الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2016

موقف مطلوب من الجبهتين الشعبية والديمقراطية

الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2016 par منير شفيق

صادق “المجلس القطري للتنظيم والبناء” الصهيوني على إقامة تجمع استيطاني أسموه “عير ديفيد” (مدينة داوود) قرب جدار المسجد الأقصى على مدخل بلدة سلوان المقدسية. وتبلغ مساحته 12 ألف متر مربع ليكون نواة مدينة استيطانية يشمل، في ما يشمل، متحفاً مزوّراً لتاريخ يهودي في سلوان (لا أصل أثرياً واحداً له خرج من الحفريات). وُيراد لهذا المبنى الجديد أن يعلو على المسجد الأقصى وأن يصبح سدّاً يمنع برؤية المسجد من سلوان وجبل المكبر ورأس العامود وحي الثوري (وكلها ضواحٍ للقدس القديمة).

وبالمناسبة تتعرّض بلدة سلوان إلى غزو استيطاني منظم متواصل للاستيلاء بالقوّة، والاحتيال، على بيوت فيها وطرد سكانها منها. بل اتخذت المنظمات الاستيطانية الشهيرة فيها مراكز لها مثل جمعيات “إلعاد” و“عطيرت كوهنيم” و“عير ديفيد”.

إن قرار “المجلس القطري للتنظيم والبناء”، الذي يستهدف بناء المستوطنات في القدس والضفة الغربية ما كان له أن يتخذ هذه الخطوة بالغة الخطورة لولا سياسات السلطة الفلسطينية المتقاعسة عن دعم الانتفاضة. بل لم تزل تسعى من خلال أجهزتها الأمنية لمطاردة الانتفاضة ومحاولة إجهاضها.

فعلى الرغم من أن الانتفاضة في مستواها الحالي، ومنذ أن انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر قد فرضت تراجعاً ملحوظاً على الاستيطان، وعرقلت حركة عدد كبير من المستوطنين، وثبّت الرعب داخل الرأي العام الصهيوني، وعلى الرغم من استمرارها طوال ستة أشهر تقريباً، وإقرار أجهزة الأمن الصهيونية بعجزها عن وقفها، إلاّ أن التحرّك الأشمل في الانضمام للانتفاضة، كما هو واجب الجميع، لم يتحقق بعد. وهو ما سمح لجمعية استيطانية مثل جمعية “عير ديفيد” أن تصادق على قرار إقامة المشروع المذكور. وإذا كان التنفيذ سيظل معطلاً ما دامت الانتفاضة مستمرة فإن خطورة البدء فيه ستظل قائمة ما دام الاحتلال مستمراً.

لقد استطاع الشباب والشابات الذين واصلوا عمليات الطعن والدهس والاشتباك مع حواجز الجيش الصهيوني بالحجارة والمولوتوف والأكواع أن يشلوا الوضع الأمني، خصوصاً، بالنسبة إلى الاستيطان وحركة المستوطنين أو في الأقل أن يحدّوا بشكل ملحوظ من زخم الاستيطان ومن اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى وعلى أهالي القدس والضفة الغربية.

ولكن في المقابل يجب أن نرى، بداية، خطورة استمرار التنسيق الأمني، وقرار الرئيس محمود عباس بتحريك الأجهزة الأمنية لعرقلة نشاطات المنتفضين، فضلاً عن عناده المتمسّك، وبلا أيّ مسوّغ سياسي أو مبدئي أو منطقي أو أخلاقي، بسياسته التفاوضية الفاشلة، والتي غطت، عملياً، تهويد القدس واستشراء الاستيطان. وأفسدت روح المقاومة عند الكثيرين ممن انساقوا وراءها وظنوها بديلاً لمقاومة الاحتلال، أو توّهموا أن باستطاعتها أن تخلّص المناطق المحتلة في حزيران 1967 من الاحتلال والاستيطان. وذلك على وعد أن تحقق لهم “دولة” حتى لو كانت بمثابة “دويلة مسخ”.

نقطة الضعف هذه في الوضع الفلسطيني لا يجوز أن تستمر. وإذا كانت فتح غير قادرة على وضع حد لها، وإذا كان محمود عباس مصراً على المضيّ في طريق الانتحار الذاتي وتدمير القضية الفلسطينية، فإن على فصائل م.ت.ف الرسمية، وخصوصاً الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية أن تأخذا موقفاً حازماً ضدّ هذه السياسة التي يتبناها محمود عباس وأجهزته الأمنية، وباسم م.ت.ف التي هم من المسؤولين عنها. ولم ينفع حتى الآن ما عبّروا عنه من مواقف ترفض الاستمرار بالتنسيق الأمني ولا توافق على سياسات محمود عباس. ولكن بلا جدوى ولا نتيجة. الأمر الذي يوجب اتخاذ موقف عملي أكثر حزماً لا يترك مجالاً بأن تبقى السياسة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية هي ما يعبّر عنه رئيسها وأجهزته الأمنية وسلطة رام الله عموماً.

- هذا الموقف العملي يتمثل في أن تبادرا إلى عقد لقاء موحّد بين حماس والجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية وما أمكن من فصائل وحركات شبابية. وحبذا لو تنضم إليه فتح. ويكون موضوعه الوحيد هو الانتفاضة وتحويلها إلى انتفاضة شعبية شاملة تغلق المدن والقرى والمخيمات بالجماهير والتظاهرات، وتحيله عصياناً مدنياً شعبياً سلمياً إلى جانب ما هو جارٍ من مقاومات، ويمضي بحزم وإصرار بلا تراجع إلى أن يفرض الانسحاب وتفكيك المستوطنات من القدس والضفة الغربية وفك حصار قطاع غزة وإطلاق كل الأسرى. وبلا قيدٍ أو شرط. وهو أمر ممكن التحقيق إذا ما أدرك ما يعاني الكيان الصهيوني من نقاط ضعف، فضلاً عن موازين قوى عالمية لم تعد في مصلحته.

- هذه الاستراتيجية وحدها هي التي تستطيع إنقاذ القدس وضواحيها من التهويد والاحتلال، وتستطيع إنقاذ الضفة الغربية من الاحتلال والاستيطان وفك حصار قطاع غزة وإطلاق كل الأسرى. وهي قادرة على تحرير القدس والضفة الغربية بلا قيدٍ أو شرط.

- هذه الاستراتيجية التي تستدعيها الانتفاضة تجاوزت كل بحث حول الانقسام والمصالحة دار حول نفسه. وفتحت أفقاً جديداً للوحدة الوطنية.

- هذه الاستراتيجية وحدها هي التي ستعيد، فوراً، التفاف الجماهير والرأي العام عربياً وإسلامياً وعالمياً حول القضية الفلسطينية وكفاح شعبها. بل هي التي ستردع كل تطبيع مع العدو الصهيوني وتفرض على النظام العربي أن يتذكر بأن القدس ومسجدها الأقصى ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية تعيش تحت تهديد التهويد المستمر، ولم يعد الوضع يحتمل المماطلة ودفن الرؤوس في الرمال.

وهذا كله ليس بحاجة إلى تحضير ولا إعداد ولا إمكانات فكل ما هو مطلوب أن تؤخذ تلك الخطوة تحت هدف تصعيد الانتفاضة والتوحّد تحت رايتها المنتصرة بإذن الله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165344

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المراقب العام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165344 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010