السبت 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

الصورة التي بحثت عنها إسرائيل

السبت 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 par برهوم جرايسي

رافق قرار الحكومة الإسرائيلية الاستبدادي بحظر نشاط الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، الكثير من الجدل الإسرائيلي الداخلي. ونستطيع القول، إنه تم كشف الكثير من الأوراق التي تؤكد أن وراء هذا القرار غايات سياسية استثمارية، ليس فقط لليمين الصهيوني المتطرف، وإنما لمجمل السياسة الإسرائيلية. كما أن التوقيت بالذات، أرادت منه إسرائيل الظهور وكأنها في السياق العالمي لـ“محاربة الإرهاب”، في حين أن سياستها واحتلالها هما الإرهاب بعينه.
وهذا هو القرار الثاني الذي تصدره إسرائيل بحظر نشاط حركة فاعلة بين فلسطينيي الـ48؛ فقد أصدرت قرارا كهذا في العام 1965، إبان الحكم العسكري، ضد حركة “الأرض” ذات الطابع القومي، والتي أرادت المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، فتم رفض طلبها، وصدر قرار بحظر نشاطها. ثم ظهر امتدادها لاحقا من خلال حركة “أبناء البلد” في مطلع سنوات السبعينيات، وهي إطار ناشط حتى يومنا هذا.
ولوّحت إسرائيل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، مرارا، بنيتها إخراج هذا الجناح (الشمالي) من الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ رائد صلاح. وتصمه بما تسميه “إرهابا”، مستغلة الأجواء العالمية، في ظل تنامي الحركات الأصولية المتطرفة. واللافت أنه كما كان قبل سنوات، فإن الأمر اليوم، أن جهاز المخابرات العامة “الشاباك”، أبلغ حكومته بأنه ليس لديه ما يربط هذه الحركة بما تسميه “إرهابا”. وهذا نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأسبوعين الماضيين. إلا أن أجندة بنيامين نتنياهو مختلفة تماما؛ فهو يسعى، كسابقيه في منصبه، إلى وضع إسرائيل في خانة “الضحية”، وليس أنها مصدر للإرهاب بعينه. وقد أصر على إصدار القرار قبل أسبوعين وبقي طي الكتمان؛ إذ طلب نتنياهو تأجيل التنفيذ إلى حين عودته من الولايات المتحدة، “كي لا يواجه انتقادات هناك”. ولا ندري من الذي سينتقده في واشنطن على قرار كهذا؟!
وسارع نتنياهو إلى تنفيذ القرار يوم الثلاثاء الماضي، مستغلا الأجواء العالمية في أعقاب الاعتداءات الإرهابية في بيروت وفرنسا وسيناء وغيرها. وبعث بمئات العناصر من عساكره لتغزو مقرات الحركة الإسلامية ومؤسساتها وبيوت قادتها قبل بزوغ الفجر، مع الكثير من الكاميرات، لتنشر تلك الصور، بموازاة انتشار صور هجوم قوات الأمن في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، على بيوت يشتبه بأنها تؤوي إرهابيين. بمعنى أن نتنياهو لم يسع فقط إلى تنفيذ قرار عنصري استبدادي، موجه ضد كل فلسطينيي 48، وإنما يريد منه أيضا، بث رسالة مزيفة، مفادها أن إسرائيل “تكافح الإرهاب”.
ولكن القرار أخطر مما يسعى إليه نتنياهو إعلاميا وعالميا. فهذا قرار يندرج ضمن محاولات إسرائيل تجريم نضال فلسطينيي 48 ضد سياسة الاضطهاد والتمييز القومي العنصري. وهذه العنصرية الصهيونية التي استهدفت اليوم هذا الجناح من الحركة الاسلامية، لن تتوقف عنده. وهذا النهج لم يظهر الآن فجأة، بل هو قائم منذ النكبة وحتى يومنا هذا بأساليب عديدة. فعلى مدى عشرات السنين، تم الزج بالآلاف من فلسطينيي 48 في السجون، ولوحق الناشطون السياسيون طيلة الوقت. وعذابات سنوات الخمسينيات والستينيات إبان الحكم العسكري الذي فرض على فلسطينيي 48، لم تدوّن في كتب التاريخ كما يجب للأسف. وكان الحرمان من العمل، كعقاب على النشاط السياسي، واحدا من أشرس الأساليب.
وفي السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل الملاحقات للناشطين والقيادات السياسية. فالشيخ صلاح ذاته ينتظر حكما جديدا بالسجن لمدة 11 شهرا بسبب خطبة جمعة، وقد قبع في السابق مرتين في السجون. ويقبع حاليا في السجن لمدة عام، عضو الكنيست السابق سعيد نفاع، بسبب زيارته إلى سورية العام 2007، حينما كان نائبا. وقبل بضعة أشهر، انتهت محاكمة النائب السابق، ومن بات اليوم رئيسا للجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، محمد بركة، وقد استمرت 5 سنوات، في أربع تهم تتعلق بالتصدي لجنود الاحتلال وشرطته، والقائمة تطول.
المعركة ضد القرار الاستبدادي بحظر نشاط “الحركة الإسلامية الشمالية” قد بدأت، وستتخذ عدة مسارات في المرحلة القريبة. وليس واضحا كيف ستنتهي، لكن ما هو واضح لفلسطينيي 48، هو أن هذا القرار فاتحة لمرحلة جديدة خطيرة من العنصرية الصهيونية الشرسة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2177335

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع برهوم جرايسي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2177335 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40