الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

فكر يميني يثير التحدي

الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

في بحث نشره عالم الاجتماع الامريكي الشهير مارتن ليبست في 1975 قرر أن اساتذة الجامعات يميلون من جهة احصائية الى أن يكونوا أكثر ليبرالية وديمقراطية من الجمهور العريض ـ وأن الأساتذة في الجامعات أنفسها في مجالات الآداب والاجتماع يميلون الى أن يكونوا أقل محافظة وأكثر ليبرالية من أساتذة الجامعات في العلوم الطبيعية.

وقال روبرت مارتون، عالم الاجتماع المعروف إن العلم صورة من «الشك المنظم»، وأن هذا هو اسهامه الأكبر في ثقافة ديمقراطية فوارة. في مقابلة ذلك، يرى الشك في مجالات مثل التاريخ والاجتماع والسياسة والأدب تهديدا دائما لنظم الحكم الشمولية التي تتغذى على الخوف والأساطير والتلاعب بالرأي العام.

كانت ثقافة العلم النقدية منذ كانت القاعدة للحلف غير المكتوب بين الاكاديمية والديمقراطية، لأن الديمقراطية تقدس النظرة النقدية البحثية من قبل المواطنين نحو السلطة وممثليها في الحكومة والبرلمان. ونظام الحكم الذي تنجح فيه السلطة في التحرر من النقد العام يكون بطبيعته وجوهره مناقضا للديمقراطية.

لكن هذا غير كاف : ففي ديمقراطية سوية يتوقعون من الاكاديمية التجديد لا عرض «مواقف الشعب». إن زعم متطرفي اليمين، أن هيئة التدريس الجامعية يجب أن تمثل على نحو متناسب مواقف الجمهور، ينبع من جهل أو من نية التضليل. لا تؤدي الجماعة الاكاديمية عملها بحسب المفتاح البرلماني الذي يفترض ان يمثل جماعات الناخبين. يفترض ان تمثل جماعة باحثين ومعلمين نظريات علمية، ويختار أناسها على حسب انجازاتهم في البحث لا بناء على آرائهم في شؤون أخرى.

إن الجهد المنسق لنشطاء اليمين المتطرف، الذين تؤيدهم عناصر في الحكم وفي الكنيست، من أجل اخضاع اساتذة الجامعات والطلاب والفنانين لامتحانات الاخلاص للدولة على حسب نهجهم، ليس سوى جهد لا بقاء له من أجل جعل الصهيونية فاشية. كانت الصهيونية منذ بدايتها ائتلافا بين تيارات عقائدية متخاصمة مثل الاشتراكية والليبرالية والتنقيحية والدينية القومية وما أشبه ذلك.

لا يمكن أن تكون الصهيونية والدولة الديمقراطية قائمتين على كراهية الأخوة بين الصديقين المخلصين في نظر نفسيهما وبين الباقين أجمعين الذين يعرفونهم بأنهم خونة. يجري الأخذ بامتحانات الاخلاص العقائدية هذه بطبيعة الامر في نظم حكم شمولية. ففي روسيا السوفييتية كان الحصول على اجازة الدكتوراه حتى في العلوم الطبيعية مشروطا بالنجاح في امتحان في الماركسية، ومن الأشياء المشهورة أن روسيا اضطرت الى أن تكافح سنين طويلة فساد العلوم الذي سببه امتحانات الاخلاص العقائدية هذه.

في «إسرائيل» كان يمكن أن يكون الحوار النقدي بين اليمين واليسار بركة كبيرة على الديمقراطية. بعد سنين من السكون في اليمين المثقف كان من المتوقع ان ينمي انشاء مؤسسات مثل «معهد شليم» فكرا يمينيا يثير التحدي. للأسف الشديد، بدل الحوار النقدي خرج من منظمات اليمين ومعاهده عقائديون وطلاب يشغلون أنفسهم بفرض القطيعة ونشر نظريات التآمر وافساد قاعدة التبرعات للمؤسسات العلمية والثقافية التي لا تثبت لامتحانهم العقائدي.

يجري صراع عنيف اليوم بين اولئك الذين يحاولون السيطرة على المجال العام وتضييق حدود وعي المواطنين وبين اولئك الذين يناضلون عن مجال عام مفتوح للنقد والحوار. وهما عنصران حيويان من أجل حرية الفكر والرأي في ديمقراطيتنا.

- [**البروفسور يرون ازراحي[***] | «يديعوت» | 24 اغسطس (آب) 2010*]

[***] [**(محاضر في العلوم السياسية في الجامعة العبرية).*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2176696

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2176696 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40