر والفوري على أمن إسرائيل”.

مصر

وأكد ضابط الاستخبارات الإسرائيلية أن التحدي الأساس للقاهرة هو اقتصادي، بإطعام أكثر من 80 مليون نسمة كل يوم، مضيفًا “يبذل الرئيس السيسي جهودا جبارة، ناجحة في بعضها، لتحسين الاقتصاد وتعزيز النظام، وعليه فان التقديرات هي أن عوامل الاستقرار أكبر الآن من عناصر الاضطراب، ولكن هذا أيضا محدود الضمان؛ فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة ثورتين، وصبر الجمهور فيها قليل وقد ينفد مرة أخرى”.

وبين أن “التعلق المركزي لمصر اليوم هو بالسعودية، التي بقدر كبير تبقيها على الحياة من ناحية اقتصادية إلى جانب ذلك وعلى خلفية خيبة أملها الواضحة من الولايات المتحدة، فإن مصر تتسكع مع جهات أخرى بينها روسيا وفرنسا بحثًا عن مساند دبلوماسية وعسكرية محتملة للمستقبل، ورغم هذه الميول، لم تغير مصر الاتجاه الاستراتيجي، ويحتمل أن تعود مع تغيير الإدارة في واشنطن إلى الجانب الأميركي”.

وأوضح أن مصر ترى في “إسرائيل” شريكا وإن كان هادئًا “تتشارك معه المصالح فتستقر المنطقة، فللدولتين تهديد مشترك فوري مزدوج حماس في غزة وفرع داعش في سيناء الذي يستند أساسا إلى بدو محليين ويتحدى جدا الحكم بل يجبي منه ثمنا بالأرواح وبالمال، وبالأساس كنتيجة لفقدان المداخيل من السياحة”.

وذكر الضابط الإسرائيلي أن التقدير هو أن فرع “ولاية سيناء” يعد 500 – 1.000 مقاتل مسلحين جيدا (السلاح يأتي اساسا من ليبيا) وعلى خلفية التجربة القتالية التي راكموها في السنوات الأخيرة فانهم ينفذون عمليات مركبة أيضا.

ولفت إلى عمليات سابقة نفذها ضد الكيان الإسرائيلي “في العملية على طريق 12 وبإطلاق الصواريخ على إيلات”، مضيفا أما ا“ليوم فهو يركز على القوات المصرية أساسا، وتأتي إسرائيل في المرحلة التالية”.

واستدرك “مع ذلك فالخوف هو انه كلما اشتد الضغط على داعش في العراق وفي سورية، سيصعد التنظيم جهوده للعمل في ساحات أخرى في الخارج وفي المنطقة أيضا وفي مثل هذا الوضع، فإن العملية ضد إسرائيل ستعتبر انجازا مهما وهذه أيضا هي الخلفية للحفاظ على التأهب الدائم في الحدود المصرية”.

نجاح جزئي بسيناء

وأوضح أن الجيش المصري يوظف غير قليل من الجهود في حربه ضد “ولاية سيناء” لكن نجاحه جزئي جدًا، مضيفا "ينبع بعض ذلك من الابتعاد عن القاهرة بأنها ترى أن ما لا يهدد العاصمة يكون أقل الحاحًا، وقسم آخر ينبع من عدم التكيف مع القتال ضد الإرهاب.

وبين أن هذه هي الخلفية لقرار “إسرائيل” السماح لمصر بإدخال مزيد من القوات والوسائل الى سيناء انطلاقًا من الفهم بانه رغم أن هذا يعد فنيا خرقًا لاتفاق السلام إلا أن الحرب المصرية ضد “الإرهاب” تعززه عمليا.

السعودية

وذكر ضابط الاستخبارات الإسرائيلية أن السعودية ترى أن العالم ينقسم إلى اثنين من في جانب إيران، ومن ضدها، وفي هذا الأمر كل من يعمل ضد إيران بما في ذلك “إسرائيل” هو ذو مصالح مشتركة، وهكذا فإنه حليف محتمل.

وأضاف “الملك الجديد سلمان بإسناد ابنه الذي يتولى منصب وزير الدفاع يتصدر بالتوازي فكرًا فاعلاً تقود فيه السعودية علنا المعسكر السني في العالم العربي، وكجزء من ذلك بدأت السعودية تعمل في كل ساحات المعركة – في المساعدة لمصر ضد حزب الله في لبنان، وفي المشاركة في الحرب الأقلية في سورية وبالطبع ضد إيران، وبالأساس في كل ما يتعلق بتخفيض سعر النفط من أجل تأخير اعادة بناء اقتصاد طهران”.

واعتبر أن “هذا التموقع السعودي وضع إسرائيل ايضا في جانب السعودية وضدها أيضًا، معها حيال إيران وفروعها، وضدها في كل ما يتعلق بالفلسطينيين، فالحكم في الرياض ملزم بأن يدفع هذه الضريبة الكلامية ولكن من الصعب تفويت اصوات الخلفية فالتركيز على المحور الفلسطيني سيعطي إسرائيل جملة فرص غير مسبوقة في المنطقة”.

الأردن

ولفت ضابط الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن "التخوف الأساس هو من انتشار داعش في المملكة وإن كانت الخطوات الأمنية التي اتخذها حتى الآن الأردنيون نجحت في احباط التهديد.

وبين أن التحدي الموازي لحكم الملك هو الوضع الاقتصادي، فالتحدي الذي يتعاظم حيال مئات آلاف اللاجئين الذين استوعبتهم المملكة من العراق ومن سورية.

وأردف “رغم ذلك، فان الحكم في عمان مستقر، ولا يبدو في هذه اللحظة خطر عليه، ومن هنا أيضا لا يبدو أي تهديد فوري على إسرائيل من الشرق”.

تركيا

وذكر الضابط الإسرائيلي أن تركيا اجتازت في السنوات الأخيرة تحولاً من صفر نزاعات مع الدول المجاورة إلى صفر دول مجاورة ليس معها نزاع، وهذه هي خلفية جهود حكم أردوغان للتقرب مؤخرًا من السعودية، وكذا من إسرائيل بحثاً عن حلفاء جدد وأقوياء.

وأضاف “في الساحة الداخلية يواصل أردوغان توسيع نفوذه، وهو قريب من استكمال سيطرته على أجهزة الحكم في تركيا، وفي الساحة الخارجية قلقة تركيا من داعش وأكثر من ذلك من الأكراد، وبالأساس من نقص نجاحها في القتال ضدهم بنجاعة لأن الأكراد هم رعايا واضحون للأميركيين، وبصفتهم هذه فإنهم أيضا القوة البرية الأساس التي تستخدمها واشنطن في الحرب ضد داعش”.

وبحسب الضابط الإسرائيلي فإنه “في البحث عن التحالفات تخفض تركيا النبرة، وتحاول أن تعرض نفسها أكثر تصالحًا وودا؛ تجاه أوروبا وكذا إسرائيل، وكلما استمرت الحرب في سورية، وآثارها تضر بتركيا أيضا نتوقع أن نراها تخفف حدة المواقف، لكن محظور علينا أن نتشوش فأردوغان لم يغير مواقفه وخطواته ستكون مصلحية وبالتالي يجب أخذها بضمانة محدودة”.

صفا/ فلسطين المحتلة



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2177285

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار فلسطينية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2177285 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40