الجمعة 18 آذار (مارس) 2016

من هنا نبدأ ....

الجمعة 18 آذار (مارس) 2016 par رئيس التحرير

على أبواب ذكرى جديدة لمعركة الكرامة الخالدة وقفة مستحقة ، وهي المعركة التي خاضتها« قوات العاصفة» والتي هي بكينونتها جوهر ما تعنيه حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» بالترجمة الفعلية الصادقة، ومعها قوى وطنية فلسطينية صدقت أول الاختبارات الحقيقية لإرادة القتال والجهاد والاستشهاد في مواجهة العدو المحتل، وتدشين الطريق نحو تحقيق برنامج الشعب الفلسطيني الكفاحي وجوهر أهدافه استعادة الوطن السليب محرراً وتحقيق العودة التامة لشعب جرى تشريده من وطن آبائهو وأجداده عنوة وبقوة البطش والمجازر والمؤآمرات، ومع هذه الذكرى الجديدة تكون قد انقضت خمسون عاما إلا دورتين وتسجل هذه الذكرى نصف قرن تستحق معها على الأقل وقفة تأمل.

نعم صحيح أن هذه المعركة كانت على جانب كبير الأهمية في عدد من نتائجها وما جرى من مختلف الجهات والقوى الفلسطينية والعربية والدولية لتعامل مع هذه النواتج كلٌ بحسب موقع انتمائه وجهة مصلحته وحساباته القائمة بين هذين الحدين، ولكن أهم ما كانت عليه معركة الكرامة الخالدة باعتبارها تدشين طريق الحرب الشعبية ضد العدو هو الذي لم يتابع طريقه وأخذت الأمواج هذه البوابة لتبقى الافتتاح الذي لم يتابع أو الافتتاح الذي تلاه طريق متعرج طويل أفضى إلى جعله مجرّد بداية لم تتم تكملة طريقها على النحو الذي كانت عليه وعلى النحو الذي كان يجب أن تتابع عليه، وبدلا من تحقيق شروط طريق الحرب الشعبية وأسلوبها الأنجح في الكفاح المسلح والاشتباك المباشر مع العدو الصهيوني، تابعت الكرامة مجرّد مناسية واحتفال سنوي كأنموذج لم يرسّخ بنسخ محسّنة ممتابعة عنه ترسم طريقا تصاعديا.

في داخل الثورة الفلسطينية و«فتح» تحديدا وعقب هذه المعركة الخالدة تعزّز خط الثورة وخط الكفاح المسلح الذي مثّلته «قوات العاصفة» وكانت المعركة هي المحطة التي لجمت خطا آخر أراد من الانطلاقة مثلما أراد من الكرامة موقع قدم في مشهد المعادلات العربية، إنه الخط الذي استفاد لاحقا من استشهاد قادة العاصفة وأبطال معاركها وخطها الكفاحي الواضح، وبارتقاء شهداء حرب التحرير الشعبية وقادة خط الثورة في بضع سنين تلت جرآء حرب التصفية التي أعلنها العدو الصهيوني ومؤامراته التي طالت الثورة الفلسطينية في الاردن ولبنان، انطلق «الخط التوظيفي» متحرراً هذه المرة نحو مناوراته التي بدأت بالانحراف والانزياح عن خط الحرب الشعبية إلى خط حرب المناورات العربية بهدف توسيع رقعة الوجود المستعد لقوانين لعبة النظام العربي والذي تراجع عن لاءاته عقب غياب ناصر وبدء مرحلة الهرولة نحو كسر المحرمات القومية والفلسطينية.

إن منظومة تتالي الأدبيات المعلنة من نمط «البندقية تزرع والسياسة تحصد» و«فلسطين هي الرقم الصعب » في المعادلات بالمعنى الخاضع لقوانين اللعبة الاقليمية والدولية و «القرار الوطني المستقل» وانفتاح طريق الوصول لما« يسمى اليسار الصهيوني » شكّل في الواقع الأب الشرعي والأم الشرعية «للنقاط العشر وسلطتها الوطنية المقاتلة» وشكّل الأجداد الشرعيين لمدريد وأوسلو وصولا إلى ما يسمى «بالمشروع الوطني» والدويلة الرهينة والتي هي الثمرة القائمة اليوم في نهايات هذا الخط التاريخي المتعرج هبوطا والذي انفصل عن حقيقة ما عنته معركة الكرامة وما كان يجب أن تؤسس له بتضحيات أبطالها ومجاهديها من قادة «قوات العاصفة» ورجال حرب التحرير الشعبية الفلسطينية الحقيقيين، وإن المحطات الناصعة التي حاولت فيها بعض التجارب العودة إلى الأسس الناصعة والصيغ السليمة لم تكن كافية لمنع انزلاق الخط العام المندفع لتحقيق أوهام نتجت عن حسابات لا علاقة لها بمنطق الثورة ولا بقوانينها الناظمة كما في كل تجارب الثورات المنتصرة.

وإذا كان هناك من خلاصة اليوم فإنها باختصار تكمن في العودة إلى قيم وقوانين الثورة وحربها المنتصرة واهذه لعودة في الواقع ليست استنتاجا ليتم الشروع فيها اليوم بل هي نفسها التي أعلنها ياسر عرفات باستشهاده صائغا لها خطاب اعتذار وخطاب تأشير على النور في نهاية النفق الذي طالما توقعه في طريق أخرى ومواجها للعدو بعد أن وصل بنفسه لآخرها وهي التي راهن على نواتج حساباته فيها ثمراً قبل أن يتجرّعها بنفسه حنظلاً ، ولعل الانتفاضة اليوم هي أرقى أشكال التجديد والتوليد الابداعي لحرب الجماهير وكفاحها المنتصر ومن هنا يبدأ الذين يريدون« فتح» مطابقة« لفتح الانطلاقة» و«فتح الكرامة»....



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 68 / 2166090

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف مقالات رئيس التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2166090 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010