الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

عبّاس واجتراح المعجزات!!

الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010 par علي حتر

(الدول العربية بكل جيوشها وبالاتحاد السوفياتي أيام العز، وبكلنتون وبوش والرباعية وكل العالم لم ترجع «إسرائيل» إلى حدود 1967، وأبو مازن الأعزل يضع شرطه للمفاوضات : حدود 1967.. وخلال سنة!!!).

▪▪▪ بقوة من يريد تحقيق ذلك؟؟ بقوة فيّاض وعريقات وياسر عبد ربه.. أم بوعود أوباما الدائمة التراجع والتغير؟؟ أم بالإعلانات في الصحف العبرية عن «استجداء قبول الاستسلام»؟؟ أم بالحلفاء العرب المستسلمين قبله..

بعد أسبوع يساق العرب الرسميون الممزقون إلى المسلخ الرسمي لأعدائهم المتضامنين المتحالفين ضدهم.. مسلخ المفاوضات..

2010 - 1967 = 43 سنة والكيان الصهيوني يستوطن، ويبني، ويسرق المياه، ويستصلح الأراضي، ويحبك المؤامرات، ويخترق الأجهزة الرسمية العربية، ويتسلح؛ حيث تضاعفت قدراته العسكرية ضد الجيوش الرسمية مئات المرات كماً ونوعاً.. وأضعف هذه الجيوش وربما أخفى بعضها.. ومكن نفسه في مواقع الإدارات الغربية الفاعلة (أمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها).. واستولى على القدس الشرقية ويستولي عليها بقوة.. وعلى الخليل ومحيط نابلس ورام الله، وأنشأ الطرق الإلتفافية في كل مكان.. وأنشأ وما يزال ينشئ المستوطنات في مواقع استراتيجية، ويقيم المعاهدات، ويعزل الدول العربية عن بعضها عسكرياً وسيساسياً واقتصادياً، ويلعب الشطرنج ببعض القيادات العربية ويحركها كما يشاء.. إلخ.. إلخ.. وفي نفس الوقت تضاعفت أيضاً حاجاته.. فلصوص الاستيطان ازدادوا، والحاجة للأراضي الزراعية والمصانع والمياه ازدادت لها حاجته.. وجيشه أصبح بحاجة لمساحات مناورة أكبر.. إلخ..

وأعتقد أن القادة العرب ووزراءهم يقرؤون الصحف، وإن لم يقرؤوا الكتب والتحاليل السياسية.. وكل ما ذكرت وغيره موجود في الصحف.. لكنهم يتجاهلونه..

ويريد أبومازن من العدو أن يتخلى عن كل ذلك بدون مقاومة، بل بالتعهد بالقضاء على المقاومة، كما يفسر كلام ياسر عبد ربه قبل يومين حرفياً، حين ذكر الالتزام بخارطة الطريق..

الجامعة العربية التي تقوم بدور العراب، وهو أقذر دور مباشر تقوم به في تاريخها غير المشرف، تعرب عن قلقها (فقط) من التفسير «الإسرائيلي» لأسس المفاوضات..

والتفسير «الإسرائيلي» قاله نتنياهو : الإعتراف بيهودية الدولة، ولا شروط مسبقة.. وإنهاء «النزاع» بالكامل.. والأهم من ذلك كله ضمان أمن «إسرائيل».. وأن تكون الدولة الفلسطينية دولة منزوعة السلاح لا تعقد اتفاقات بدون موافقة «إسرائيلية».

ويقول اليهود عن ذلك إنه يتضمن السيطرة «الإسرائيلية» على الحدود وعلى كل الأغوار حسب التفسيرات «الإسرائيلية»..

وعملياً يرد اليهود بهدم القرى (45 قرية غير معترف بها، عدى القرى القديمة) منها (العراقيب).. ويزيلون منها حتى الخيام التي يلجأ المطرودون للإقامة فيها.. وبهدم البيوت العربية والاستيلاء عليها، وبالاعتداء على غزة، وفي القدس طرد أهلها وكانوا قد استبقوا الأحداث بقانون الطرد رقم 1650. ولا ننسى أن العدو يدرك أنه لا يوجد حكومة عربية واحدة يمكن أن تضمن السلام؛ لأنه يعرف أنه لا توجد حكومة عربية واحدة تتكلم باسم شعبها.. ولهذا يريد فرض الضمانات بقوته، وقوته لا تشمل التراجع إلى 1967 أو وقف الاستيطان..

وفي مقابلة مع «الجزيرة» قبل يومين، وفي محاولة لتبرير انتخاب المجتمع اليهودي لنتنياهو وقبوله الاستيطان، قالت هاغيت عفران من حركة «السلام الآن»، التي يعتبرها بعض دعاة التسوية حركة تقدمية، قالت : إن اليهود يريدون السلام، لكن لا يثقون بالطرف العربي؛ لأنه لا يريد السلام، ولهذا فهم يقولون إنه لا فرق بين التوقف عن الاستيطان والاستمرار به.. إنها تؤكد أن العرب هم المعتدون.. وهناك عدم الثقة لدى اليهود أن العرب يريدون السلام، ولهذا لا فرق بين البناء وعدم البناء.. ولهذا لا يوجد مبرر للتوقف عن البناء، أذكر ما قالته هاغيت عفران؛ لأنه يمثل موقف اليهود الأكثر حناناً على الضحية.. حركة «السلام الآن»..

وياسر عبد ربه كان قد سبق نتنياهو وقال قبل يومين : التزام «السلطة» بـ «خارطة الطريق».. وهو الالتزام الذي يعني القضاء على المقاومة..

عريقات يقول : إذا لم يوقفوا الاستيطان تنهار المفاوضات.. وهو يعرف أنهم لن يوقفوا الاستيطان؛ لأنهم موجودون للاستيطان.. فهو أيضاً يقول يجب أن أكون الدولة المطلوبة قابلة للحياة..

المستوطنون في الضفة يعدون بمئات الألوف، وخصوصاً حول القدس.. وخروجهم لتنفيذ شروط «أبو مازن» وعريقات وعمرو موسى، يعني شتات اليهود وإنشاء المخيمات لهم، لا أعرف أين، وإنشاء أونروا خاصة بهم.. أو تحويلهم إلى مخيم البقعة ونهر البارد وعين الحلوة وبرج البراجنة والطالبية واليرموك والرويشد، في دول الطوق، في منازل وخيام العائدين الذين ستعيدهم مفاوضات عريقات وأبو مازن، خلال سنة.. هذا إذا وافقت الحكومات المحلية..

طبعاً «رئيس دائرة المفاوضات» يرتكب زلة لسان (أعتقد شخصياً أنه لا يمكن أن يجهل أنها لصالح العدو)، حين يقول :

إن مطالب «إسرائيل» المسبقة هي سلوك تفاوضي غريب؟؟ إذ كيف تذهب إلى المفاوضات وهي تفرض النتائج سلفاً.. وهذا يعني أيضاً، أن «السلطة» لا تطلب شيئاً سلفاً.. أي أن مطالب «السلطة» حول الدولة على حدود 1967 هي أيضاً إملاءات مسبقة وغير جائزة.. وبالتالي من الواضح أن ذلك تلميح للاستعداد للتنازل عنها..

وفي معرض تجهيز العقل العربي لقبول التنازلات، والضغط على الشارع في الأرض المحتلة بشكل خاص، بالتلميح له بالجوع والفقر، جاءت تصريحات حكومة تصريف الأعمال الأطول عمراً في التاريخ، حول الأزمة المالية الخانقة، وإعلان التقشف، والاستدانة من البنوك لدفع الرواتب كمل قال وزير ماليتها (طبعاً هذا لا ينطبق على قوات دايتون وقيادات الحكومة)، وحول عدم التزام الدول المانحة بدفع المساعدات (للسلطة القابلة للحياة).. وهذه الدول (والرباعية منها وهي التي دعت للمفاوضات) تبين فعلاً كيف ستكون دولة مثل هذه قابلة للحياة، إلا إذا كانت كلمة دولة هنا تعني الحكومة وقياداتها ودائرة المفاوضات التي يرأسها عريقات..

شامير قال قبل 17 سنة في مدريد : سنجعل الفلسطينيين يفاوضون 100 عام.. مر منها حتى الآن سبعة عشر عاماً..

أما عريقات وأبو مازن فيتكلمان عن سنة واحدة، وهما الأضعف.. ولم يقولا كيف يمكن أن يحققا شيئاً في سنة واحدة.. وكما قال أحد المحللين من رام الله : «السلطة» تذهب إلى المفاوضات لتحصد الريح!!

الرباعية تقول دولة قابلة للحياة وديمقراطية.. قابلة للحياة، تعني يسمح لها بالتسول، مع تخفيف الحصار، وتزويدها ببعض المياه الملوثة، وبعض الغذاء من حين لآخر، وديمقراطية، ونحن بعد تجربة محاربة العالم الديمقراطي للقيادة المنتخبة ومحاصرتها في غزة.. وإنشاء قوات دايتون، لم نعد نعرف معنى الديمقراطية في قاموس الغرب..

أما أوباما، فقد امتازت مواقفه بالتراجع إلى الخانة التي يقف فيها نتنياهو : تنازل عن شرط وقف الاستيطان الكامل، وقبول الوقف الجزئي في الضفة فقط وتركه في القدس. ثم قبول مبدأ يهودية الدولة، وإصرار كلنتون على ذلك.. مع أن هذا يتعارض مع مبادئ الدولة الأمريكية المعلنة..

ثم مطالبة أوباما «للسلطة» بالمفاوضات المباشرة بدون شروط، مع اعتبارها أفضل الأسس لتجميد الاستيطان، بعد أن كان الكلام عن المفاوضات غير المباشرة والمشروطة بتجميد الاستيطان..

أما الدول العربية، فهي قلقة؛ لأنها ستفقد الفرصة في قبول اليهود لاستسلامها، فبعد أن تبنت وبلهجة إصرار غير معهود موقف المفاوضات غير المباشرة، عادت لتوافق اليوم على المباشرة بدون شرط..

الوحيد الذي لم يتراجع خلال كل هذه المدة.. هو نتنياهو.. ألا يقدم لنا ذلك درساً مفيداً؟؟

ليس هدف المقال تبني موقف من شكل المفاوضات، لكن هدفه أن يبين عبثيتها، وتخبط الطرف العربي فيها، وضعفه أمام قوة العدو، وتخلي رعاة الحفل وحلفاء «السلطة» والوسطاء العرب عنها.. وعدم امتلاك الطرف العربي لأي ورقة ضغط، حيث إن الورقة الوحيدة التي يملكها صاحب الحق في مثل هذه الحالات هي قوة الشعب، والشعب كما نعرف في حالتنا تخفى عنه الحقائق، ويجري تضليله والضغط عليه بالتهديد بالتجويع بدل استخدام قوته للمقاومة والضغط..

وكل ما يجري أمر طبييعي سيؤدي إلى مزيد من الانهيار والاستسلام.. في ظل نسيان الحقيقة التاريخية.. ما أخذ بالقوة لا يرجع بغير القوة.. والقوة هي المقاومة.. وليست طاولة المفاوضات.. لحصد الريح..

وعند محاولة فهم المفاوضات.. لا بد من قراءة كل العناصر مجتمعة في وقت واحد..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2165225

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165225 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010