الاثنين 23 آب (أغسطس) 2010

العبثية والحقارة و«فيشي» فلسطين

الاثنين 23 آب (أغسطس) 2010 par جمال الشواهين

الذين وصفوا صواريخ المقاومة بالعبثية يذهبون الآن إلى جولة جديدة من المفاوضات المباشرة التي تعقد في واشنطن، وهذه بعد عديد من الجولات التفاوضية التي انطلقت عقب اتفاق أوسلو، وكانت كلها عقيمة جداً لجهة الجانب الفلسطيني الذي لم يحقق عبرها أي إنجاز في مسار استعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، في حين كانت مفاوضات منتجة جداً وبامتياز للجانب «الإسرائيلي» الذي استمر من خلالها في مراكمة الإنجازات، وهو يستعد الآن لحصد المزيد منها، دون أن يكون في الأفق ما يشير إلى وجود فرص من أي نوع لإنتاج أي إنجاز فلسطيني، الذي جرب المفاوضات في محطات عديدة، لم تبدأ من كامب ديفيد وطابا وشرم الشيخ والقاهرة، ولم تنتهِ بتلك التي عقدت في القدس بمنزل إيهود أولمرت، وكانت كلها بظروف أفضل بكثير مما هي عليه الآن، فما المتوقع منها الآن، وفي ظروف محاطة بالسوء.

والأمر على حاله مدعاة للتساؤل فيما إذا كانت صواريخ المقاومة هي العبثية، أم أنها المفاوضات العقيمة التي ليس منها سوى تقديم التنازلات تلو الأخرى، وعرض الاستعدادات لممارسة الأدوار الأمنية، وهذه الآن الأكثر أهمية بالنسبة لنتنياهو الذي قرر صراحة أنه ذاهب إلى واشنطن من أجلها، وفرض المزيد منها على «سلطة رام الله».

بعد وصف صواريخ المقاومة بالعبثية اندفع هذا الفريق لوصف إطلاقها ضد العدو «الإسرائيلي» بالعمليات الحقيرة، وهذا الوصف المشين لم يفض إلى تلقي أي ثمن مقابله، وظل يقدم مجاناً من حساب الحقوق الفلسطينية، ما يشي إلى وجود أثمان أخرى يجري حصدها سراً، وهي لأنها كذلك، فإنها لا بد وأن تكون هي الحقارة نفسها وبجدارة أيضاً.

المفاوضات العقيمة هي العبثية، والتنازلات المستمرة هي الحقيرة، وإن كان هناك من يختلف على ذلك، فليقل للشعب الفلسطيني عما في جعبته بعد عقدين من المفاوضات والتنازلات، وعن الذي سيحققه في مفاوضات واشنطن، وفيما إذا كان قادراً على تقديم أي وعد له.

مفاوضات واشنطن الجديدة ستجري في إطار ضمانات كاملة للجانب «الإسرائيلي»، الذي سيستمر في بناء وتوسعة المستوطنات ومصادرة الأراضي، وعمليات القتل والتدمير والاعتقال، ودون أن يتوقف عن تهويد القدس وتهديد المقدسات فيها، وطرد سكانها العرب منها، وهدم المنازل فيها دون هوادة، وما دامت كل هذه الجرائم مستمرة دون توقف، إن كان في ظل وجود مفاوضات أو توقفها، فإن العبثية لا تعود كافية لوصف المفاوضات، أو أن نعتها بالحقيرة يفي بحقها كما ينبغي، خصوصاً أن هناك ما هو أكثر وأقذر من ذلك لوصف الحال، وحقيقة المفاوضات التي تجري بمذكرات جلب.

الذاهبون لواشنطن من «فريق سلطة رام الله»، يدركون أنهم لا يمثلون حركة «حماس» وجماهيرها، ولا حركة «الجهاد» ومناصريها، ولا أياً من فصائل المقاومة أو الشخصيات والمؤسسات الوطنية الرافضة للتنازلات، والمصرة على استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وهؤلاء بمجموعهم هم الغالبية العظمى من الشعب، أو أنهم كله بشكل أو آخر.

ويكفي أن أول انتخابات فلسطينية شاركت فيها قوى المقاومة دفعت بهم إلى تمثيل الغالبية العظمى من الشعب، ما يعني أن «فريق رام الله» إنما يفاوض باسم الأقلية في أحسن حالاته، علماً أنه ما عاد يمثل حتى ذلك، بقدر ما يمثل نفسه فقط.

ليس غائباً عن «الإسرائيليين» حقائق التمثيل في صفوف الشعب الفلسطيني، وذات الأمر بالنسبة للجهات الراعية، وهم مع ذلك يندفعون للتفاوض دون اكتراث لها، ودون اعتبار لحقيقة الشرعية الفلسطينية على الأرض، أو أن «حكومة عبّاس» إنما هي حكومة «فيشي» فلسطين تماماً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165864

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165864 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010