الجمعة 25 آذار (مارس) 2016

“داعش” من صنعكم!

الجمعة 25 آذار (مارس) 2016 par رشيد ولد بوسيافة

بعيدا عن البكائية التي دخل فيها العالم، تضامنا مع ضحايا العمل الإرهابي، الذي كان مطار بروكسل مسرحا له، الذي أكد أن تنظيم داعش الإرهابي له قدرة كبيرة على اختراق التّحصينات الأمنية التي اعتمدتها أوروبا برمتها لمواجهة الخطر الإرهابي بعد عمليات باريس قبل أربعة أشهر، فإنّ هذه التّطورات هي نتيجة حتمية للمؤامرة التي أغرقت المنطقة العربية في الفوضى بفعل التّدخل السرّي والعلني للدّول الأوروبية في الشأن العربي وتحويلها إلى مستنقع من الدّماء والأشلاء المتناثرة.
كان واضحا أنّ اللّهيب المشتعل في سوريا سيطال أوروبا عاجلا أم آجلا، وأن تنظيم داعش الذي اتضح منذ البداية أنه تنظيمٌ أممي يتكون من كل الجنسيات العربية والغربية والآسياوية، بل إنّ الحضور الأوروبي فيه أقوى من الجنسيات الأخرى، إذ إن أغلب الشباب الأوروبيين الذين التحقوا بالتنظيم لم يفعلوا ذلك بسبب الظروف الاجتماعية ولا بسبب الاستبداد والتضييق على الحريات كما هي الحال في العالم العربي والإسلامي، بل فعلوا ذلك بسبب الأفكار المتطرِّفة التي وجدت بيئة مناسبة للانتشار في أوربا.

الفكرة “الجهادية” خارج فلسطين المحتلة لم تكن فكرة إسلامية بالأساس، إنما أسَّس لها مستشار الأمن الأمريكي برجينسكي نهاية السبعينيات من القرن الماضي، حينما أقنع عددا من الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية بضرورة إرسال الشباب للجهاد في أفغانستان. وهو المسعى الذي اندمجت فيه الحركات الإسلامية في العالم العربي وباركت الجهاد هناك برعاية أمريكية.

ويعيد التّاريخ نفسه في سوريا التي شهدت مواجهة مباشرة بين الجيش الرّوسي وجحافل “الجهاديين” القادمين من كل أصقاع الدّنيا في معركة تتشابه إلى حد كبير مع حرب أفغانستان، مع فارق بسيط هو أن الجيش الروسي عوَّض الجيش السّوفياتي، فضلا عن الطابع الطائفي للحرب، ما يجعلها أخطر بكثير من حرب أفغانستان.

إنّ صناعة التّطرف التي كان يتم التّحكمُ فيها من قبل أصبحت خطيرة في عصر تكنولوجيا الاتّصالات على الصّانع ذاته. وعلى الدّول الغربية التي مهّدت لتضخّم داعش وتوسّعها أنْ تواجه ما صنعته بنفسها. وهذا بالضبط ما يحدث في أوروبا منذ هجمات باريس، وتنبيه مرشّحة الرئاسة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية، هيلاري كلينتون، للمسؤولين الأمريكيين، الذي قالت فيه: “يجب تجنّب الأفعال والتّصريحات التي تعطي انطباعًا بأن البلاد في حرب مع دين بأكمله، لأنه ليس خطأ فقط، وإنما خطير أيضا”، يظهر مدى الخلل الذي كان موجودا على مستوى الخطاب الغربي إزاء الظاهرة الإرهابية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010