الجمعة 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

كيري وعباس ونتنياهو وتوت الفصائل....

الجمعة 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 par رئيس التحرير

تدخل انتفاضة الشباب الفلسطيني في الأرض المحتلة بعد أيام شهرها الثالث متجددة وقوية وعصية على كل الرهانات التي قالت بوئدها أو بالقدرة على احتوائها، وتأتي زيارة جون كوهين كيري وزير خارجية الامبرياليين لنتنياهو وعباس كآحر محاولة لاكتشاف وعود نتنياهو التي قدّمها لباراك أوباما قبل أسبوع وأثناء زيارته لواشنطن بأنه سيستطيع إيقافها قريبا، مستنداً في وعده إلى سببين كما قدّمهما لأوباما، الأول: أنها ضعيفة ومعزولة، والثاني أن سلطة عباس لا تريدها وهي قطعا تحاول حصارها! ويغادر كيري متبرّما من نتنياهو وعباس ومطلقا تصريحا مشبعا بمرارته الامبريالية “لا فائدة منهما....”.

حملت زيارة كيري إضافة إلى طلب كشف الحساب من نتنياهو إزاء نتيجة وعده عاملين آخرين، الأول ملف تسليح سلطة رام الله تسليحا أفضل قليلاً إن كان سيساهم هذا في قطع الطريق على الانتفاضة وإيقافها
، والثاني ملف توزيع صلاحيات سيطرة سلطة رام الله في المنطقة المعروفة سي بحسب توصيفات اتفاقية إعادة نشر قوات العدو الاحتلالية، واكتشف كيري أن كلي العرضين غير مقبولين أو غير قادرين على وقف هذه الانتفاضة، فالمسألة ليست بيد سلطة أوسلو ولا بيد أجهزة أمنها أصلاً، فإن كانت كل أجهزة أمن العدو الاحتلالية قد وقفت عاجزة عن التنبؤ فضلا عن التصرّف إزاء عمليات الانتفاضة غير المعتادة بالنسبة لها، فكيف ستفعل ذلك أجهزة سلطة رام الله التي أنهت كل وجود فعلي لفصائل المقاومة كخلايا على الأرض؟

كيري ونتنياهو مقتنعان تماما أن عباس لم يعد يملك أي سيطرة من أي نوع على الشارع الفلسطيني لعدة أسباب، أولها أن الشباب الفلسطيني قد ضاق ذرعا بسياسة انبطاحه والتي أدّت إلى استشراء الاستيطان وإلى تهويد معظم العاصمة المحتلة وإلى إعدام حتى مقومات ما كان يردّده ولا زال حول الحل التصفوي المسمى بحل الدولتين، ومن جهة أخرى فإن الفصائل الفلسطينية على أنواعها ليست هي المحرك الفعلي لهذه الانتفاضة حتى يسهل الضغط عليها أو محاولة مقايضتها بمكاسب أو تقاسمات معينة هنا وهناك، بل حتى أن مسألة ملف الانقسام في السلطة والانفصال في الجغرافيا والمناكفات إياها اختفت منذ فترة من التداول لأنها ببساطة لم تعد ذات قيمة في مشهد تسيطر عليه قوى شبابية قادرة على الفعل وخلق المسار على الأرض.

نتنياهو من جانبه أصبح مقتنعاً أيضا أنه لن يستطيع إيقاف هذه الانتفاضة بالطريقة المفضلة له والقائمة على أساس القوة ومزيد من القوة من جهة والعصا والجزرة لسلطة عباس من جهة أخرى، فهو اليوم يجلس ويعقد جلسات مطولة للبحث فيما يسميه إمكانية سقوط السلطة من جهة، ومن جهة أخرى يلجأ لعزل الخليل وبقية المدن الفلسطينية بالحواجز الشائكة، لكن الانتفاضة تضرب حتى في المعازل هذه وتواجه مع كل منطقة مهما كانت صغيرة، وعندما يقول له جنرالاته لا تفكّر حتى بما قاله لك معاونوك من ضرب غزة للتغطية على مشهد العجز هذا ، فهو يبحث عن وسيلة ما تنقذ كيانه الذي أصبح يترنّح مع هروب عشرات مستوطني الضفة إلى داخل كيانه رعبا من لظى هذه الانتفاضة.

فشلت زيارة كيري وستفشل أي زيارة أخرى قادمة، والانتفاضة السائرة إلى شهرها الثالث أصبحت أكثر قدرة على تنويع تكتيكاتها ونشر خارطة اشتباكها والاهم مفاجئة العدو دائما، هذه الانتفاضة أصبحت قادرة بوسائلها التي شاهدناها حتى الساعة على لخبطة كل الحسابات ومن كل نوع وامتلكت إرادة الفعل وفرضه على المشهد القائم، بينما في الواقع فإن لا شيئ قدمته القوى الاخرى لهذه الانتفاضة حتى الساعة سوى التحليل وخطابات التأييد ونداءات الالتحاق بمواكب الانتفاضة المشتعلة، إن عدم انتقال الانتفاضة إلى برنامج التحشييد الجماهيري هو نقطة ضعف نتيجة تخلي الفصائل والقوى الاجتماعية عن هذا الدور الذي يتوقف عليها، لكنها ليست بالقدر الذي يضعف لهيبها فيما تستطيعه هي طيلة الوقت من إبقاء الجذوة مشتعلة،والاهم القدرة على اجتراح شكل جديد وفصل جديد يعطي نفس القوة في التحشييد ويعوّض عن غيابه، وإن حدث ذلك فسوف تكون الفصائل قد فقدت آخر أوراق توتها في الضفة المحتلة....



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 99 / 2165476

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف مقالات رئيس التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165476 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010