الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

المحافظون الجدد واللوبي الصهيوني يدفعون باتجاه مهاجمة إيران

الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

ثمة إرهاصات ومؤشرات عدة، تنبئ بمخططات حرب جديدة ينوي تحالف اللوبي الصهيوني، واليمين المحافظ الأمريكي، إشعال نارها، وكعادته دائماً بدأ هذا التحالف يمهد لاقتياد الفيل الأمريكي المنهك، والزج به في حربه الجديدة التي يهدف من ورائها لإضعاف أو تدمير إيران.

وفي الولايات المتحدة، بدأ بعض المستنيرين يستيقظون من سباتهم العميق ويدقون نواقيس الخطر لتنبيه الشعب الأمريكي، وتحذيره من كوارث جديدة يعتزم التحالف الخبيث تنفيذها، ويدفع المجتمع الأمريكي تكلفتها الباهظة.

على موقع «كومون دريمس»، كتب المحلل السياسي، وأستاذ تاريخ «الشرق الأوسط» وجنوب آسيا - في جامعة «ميتشيغان» - خوان كول، مقالاً تناول فيه تربص المحافظين الجدد والصهاينة بإيران، وفي مقاله المثير يقول كول إن كتلة اليهود الأثرياء الذين انشقوا عن الحزب الديمقراطي الأمريكي في الثمانينات وأصبحوا من صقور الحرب في الإدارات الجمهورية، تشكل إلى جانب شخصيات بروتستانتية بيضاء مرموقة مثل مندوب أمريكا السابق في الأمم المتحدة جون بولتون، ومدير الاستخبارات السابق جيمس وولس، زبدة التحالف اليميني الصهيوني.

ويقول كول إن هذا التحالف - الذي يضم، كما ورد آنفاً، سياسيين يهوداً أثرياء فاعلين، وشخصيات بروتستانتية بيضاء ذات ثقل سياسي واجتماعي، يتوق ويتلهف لشل مقدرات دولة ناهضة ونابضة مثل إيران.

وكعادته دائماً، ابتهج تحالف اليمين المحافظ واللوبي الصهيوني، بصعود حزبه المفضل، «الليكود» وتوليه السلطة في «إسرائيل»، ويفضل التحالف «الليكود» لأنه يراه حزباً يتسم بنزعة هجومية «عدائية» شرسة، ومع ذلك يبدو أن التحالف غير راض عن أداء رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، لأنه يعتبره متردداً وخائفاً من شن حرب على إيران.

ويرى كول أن أوباما لا يبدي اهتماماً برغبات وأقوال وأفعال اليمين المحافظ، ولم يعين إلا قلة صغيرة منهم في مناصب مؤثرة في إدارته، بعكس ما كان الوضع عليه إبان حقبة بوش، ففي عهد بوش كان المحافظون الجدد يسيطرون على ثمانية مناصب مهمة ومؤثرة، وهذا ما مكنهم من الزج بأمريكا في حروب العراق وأفغانستان.

والشعب الأمريكي الذي اكتوى بخداعهم له وتضليلاتهم وأباطيلهم التي استدرجوه بها لحربهم في العراق، لا يرغب في الاستماع لهم، ومشروعهم الرئيسي الحالي «حرب شرسة على إيران»، مشروع خائب بالنسبة للبيت الأبيض وكذلك لجنرالات الجيش ومسؤولي الاستخبارات، والأهم من ذلك الشعب نفسه الذي يعاني عطالة مزمنة، وديناً فاحشاً ناهز 13 تريليون دولار والشعب الأمريكي أصبح يدرك أن أكاذيب اليمين المحافظ وحروبه المجنونة، أسهمت في مصاعبه الاقتصادية.

ومع كل ذلك، يأبى المحافظون الجدد سحب خيار الحرب من الطاولة، ويضغطون على أوباما لكي يرضخ وينفذ مخططاتهم.

المحافظون الجدد، لديهم أصول أكبر من التي نراها على السطح، فنصف مليارديرات أمريكا الـ 400 يصطفون خلفهم، ومجمع الصناعات العسكرية العملاقة معهم، والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى من الأمريكيين البيض تناصرهم «لأنهم يضللونها بأكاذيبهم»، ولديهم أيضاً اللوبيات «الإسرائيلية» والقطاعات المهمة، من لوبيات النفط والغاز، ولذلك يجب عدم التقليل من قوة ونفوذ هؤلاء المحافظين الجدد المهووسين بالحرب.

وإشعال نيران الحرب ليس أمراً صعباً، وكل من يريد دق طبولها، عليه فقط أن يصورها كقدر محتوم وقرار صحيح لا بديل له، وعليه كذلك أن يجسد العدو كقوة عظمى تفصلها بضعة أشهر عن حيازة قنبلة نيوترونية تمكنها من تدمير العالم، ولذلك تجب مواجهة هذه القوة، ومن دون ذلك يكون العالم في خطر.

ثم ينتقل كول للحديث عن نموذج من نماذج الميديا الأمريكية المحرضة والمضللة، ويركز على الصحافي الصهيوني جيفري غولد بيرغ الذي يثير حالياً جدلاً كثيفاً في الأوساط السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة . ويقول كول، إن غولدبيرغ عندما عاد من «إسرائيل»، حيث كان يعمل ضابطاً في الجيش «الإسرائيلي» إبان الانتفاضة الفلسطينية، انخرط في الصحافة الأمريكية، وبدأ يكتب مقالات في مجلة «نيويوركر» تعمد فيها نشر فرية ارتباطات نظام صدام حسين الوثيقة مع «القاعدة»، وكان غولدبيرغ يؤكد امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وأصر على ذلك على الرغم من ظهور كم هائل من البراهين المضادة لمزاعمه.

والآن، يسعى غولدبيرغ عبر مقالاته التي يكتبها في مجلة «أتلانتيك» الأمريكية العريقة، للترويج لحرب أمريكية - و«إسرائيلية» على إيران، وهو يدعي بخبث أنه متردد إزاء هجوم تشنه أمريكا على إيران في 2010. ويقول غولدبيرغ إن شكوكه تشمل نوايا وعزم «إسرائيل» على شن هجوم بمفردها على إيران.

غولدبيرغ يدرك أن أوباما لا يريد أن يتورط في حرب مع إيران، وأن نتنياهو - على الرغم من تبجحه وتهديداته - لا يستطيع اتخاذ قرار حاسم في أمر جلل كهذا، وفي الواقع يسعى غولدبيرغ لجعل الحرب مع إيران أمراً حتمياً، إذا لم تكن الآن ففي المستقبل القريب.

ويقول كول : إن صقور الحرب على إيران، يتجاهلون مقدرات إيران الدفاعية التي قد تمكنها من احتواء الغارات «الإسرائيلية» الجوية.

ويرى كول أن أي غارة جوية على إيران ستكون عملاً أخرق، إذ لا يوجد أي دليل على حيازة إيران لبرنامج تسلح نووي.

إيران دولة كبيرة تضم 70 مليون نسمة، ولديها موارد نفطية هائلة، ولديها وسائل تمكنها من الرد على أي هجوم بطرائق فعالة ومتقنة.

ويرى كثير من المراقبين والمحللين، أن أي حرب على إيران لن تكون بأي حال من الأحوال حرباً محدودة.

وخطط أوباما التي تهدف لانسحاب منظم ودقيق من العراق، ستفسد تماماً إذا تم أي هجوم على إيران، لأن أي هجوم على إيران سيعرض القوات الأمريكية في العراق لهجمات انتقامية مكثفة «وقد تكون نتائجها فعالة للغاية، لأن الجيش الأمريكي إذا كان في وضع الانسحاب سيصبح أكثر ضعفاً وانكشافاً».

والإيرانيون يمكنهم أيضاً، إفساد مخططات وحرب الولايات المتحدة في أفغانستان التي تعاني أصلاً عثرات وصعوبات بالغة.

ويبدو أن هنالك ثلة من الكتاب والمحللين الأمريكيين - على غرار كول - باتوا أكثر وعياً بمخططات ودسائس تحالف اليمين المحافظ واللوبي الصهيوني.

فعلى الموقع نفسه الذي نشر فيه خوان كول مقاله، كتب المحلل السياسي - والضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية - راي ماكغفرن مقالاً مطولاً بعنوان : «المحافظون الجدد يهيئون الولايات المتحدة لحرب مع إيران».

وفي مقدمة مقاله، مثلما فعل كول، هاجم ماكغفرن مجلة «أتلانتيك» وكاتبها الأبرز، «الإسرائيلي» - الأمريكي جيفري غولدبيرغ، مذكراً القراء بكتابات غولدبيرغ التحريضية التي سبقت الحرب على العراق. وقال ماكغفرن إن غولدبيرغ ملأ - في 25 مارس (آذار) 2002 - صفحات مجلة «النيويوركر» بمقال عملاق فبرك فيه صلات مزعومة لصدام حسين بتنظيمات إرهابية، وحينذاك احتفت أوساط المحافظين الجدد بمقال غولدبيرغ، الذي أصبح - بعد حملة العلاقات العامة التحريضية التي قادها على العراق- صحافياً مرموقاً يشار له بالبنان، ونال جائزة رفيعة من نادي الصحافة الأجنبية على مقاله في «اليويوركر».

وفي الأسابيع الفائتة، دشن غولدبيرغ حملة علاقات عامة جديدة، استهدف بها إيران، وبالطبع تسابقت قنوات التلفزة الإخبارية الرئيسية في الولايات المتحدة على استضافته باعتباره صحافياً مشهوراً وخبيراً في الشؤون الدولية، وقبل جولته التلفزيونية وظهوره المتكرر في القنوات الإخبارية، كتب غولبيرغ مقالاً في مجلة «أتلانتيك» بعنوان : «نقطة اللاعودة» وفي ذلك المقال - الذي يشي عنوانه بمحتواه - أسهب غولدبيرغ في شرح دوافع «إسرائيل» لقصف إيران، والأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تنضم لـ «إسرائيل» وتشارك معها في الحرب على إيران.

وفي الأسبوع الفائت، استضافت قناة (M.S.N.B.C)غولدبيرغ، وفي تلك المقابلة سألته مذيعة القناة أندريا ميتشل عما إذا كان مقتنعاً بأن على «إسرائيل» أن تهاجم إيران بمفردها، وأجاب غولدبيرغ بأنه مقتنع تماماً بذلك.

وقال غولدبيرغ إنه يؤمن بأن أوباما ليس مستعداً للتعايش مع إيران نووية، ولكن السؤال الذي لا يملك له اجابة، والذي يظل مفتوحاً على كل الاحتمالات هو مدى استعداده للقيام بعمل عسكري للحيلولة دون إتمام إيران لبرنامجها النووي. وقال غولدبيرغ إنه يعتقد أن نتنياهو سيجنح لشن هجوم «إسرائيلي» منفرد وامتصاص أي آثار سلبية قد تنجم من هذا الهجوم على العلاقات بين الولايات المتحدة و«إسرائيل».

وعلى قناة الـ «سي إن إن»، اجتر غولدبيرغ حديثه ومواقفه الداعية للحرب على إيران، وقال إن مهاجمة «إسرائيل» لإيران تعتبر أمراً شبه حتمي على المدى البعيد، وحتى على المدى القريب يرى غولدبيرغ أن «إسرائيل» قد تشن الحرب على إيران قبل حلول يوليو (تموز) من العام المقبل. ويبدي ماكغفرن اندهاشه من الصعود المفاجئ لنجومية غولدبيرغ، ويطرح عدة تساؤلات حول التأثير القوي لهذه الشخصية، ويقول ماكغفرن إن غولدبيرغ أسهم بشدة في خلق وفبركة الأباطيل والأكاذيب التي كان لها أكبر الأثر في تضليل وتنويم الشعب الأمريكي واقتياده لحرب العراق، وهو يعمل الآن على تهيئة المناخ الملائم لتدشين حرب جديدة .. هذه المرة مع إيران .

وفي مقاله، عرض ماكغفرن نبذة موجزة عن هوية غولدبيرغ وسيرته الذاتية، مذكراً القراء بخلفية وجذور غولدبيرغ الصهيونية التي لا لبس فيها، فعندما كان غولدبيرغ في الولايات المتحدة، ترك الجامعة لكي يذهب لـ «إسرائيل»، «موطنه الأصلي»، ويلاحظ أن غولدبيرغ عمل في الجيش «الإسرائيلي» خلال الانتفاضة الفلسطينية، وكان يكتب في صحيفة «جيروزاليم بوست»، وبعد عودته للولايات المتحدة عمل في صحيفة «فوروارد» اليهودية اليومية، ثم عينته «النيويوركر» لكي يصبح كاتب أعمدة لها، والآن أصبح كاتب المقالات الأبرز في مجلة «أتلانتيك».

ويرى ماكغفرن أن غولدبيرغ و«الإسرائيليين» يريدون أن يقبل الشعب الأمريكي مزاعمهم وافتراضاتهم - حول عمل إيران على تصنيع أسلحة نووية - بغض النظر عن توافر أو عدم توافر براهين تعزز تلك الافتراضات والمزاعم.

ويقول ماكغفرن، إن أجهزة الإعلام الرئيسية والمحافظين الجدد - الذين ورطوا الولايات المتحدة في حرب العراق - يرددون أحاديث ونقاشات يفهم منها أن إيران طورت بالفعل أسلحة نووية. ويرى ماكغفرن أن ثمة عاملين أنقذا الولايات المتحدة من التورط في حرب جديدة، وهذان العاملان هما النزاهة والخوف، فبعد أن اتضح الدور الكبير الذي أدته أجهزة الاستخبارات الأمريكية، في فبركة المعلومات المضللة التي أدت لحرب العراق، حدثت حملة تطهير واسعة في صفوف أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وتم طرد وإبعاد معظم المسؤولين والمحللين الذين اختلقوا ذرائع حرب العراق، وأصبح كبار المسؤولين من الشخصيات المشهود لها بالنزاهة والاستقامة، ولذلك عندما طلب الكونغرس في 2007 إحاطته بموقف إيران النووي، عكفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية الـ 16 على إعداد تقرير خال من الفبركات والأباطيل، وخلص ذلك التقرير إلى أن إيران أوقفت برنامج التسلح النووي في 2003، ولكن معدو التقرير قالوا إن إيران أبقت خيار تطوير أسلحة نووية في المستقبل، «مفتوحاً».

العامل الثاني الذي يقول ماكغفرن إنه أنقذ الولايات المتحدة - حتى الآن على الأقل - من شن الحرب على إيران، هو الخوف.

فقيادات الجيش الأمريكي لا ترغب في التورط في حرب مع إيران، وقادة الجيش غير مقتنعين بدوافع الحرب مع إيران التي ستكون كلفتها باهظة ولن تكون حرباً محدودة، وهذا ما لا يعجب غولدبيرغ والمحافظين الجدد.

- *المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178996

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178996 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40