الجمعة 4 آذار (مارس) 2016

سفارة مستباحة

علي قباجه
الجمعة 4 آذار (مارس) 2016

- علي قباجه
أعادت عملية اغتيال الأسير الفلسطيني المحرر عمر النايف الذي تمكن من الهرب من معتقلات الاحتلال في مطلع تسعينات القرن الماضي، إلى الأذهان جرائم الكيان المنظمة في دول العالم للمناضلين الرافضين لطغيانه. الاستهدافات لم تقتصر على الفلسطينيين فقط، وإنما شملت شخصيات عربية وإسلامية، وحتى أوروبية وأمريكية. والغرابة أن «الموساد» ذراع الاحتلال، صاحب السجل الأسود يمتلك مكاتب تمثيلية في بعض البلدان كبريطانيا مثلاً، مع العلم بأن هذه المؤسسة تستخدم كل فعل دنيء وتفتقر إلى الأخلاق، وتتعدى على كل المحرمات.
هذه المرة تعرض المناضل الفلسطيني عمر النايف للاغتيال على يد «الموساد» بطريقة وحشية، عمر الذي نفذ عملية مع اثنين من رفاقه قتلوا خلالها مستوطناً صهيونياً في ثمانينات القرن الماضي، وتمكن الاحتلال من اعتقاله، إلا أن ذكاءه مكنه من الفرار من قبضة سجانه واللجوء إلى إحدى الدول العربية، ومن ثم إلى بلغاريا، حيث أمضى هناك أكثر من 20 عاماً، قبل أن يتعرض لملاحقات من قبل سلطات الاحتلال التي طالبت صوفيا بتسليمه، وبالفعل استجابت وطلبت منه المثول أمام المحكمة للبت في أمره، إلا أنه لجأ إلى سفارة فلسطين طلباً للحماية، ولكن يد الغدر طالته وهو في السفارة واغتالته.
هنا مكمن الكارثة، أن يُغتال مناضل فلسطيني داخل سفارة بلاده، من دون أن توفر له الحماية المطلوبة، وهي تعي تماماً أنه ملاحق، وتغافلت عن تركيب كاميرات، أو حتى تعيين حراسة، والأنكى من ذلك، أن السفارة لم تتعرض للتخريب، ولم يظهر على بابها الرئيسي أو في الداخل أي آثار لاقتحام، وهو ما يؤشر بشكل كبير إلى أن هناك متعاوناً من الداخل ساعد على الوصول إلى الشهيد، وهذا ما أكدته عائلته، خاصة مع إلحاح السفارة على النايف مغادرتها تجنباً للإحراجات، وهذه سقطة تضاف إلى رصيد السلطة الفلسطينية التي طالما تمسكت بالتنسيق الأمني وتسليم المناضلين أو كشفهم وجعلهم عرضة ليد البطش والغطرسة.
السلطة عزمت على التحقيق، بعد أن ساقت سيلاً كبيراً من التبريرات، محاولة بذلك مواراة فشلها، أو الاختراق الكبير في صفوفها. ولكن السؤال الأهم للسلطة، أي لجنة ستشكلها وهي إلى اليوم لم تكشف عن قتلة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وقد أكدت مسبقاً أن القاتل ما زال يرتع حراً، وأنه كان من الجوقة المقربة من عرفات. وهناك الكثير من اللجان المشكلة التي لم تخرج بأي نتيجة.
«إسرائيل» قاتلة، وهذا ليس جديداً، فهي كيان غاصب عنصري، قام على أنقاض شعب، ولكن المثير للاشمئزاز هو التنسيق معه في كل شاردة وواردة، ومجاراته، والتعويل عليه وبناء آمال بأن يشارك يوماً في عملية تسوية.
عمر النايف قضى شهيداً، وهو بالتأكيد كان يتوقع ذلك، كما توقع من قبله غسان كنفاني الذي اغتيل على يد «الموساد» في بيروت، أو كمال عدوان، وكمال ناصر عضوا اللجنة المركزية «فتح»، وغيرهم الكثير.
أما في قضية النايف فلابد من تشكيل لجنة مستقلة تماماً، للتوصل إلى القتلة، ومحاسبة كل من قصر في أداء واجبه، كما أن الحكومة البلغارية يتحتم عليها تحمل المسؤولية، خاصة أنه اغتيل على أراضيها، وهي من استجابت لضغوط الاحتلال، وسعت لتسليمه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2180739

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180739 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40