الجمعة 19 شباط (فبراير) 2016

إلى الجحيم أيتها السلطة وصكوك أمريكية (2)

الجمعة 19 شباط (فبراير) 2016 par د. فايز أبو شمالة

- إلى الجحيم أيتها السلطة

السلطة التي لا تقوم بواجبها في حماية الأرض والشعب ما حاجة الشعب إليها؟ والسلطة التي لا تذرف دمعة لعذاب الشعب على الحواجز، هل سيذرف الشعب دمعة لفراقها؟ والسلطة التي تغمض عينها عن المستوطنين الذين يغتصبون أرض الضفة الغربية، هل سيحافظ عليها الشعب بعيونه؟ والسلطة التي لا تحرك ساكناً ضد الجيش الإسرائيلي الذي يقتحم المدن ويعتقل شباب الضفة الغربية، هل سيحرك الشعب أصبع قدمه دفاعاً عنها؟
إن السلطة التي لا تقف مع شعبها وقت الضيق، لن يحتاج إليها الشعب في الوسع، ولن يظل ينظر إليها بقداسة طالما نجح الصهاينة أثناء وجودها في تدنيس المسجد الأقصى وتهويده، وطالما نجح الصهاينة أثناء حضورها في مصادرة أرض الضفة الغربية، وتسريب ملكيتها إلى يد المستوطنين، وطالما نجح الأعداء في تمزيق الوطن إلى كنتونات معزولة، وسط هدوء السلطة وسكون قادتها الذي شجع العدو على ممارسة المنكر علانية ودون وجل.
لقد وصلت السلطة الفلسطينية بسلبياتها إلى المرحلة التي تفرض على الشعب الفلسطيني أن يحسم أمره، وأن لا يظل متردداً في قول كلمة حق في وجه قيادة أفرغت السلطة الفلسطينية من مضمون الكرامة الوطنية؛ التي تميز أي سلطة تحترم نفسها، لقد آن أوان التمرد على سلطة أكلت اللحم الوطني، بعد أن أذابت شحم القضية، وراحت اليوم تدق عظم الشعب كي تغذي جسدها الهزيل، وهي تستجدي حقنة تفاوضية تنعش وجودها، وتتوسل العدو لبعض اللقاءات الوهمية، وترجوا بعض المساعدات الأجنبية التي ستبقيها على قيد الحياة السياسية.
انقذوا ما يمكن انقاذه من الوطن على وجه السرعة، وذلك بالتخلص نهائياً من السلطة، وتحميل يوآب مردخاي منسق شئون المناطق المسئولية الكاملة عن حياة الناس في الضفة الغربية وغزة، وتحميله المسئولية عن حماية أمن المستوطنين، وما سينجم عن تصاعد المواجهات اليومية، لقد آن الأوان لاجتماع التنظيمات الفلسطينية والمؤسسات الشعبية والقوى الوطنية والإسلامية، والجمعيات والوجهاء والمخاتير ليعلن الجميع عن عدم حاجة الشعب إلى سلطة انتهت صلاحيتها فعلياً مع انتهاء المرحلة انتقالية سنة 1999، مع ضرورة تشكيل قيادة وطنية وإسلامية ميدانية موحدة، قادرة على وصل ما انقطع، والآخذ بيد الشعب إلى الحرية.
إن واقع الحال الفلسطيني ليقضي بأن لا تغمض التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها تنظيم حركة فتح عيونهم عن المتغيرات البائسة التي تعصف بالقضية الفلسطينية، ولاسيما بعد أن صار الحفاظ على السلطة أهم من الحفاظ على الوطن، وبعد أن صارت التضحية بمزيد من الأرض شرطاً للحفاظ على السلطة، وبعد أن تم تجاهل الأسباب التي من أجلها شكلت السلطة، والغاية من تشكيلها، فتحولت السلطة من متغير سياسي إلى ثابت وطني، لتضيع في هذه الزحمة الثوابت الوطنية، التي حشرها بعض المنتفعين من السلطة في حقائب السفر.
لقد استغل الصهاينة وجود السلطة الفلسطينية وقيادتها أحسن استغلال، بعد أن أفرغوها من مضمونها، وحرفوها عن الغرض الذي تشكلت من أجله، فحسموا بوجود السلطة عدة قضايا ما كان يقدر الجيش الإسرائيلي بكل قواته على حسمها دون وجود السلطة.
1-ـ لقد حسم الصهاينة موضوع السيطرة الأرض في الضفة الغربية، فقد صارت أرض الضفة الغربية في عهد السلطة الفلسطيية، صارت يهودية بنسبة 62%، وهذا ما أكدته كل التقارير والأبحاث التي أشارت إلى ان هذه النسبة من الأرض يعيش عليها أكثر من 700 ألف يهودي، وأقل من 70 ألف فلسطيني.
2- لقد حسم الصهاينة موضوع الدولتين الجارتين، وأعلنوا عن استحالة قيام دولة فلسطينية، ولاسيما بعد أن انضم زعيم المعسكر الصهيوني “هرتصوغ” إلى زعيم الائتلاف الحاكم “نتان ياهو” وراح يطالب بالانفصال عن الفلسطينيين بعد أن تأكد لديهم استحالة قيام دولة فلسطينية، ليكتمل المشهد مع دعوة زعيم البيت اليهودي نفتالي بنت، إلى ضم الضفة الغربية من طرف واحد، ومنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً موسعاً في مناطق، A Bوفي المقابل علينا الشروع فورا بفرض السيادة الاسرائيلية التدريجية على مناطق C واقترح أن يبدأ ذلك في منطقة غوش عصيون" .
3- لقد حسم الصهاينة موضوع السيادة، حين صارت صلاحيات رئيس السلطة أقل من صلاحات السيد كريم خلف رئيس بلدية رام الله في زمن الاحتلال الإسرائيلي، وصارت صلاحيات رئيس الوزراء أقل من صلاحيات رئيس روابط القرى السباق مصطفى دودين، ولاسيما أن الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يقوم باعتقال الشباب من داخل المدن التي تسيطر عليها السلطة، والاحتلال هو الذي يحاكم، ويزج بالعشرات في السجون، والاحتلال يقتل كما طاب لرصاصه أن يخترق، ويجرح، والاحتلال يصادر الأرض، ويقطع الأشجار، ويعطي تصاريح العمل، ويعطي أذن السفر، ويعطي بطاقة vip للشخص الأكثر وفاءً لمصالح إسرائيل، فما الذي تبقى للسلطة الفلسطينية غير تسلم الضرائب من إسرائيل، وتوزيعها على الموظفين؟
على التنظيمات الفلسطينية الوطنية أن تتبرأ من هذه الحالة، وأن تعلن للجميع بأن الأرض الفلسطينية أهم من السلطة، وأن الشعب الفلسطيني أهم من قيادته ومن رئيسه ومن رئيس وزرائه ومن كل الشخصيات التي تحمل بطاقة vip، فالشعب صاحب الأرض التي يستهدفها العدو، وهو عنوان العطاء والوفاء، وهو الذي أعلن في كل استطلاعات الرأي عن عدم حاجته إلى سلطة وهمية زائفة لم تحرر شبراً، ولم تحفظ عهداً، ولم تحم امرأة أو طفلاً.

- صكوك أمريكية مستحقة الدفع لإسرائيل

الرسائل الشخصية التي يرسلها القادة السياسيون في الغرب والشرق لقادة اليهود وأثريائهم في العالم هي صكوك مستحقة الدفع في اللحظة التي يختارها اليهود، لقد تحقق ذلك قبل 99 عاماً حين أرسل وزير خارجية بريطانيا اللورد بلفور رسالته الشخصية إلى الثري اليهودي اللورد روتشيلد في 2 نوفمبر 1917، وقال فيها: إن حكومة جلالته تنظر بعين الارتياح إلى إنشاء وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل أحسن مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية.

لقد التزمت بريطانيا العظمي بكل حرف تعهدت فيه اللورد بلفور للثري اليهودي اللورد روتشلد، فهل معنى ذلك أننا أمام التزام سياسي واقتصادي أمريكي لكل حرف تعهدت فيه مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلنتون للثري اليهودي حاييم صابان؟ حين كتبت له: إنه في حالة تولت الرئاسة الأمريكية فإنها ستقدم إلى الدولة اليهودية كل الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي اللازم من أجل القضاء على حماس، وفي حال كان الثمن 200 ألف قتيل في غزة، فلا اعتراض لها على ذلك.

رسالة هيلاري كلينتون لليهود بمثابة وعد لا يقل خطورة عن وعد بلفور، وهذه الرسالة الوعد تحمل مضامين سياسية سيستثمرها اليهود في قطاع غزة والضفة الغربية معاً، فإذا كان المسموح فيه قتل10% من مجموع سكان غزة، والمقدر عددهم 2 مليون إنسان، فمعنى ذلك أن المسموح بقتلهم في الضفة الغربية هم 300 ألف إنسان فلسطيني، وليس ما يمنع أن يكونوا أطفالاً ونساء كما جاء في رسالة هيلاري كلنتون، التي قالت بأنها ستسمح لليهود بقصف المدارس، وهذا ما أكده مسئولو حملتها الانتخابية الذين حالوا تدارك الجريمة فقالوا: إنها أخطأت في الرقم، والصحيح هو 20 ألف فلسطيني من قطاع غزة، وكأن قتل هذا العدد من الأطفال والنساء لا يعد جريمة حرب مقابل كسب الصوت اليهودي.

ورغم ان رسالة المرشحة هيلاري كلنتون إلى اليهودي حاييم صابان تكشف عن الضعف الإسرائيلي أمام المقاومة، وتفضح عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أي نصر على سكان قطاع غزة، وهي بمثابة اعتراف رسمي بفشل ثلاثة حروب إسرائيلية في قطف إنجاز عسكري مزيف، إلا أن هذه الرسالة الإرهابية تحمل في مضامينها ثلاثة معانٍ:

أولآً: أن الذي يقوم بتعيين الرؤساء في معظم دول العالم هم اليهود، وهك يوظفون المال اليهودي ووسائل الإعلام اليهودية لشراء وخداع الجماهير, وتسهيل سيطرة الحاكم الديكتاتور.

ثانياً: لا يترك اليهود شيئاً للصدفة أو ضربة الحظ، بل يخططون ويرتبون، ويتناغم العمل بين أثريائهم وقادتهم للوصول إلى هدفهم، فلا تجد تناقضاً بين عمل الملياردير الأمريكي حاييم صابان الذي يدفع باتجاه كسب المواقف الداعمة من المرشحة هيلاري كلنتون، وبين الملياردير اليهودي الأمريكي إيرفان موسكوفتش؛ الذي يدفع مليارات الدولارات الأمريكية لتعزيز الاستيطان في القدس وفرض المزيد من التهويد على أحيائها العربية.

ثالثاً، سيحرص اليهود في أمريكا على انتزاع وعد أكثر سخاءً من المرشح الجمهوري، طالما قد بدأ المزاد العلني، وتأكد للجميع أن الوصول إلى البيت الأبيض لا يمر إلا من خلال تقديم القرابين الفلسطينية على مذبح الهيكل اليهودي، ليمتد بعد ذلك بساط الحرير تحت أقدام اليهود بمزيد من السيطرة السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية على بلاد العرب.

لقد واجهت الجماهير العربية قبل 99 عاماً وعد بلفور بالمظاهرات والرفض الشعبي، ولكن مع غياب الدولة العربية المؤثرة في القرار الدولي، ولأن المؤامرة كانت أكبر من طاقة الجماهير العربية، فقد تحقيق الوعد بعد أربعين سنة، وهذا يعني أن وعد كلنتون الجديد سيتحقق في غضون أربع سنوات أو أقل، طالما قد تأكد للجميع صمت الجماهير العربية، والسكوت الفلسطيني بشقيه الرسمي والشعبي، وهذا أمر مشين بحق القضية الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني المقاوم الذي تعود على التحرك وفي أكثر من اتجاه لتصريحات أقل خطراً من رسالة كلنتون:

لما سبق، فإن على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تشرع بالتحرك السريع ضد رسالة مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلنتون، وأن تكون أولى الخطوات كالتالي:

1ـ التوجه بالشكوى إلى محكمة الجنايات الدولية ضد مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلنتون لدعوتها الصريحة إلى قتل المدنيين، ومطالبة المنظمات الإنسانية بأخذ دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان ضد مجرمي الحروب.

2ـ التوجه بطلب عقد جلسة عاجلة لوزراء خارجية الدولة العربية، لاتخاذ موقف عربي موحد ضد مرشحة الرئاسة الإرهابية التي تدعو علانية إلى قتل الأطفال والنساء، وقصف المدارس.

3ـ التوجه إلى الأمم المتحدة لتسليمها رسالة كلينتون كوديعة سياسية، مع تحميل المرشحة للرئاسة شخصياً المسئولية المباشرة عن أي جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

4ـ التواصل مع الجماهير العربية والإسلامية في أمريكا، وحثها على أخذ دورها في استنهاض البعد الإنساني لدى الشعب الأمريكي الذي بات أسيراً للمال اليهودي.

5ـ التحرك لدى المجتمعات الغربية التي تناهض العنصرية والإرهاب وتناصر الطفولة.

6- وهو الأهم، والذي يتمثل بضرورة خروج الجماهير الفلسطينية في مظاهرات صاخبة غاضبة في كل المدن الفلسطينية تنديداً برسالة هيلاري كلنتون، مع الحرص على إشراك منظمات حقوق الإنسان، وكل قوى الخير في المجتمعات الدولية .

حين زارت هيلاري كلنتون قطاع غزة، سنة 1998، وتجولت وسط مخيم جباليا، وشاهدت مأساة اللاجئين، لبست الثوب الفلسطيني المزركش، وتفاخرت فيه أمام الفضائيات، وطالبت بضرورة الحل العادل لقضية اللاجئين، في ذلك الزمن كانت أمريكا بكامل عظمتها تسعى جاهدة لاحتواء الموقف المتفجر في الضفة الغربية وغزة، على عكس هذا الزمن الفلسطيني البائس سياسياً، حيث نامت أمريكا عن أي تحرك دبلوماسي، وأغمضت إسرائيل عينيها مطمئنة، بعد أن ضمنت وجود قوى الأمن الفلسطينية القادرة على وضع اللجام في فم الجماهير الفلسطينية، والتي تجهد في إطفاء نار أي حريق يشتعل تحت أقدام الصهاينة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز ابو شمالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2165274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010